توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العناد

  مصر اليوم -

العناد

بقلم: ريهام فؤاد الحداد

العناد هو الإصرار على الرأى أو الموقف والتمسك به، والمغالاة فى رفض (الرأى أو الموقف الآخر)، هو المعارضة والمخالفة والمقاومة الشديدة. بعكس الطاعة أو الموافقة والمسايرة.

نطلق كلمة «عنيد» أحياناً بالمدح وأحياناً أخرى ذماً وتأنيباً ومعايبة على المتصف به. يكون معنى الصفة سلبياً إذا ما اقترن بالمكابرة والتشبث بالرأى لمجرد المخالفة، أو إشقاء وتعذيب الآخر وإرهاقه، ويكون إيجابياً إذا ما ارتبط بالمثابرة والعزيمة وقهر المستحيل والصعاب.

اتخذته العرب اسماً علماً «عنود» دلالة على الشموخ والكرامة والإباء، وعدم الخنوع أو الضعف أو الاستسلام، إذاً، فاللفظ حمّال أوجهٍ والمعنى يختلف، بحسب المواقف والأشخاص والطباع.

يكون العناد سيئاً للغاية إذا ما كان إصراراً على المخالفة فى المطلق (خالف تُعرف)، والانشقاق عن الطريق أو عن السياق العام، والتى يتبعها المكابرة والاعتزاز بالرأى وإن كان مخالفاً للمنطق والأدلة.

لكن ما الذى يدفع الشخص للعناد والمجادلة؟ ما الذى يخلق هذه الروح الرافضة والمتعنتة، وما سبب ذاك التشبث بالرأى وعدم إعطاء الفرصة للذات بالفهم والتعاطى مع الفكر الآخر ومراجعة الذات والرجوع عن الموقف إذا ظهر للعنيد أنه قد جانبه الصواب، أو ابتعد عن الحقيقة، أو أن الأمر قد التبس عليه مثلاً!!

العناد صفة وطبع إنسانى، لكنه يزداد ويقل مع الإنسان بحسب التنشئة والظروف المحيطة وطريقة التربية. معظم خصال الإنسان تترسخ أو تنشأ مع الطفولة الأولى، والطفل يعاند إذا ما شعر بالاستفزاز وبعدم الارتياح أو الغضب، ولا يأتى هذا من فراغ أبداً، فربما نشأ فى أجواء محتقنة يكثر بها الخلاف وعدم السلام والوئام! وربما كان شعوراً بعدم الأمان أو الاطمئنان أو الخوف فكان حينها يستخدم العناد سلاحاً للرفض والمقاومة لكل ما يخيفه حتى إن كانت تعليمات أو تحذيرات تحميه، (إلا أن غضبه يصم أذنيه عن الاستماع، ويمنع عقله عن الاستيعاب). من الممكن أيضاً أن ينشأ الطفل مهمَلاً لا يلحظه أحد من أفراد الأسرة أو أصدقاء الدراسة، فيلجأ للعند للفت الانتباه والتعبير عن الوجود، ويكون العناد أحياناً بسبب عدم الثقة بالنفس، وعدم الثقة بالآخرين.

من الصعب أن تجد حكيماً عاقلاً و«يكون عنيداً»، فالحكمة والعند لا يجتمعان، يرتبط العناد وصاحبه غالباً بالانغلاق وبالخوف من قوة وحجة الفكر الآخر أو المقابل. العنيد يخشى الاستماع وفهم الآخر (لأنه يجد فى المخالفة إثباتاً للذات وانتصاراً)، وتكون غالباً هذه الذات ضعيفة الحجة والبرهان ومفتقرة إلى المنطق أو الدليل وإلا ما تشبث بالرأى وتعنت وانتهج العنف.

وتقف كلمة «عنيد» بين شجاع مثابر، يعاند الصعاب ويواجه التحديات، وبين آخر مبالغ بالمواجهة حد الرفض والعنف وإزعاج الآخرين، بين طفل مدلل يطرق الأرض غضباً وتململاً، رافضاً لأى توجيه أو أمر، وبين كبير يرى أن فى عناده إثباتاً لوجوده.

بكل الأحوال العناد أمر غير محبب ويوصل لصراعات وخلافات، يمكن أن تُحل بالتفاهم وبالمناقشة العادلة «التى يغلب عليها المنطق والمعلومة والدليل» لإيجاد حلول وسط تريح الجميع وتمنع الاستمرار بالعناد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العناد العناد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon