توقيت القاهرة المحلي 10:44:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رابعه العدوية والعشق الإلهي

  مصر اليوم -

رابعه العدوية والعشق الإلهي

بقلم : ريهام فؤاد الحداد

 رابعه فتاة فقيرة, لم يجد اَهلها ما يمكن ان تلف به عند ولادها، من فرط البؤس ، و الفقر و العوز، كانت الرابعه في الترتيب بين اخواتها الأخريات ، مات ابوها و أمها و شردت الفتيات الصغيرات ، كان مصير الرابعه ، ان اصبحت أمة لأحد الاثرياء ، فقد بيعت في سوق النخاسه ، لقاء دراهم معدودات ، كان المكان في البصرة العراقية و الزمان في السنه الثلاث و التسعون هجرية .

رابعه كانت جميله الشكل ، عذبة الصوت ، و قد استغل سيدها هذه الصفات ،لاحياء ليال طربيه، فهي أمة تؤمر فتنفذ ، و ما عسى الفتاة الفقيرة الأسيرة، المملوكة تفعل ! و هي لا تملك من امرها شيئا .

لكن رابعه ، كان بها شي خاص جدا ، لقد كان الله بقلبها طيلة الوقت ، و قد شعرت هي بهذا القرب ، لم تبدأ حياتها ، عابدة متبتلة زاهده، و لكنها كانت دائما تشعر بذاك القرب ، تَرَى الله و تحدثه ، تبث له شكواها و اساها و تعلم انه يراها ، و كلما قست عليها الحياة كلما ، ركضت صوبه هو ، و اقتربت منه هو .

ذاقت رابعه، ذُل الفقر، وهوانه و حرمانه ، فكانت حزينة الفؤاد عليلة الروح ، لكن كانت دائما ، تملك الأمل في كرم الله و عطاءه ، ففي الحزن وجدته هو ، و في الضيق ، كان بقربها ، و في الالم ، كان يسمع بكاءها .

أتت مع الأسر و السبي ، حياة الترف و الدلال ، قصور و طعام و عطور ، و دلال و حرير و مرح و لهو و سرور ، و ما سعد حينها قلب رابعه، بل ظلت في الحزن قابعه ، تتعذب و تألم ، فما تبحث عنه و يرضي روحها ليس في القصور !!!

هذه المرة ايضا كان ربها بقربها، يسمع شكواها و نحيبها ، و هنا بدأت رابعه تتيقن من ان حبيبها و عشقها الحقيقي، هو قرب و رحمة و عطف ربها ،فحبها لله حب من نوع خاص ، فالله سبحانه حبيب فريد ليس يتفوق عليه احد ، هو يعطي و يجزل العطاء و لا ينتظر جزاءا و لا شكورا ، هو الغني غنا مطلقا ، حنان ،منان ، ليس هناك من هو اكثر اشفاقا منه ، يعطي و لا يأخذ ، و ان حرمك من شي ابدلك بخير منه ،هو حبيب فريد، ليس كمثله شي ، ترى ايوجد في هذا الكون حبيب بهذه الصفات !!! هو لا يغدر و لا يخلف وعدا ، لا يمرض و لا يموت ، لا يزول و لا ينتهي ، لا يتغير و لا يتبدل و ابدا و دائما هو قريب اقرب من حبل الوريد.

تدرك رابعه ،مرادها و املها اخيرا ، انه رضى الحبيب و القرب منه ، و السعي لرويته ، في العالم الابدي الاخر، انه رب الأرباب ، و أغلى الأحباب ، هو الله و ذات الله ، و جمال الله ، و بهاء الله ، و رحمة الله ، و رفقه و عطفه ، ان رضاه هو المنى و حلم الأحلام و السعادة المطلقه ، كان الله بقلب رابعه و بهذا كان دائما معها .

و في يوم من الأيام ، تصلي رابعه ، كعادتها و تتبتل الى الله ، و تشكو له من ضيق فرصها في الانقطاع لعبادته ، لانها جارية ، لدى سيد يجبرها على ما لا تحب ، و يسمعها سيد القصر من خلف الباب و يتاثر من كونها مجبرة على ما لا تريد و يخيرها في البقاء معززة مكرمة ، دون ان يطلب منها اي شي ، او الرحيل ان ارادت، فتختار رابعه الرحيل ، و تعود الى حياة الأكواخ و تتقشف و تترك رغد العيش ، و طيب الدنيا و تزهد في النعيم ، و تتفرغ للعبادة و الصلاة ، تقربا من الله و حب الله ، لتنال هي الاخرى حبه و رضاه.

كلنا يحب الله ، و يرجو رضاه ، و لكن ترى من منا أحباء الله ، ان الله اذا احب عبدا اعطاه من فيض رحماته ، و كراماته و أعطاه قوة لا تضاهيها قدرة ، و اكثر الناس تعلقا بالله ، و بحب الله هم أناس لم يجدوا في الدنيا عزاءا ، و لا في سكانها أحباءا مخلصين ، و حين علمهم بزيف الدنيا و هوانها لا يجدون منجى و لا ملجا الا طريق الله و القرب من الله فهو الخليفة في الأهل ، و الصاحب في السفر ، و ما الحياة آلا سفر من الدنيا و الى الاخره ، ان للعاشقين شئونا شتى و حالات شتى ، و سواء كنت ترى رابعه ناسكة متعبدة ، او تراها زاهدة مشردة فهي في النهايه عاشقة متفرده.

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رابعه العدوية والعشق الإلهي رابعه العدوية والعشق الإلهي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon