توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة وموقف ماكرون المتأرجح

  مصر اليوم -

غزة وموقف ماكرون المتأرجح

بقلم - محمد علي السقاف

دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى عقد مؤتمر دولي في باريس بشأن المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في قطاع غزة، بغية تناول الوضع الإنساني الحرج الذي يواجهه السكان المدنيون الفلسطينيون الذين تضرروا من جراء القصف وافتقاد التيار الكهربائي والوقود والمياه والأدوية، أثارت التساؤلات عن مغزى عقد هذا المؤتمر الإنساني، فهل الهدف منه إعادة تصحيح بوصلة الموقف الفرنسي الأولي عند اندلاع حرب غزة، وتصريحات ماكرون التي أدلى بها في أثناء زيارته لإسرائيل، والتي انتقدت بشدة؟ وهل حركة تصحيح بوصلة الموقف الفرنسي تعكس مخاوف عميقة لدى الرئيس ماكرون من احتمال خسارة سياسة فرنسا التقليدية في العالم العربي، بعدما منيت سياسته في غرب أفريقيا بنكسات متتالية؟

أليس مثيراً للاستغراب والدهشة مواقف ماكرون المتأرجحة في بعض من تصريحاته العلنية، وكأنها تسير في خط السياسة الفرنسية التقليدية من عهد الجنرال ديغول مرورا بالرئيس الاشتراكي ميتران، وما إن تستنكر وتنتقد إسرائيل ما تسميه سياسته العربية حتى يسعى إلى التراجع عنها أو تخفيف حدتها! كيف لفرنسا، الدولة النووية والعضو الدائم في مجلس الأمن، أن تكون مواقفها أدنى من دعوات إسبانيا وبلجيكا في زيارتهما الأخيرة لإسرائيل ومصر، إلى الاعتراف بدولة فلسطين، ولم يجرؤ ماكرون على التصريح بها، وما أسباب ذلك؟

بعد أحداث أكتوبر (تشرين الأول) التي نفذتها حركة «حماس» في إسرائيل تقاطرت زيارات القادة الغربيين لها - وأولهم الرئيس الأميركي جو بايدن، وأولف شولتز مستشار ألمانيا، وريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا - وآخرين للتعبير عن تضامنهم مع إسرائيل في حقها في الدفاع عن نفسها، وقيل إن الرئيس ماكرون تعمد الانتظار، وذهب بعد عدة أسابيع إلى إسرائيل وأدلى فيها بتصريحات دعا فيها في 24 أكتوبر الماضي إلى تشكيل تحالف إقليمي ودولي لمكافحة حماس، شبيه بالتحالف الدولي ضد «داعش».

وفي تقرير لصحيفة «اللوموند الفرنسية» أوضحت أن اقتراح ماكرون المذكور لقي استياء واسعا في إطار دائرة وزارة الخارجية الفرنسية ذات العلاقة بالعالم العربي، عادّة تداعيات ذلك الاقتراح ستشوه مكانة فرنسا لأعوام قادمة، وهو شبيه بمبادراته الارتجالية باقتراحه إلغاء وتخلي لبنان عن نظامه الطائفي؟

ويبدو أن الرئيس ماكرون تراجع بعدها بفترة قصيرة عن تلك التصريحات إثر زياراته للضفة الغربية والأردن ومصر ولقائه بزعمائها؛ محمود عباس، والملك حسين، والرئيس السيسي، وهي زيارات حقق الرئيس ماكرون فيها سابقة أولى على بقية الزعماء الغربيين، حيث قام على إثرها في اليوم الثاني بتحديد ثلاثة محاور بديلة لاقتراحه السابق: محاربة الإرهاب بصفة عامة، والمساعدات الإنسانية، ومبادرة إحياء المشاورات السياسية بهدف التوصل إلى «حل إقامة الدولتين»؛ ولذلك دعا إلى تنظيم مؤتمر في باريس لإغاثة غزة.

في مواجهة حملة الانتقادات التي وجهت له باتباع ازدواجية المعايير في التعامل مع الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، تحدث ماكرون في كلمته عن هدنة إنسانية، ومن ثم العمل على وقف إطلاق النار، رافضاً اتهامه بازدواجية المعايير، قائلاً «بالنسبة إلينا - نحن الذين نحمل هذه القيم الإنسانية العالمية - لا يمكن أن نكيل بمكيالين». مؤكداً في الوقت ذاته أن الحرب على الإرهاب يجب ألا تتم من دون قواعد ويجب حماية المدنيين.

وضمن مقابلة له مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أدلى الرئيس الفرنسي بتصريح قوي ومباشر قال فيه في مقابلة حصرية في قصر الإليزيه، إن إسرائيل يجب أن تتوقف عن قتل الأطفال والنساء في غزة، وإنه «لا يوجد مبرر» للقصف، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار سيفيد إسرائيل، وأضاف أنه بينما تعترف فرنسا بحق إسرائيل في حماية نفسها، فإن بلاده «تحث إسرائيل على وقف القصف» في غزة، مضيفاً أن فرنسا «تدين الأعمال الإرهابية التي تقوم بها حماس».

وجاء رد فعل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو على تلك التصريحات خلال مؤتمر صحافي بأن هذا خاطئ لجهة الوقائع، قائلا إن «المسؤولية عن الأضرار التي تلحق بالمدنيين ينبغي ألا تُنسب إلى إسرائيل، بل إلى حماس».

من جانبها، أعلنت الرئاسة الإسرائيلية أن الرئيس الفرنسي قال في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي إنه «لم يتهم إسرائيل بإيذاء المدنيين عمدا في غزة»، وإن «ماكرون أوضح أنه لم تكن لديه نية اتهام إسرائيل بتعمد إيذاء مدنيين أبرياء، في إطار الحملة ضد منظمة حماس الإرهابية». وأوضح الرئيس الفرنسي، بحسب المصدر الإسرائيلي نفسه، أن تصريحاته للإذاعة البريطانية «تتعلق بالوضع الإنساني الذي يظل قضية مهمة بالنسبة إليه وإلى كثير من الدول»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «يدعم بشكل لا لبس فيه حق إسرائيل وواجبها في الدفاع عن نفسها»، وأعرب عن دعمه الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس، وفق مصدر الرئاسة الإسرائيلية.

ما الذي يدعو رئيس أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي أن يقع في هذا التذبذب، إن لم نقل التناقض في مواقفه نحو أزمة غزة، وهو الذي ستنتهي ولايته الثانية، ولا يحق له دستوريا الترشح مجدداً للرئاسة؟ هل بسبب اعتبارات داخلية؟ وهل بالإمكان تصور تصحيح مواقفه المتأرجحة بقيامه بدعم صريح لمواقف إسبانيا وبلجيكا للاعتراف بالدولة الفلسطينية وانضمامها إلى عضوية الأمم المتحدة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة وموقف ماكرون المتأرجح غزة وموقف ماكرون المتأرجح



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon