توقيت القاهرة المحلي 05:47:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما الفارق في علاقة أوروبا والعرب بالصين؟

  مصر اليوم -

ما الفارق في علاقة أوروبا والعرب بالصين

بقلم - محمد علي السقاف

عدة محددات توضح الفارق أو الاختلاف في علاقة كل من أوروبا والعالم العربي بالصين، وسنركز على جانبين رئيسيين يمكن اختزالهما في العلاقات الجيو- سياسية، وفي الاقتصاد، والتجارة، والاستثمار.

في الجانب الجيو- سياسي تتحدد علاقة أوروبا بالصين في دائرة المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، ومخاوف أوروبا من تشكل تحالف صيني- روسي في مواجهة العالم الغربي. بينما في علاقة الدول العربية بالصين نرى فيها عكس ذلك، أنها أقرب إليها من الولايات المتحدة، لعدة عوامل وأسباب تاريخية وسياسية.

في الجانب الاقتصادي والتجارة والاستثمار، تسعى أوروبا جاهدة إلى تقليل الاعتماد -ما أمكن- على التغلغل الصيني في الاقتصادات الأوروبية، ووضع قيود على تصدير تقنياتهم واختراعاتهم إلى الجانب الصيني، بينما في الحالة العربية هي منفتحة على الاستفادة القصوى من التقنية والاختراعات الصينية، لدعم مشروعاتها الوطنية في تلك المجالات.

عند توقيع اتفاق بكين بين السعودية وإيران في أبريل (نيسان) 2023 برعاية وجهود الدبلوماسية الصينية، انتقد عدد من المراقبين غياب الدور الأوروبي في هذا الصدد؛ خصوصاً مع تراجع اهتمام الولايات المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط، وترك المجال مفتوحاً للصين لملء هذا الفراغ، بدلاً من دول الاتحاد الأوروبي.

وكان واضحاً أن الاعتداءات التي جرت في عام 2019 ضد السفن التجارية في سواحل الإمارات العربية المتحدة، وضرب المنشآت البترولية لـ«أرامكو» في السعودية، وهي هجمات وُجّهت فيها أصابع الاتهام في حينه إلى إيران أو ميليشيات مرتبطة بها، مثّل تحدياً وزعزعة لأمن دول الخليج العربية، وللملاحة الدولية في المنطقة كلها.

فكان هذا الأمر بالنسبة للصين والغرب على السواء مهماً لضمان استمرار إمدادات النفط والغاز، وعدم السماح بزعزعة أمن المنطقة.

واستشعرت فرنسا مبكراً أهمية المساهمة في تخفيف التوتر والصدام بين الأطراف العربية وإيران، وقامت بالتمهيد لذلك من خلال الدور الذي لعبته كأحد الأطراف وراء انعقاد مؤتمر بغداد «للتعاون والشراكة» الذي انعقد في أغسطس (آب) 2021 بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقد اعتُبر مؤتمر بغداد الأول من نوعه الذي جمع على طاولة واحدة أطرافاً لم تجلس معاً منذ زمن بعيد (العراق، وإيران، والكويت، وقطر، والسعودية، والأردن، ومصر، وتركيا، وفرنسا) وانضمت لاحقاً سلطنة عمان والبحرين في المؤتمر الثاني في ديسمبر (كانون الأول) 2022 الذي انعقد في الأردن.

وعلى ضوء ذلك، أكد بيان مشترك للمفوضية الأوروبية، وللبرلمان الأوروبي، والمجلس الأوروبي، الحاجة إلى إقامة شراكة استراتيجية مع دول الخليج، وتعزيز التعاون مع دول المنطقة بخاصة في مجال العلاقات الاقتصادية. وتتطلع الدول الأوروبية في ضوء تحسن مستوى العلاقات الثنائية بين الصين وفرنسا وبقية أعضاء دول الاتحاد الأوروبي بشكل عام، إلى أن تشارك في القمة التي ستعقد في بكين خلال هذا العام، والذي ستشارك فيه دول مجلس التعاون الخليجي والعراق وإيران!

قد يكون «العطش النفطي» هو الدافع مجدداً إلى الاهتمام الأوروبي بدول المنطقة بخاصة كأحد تداعيات أزمة الحرب الأوكرانية - الروسية. مع التسليم بذلك إلا أن العلاقات الصينية - العربية تتميز عن علاقات الصين بالدول الأوروبية.

أحد أوجه الاختلاف بين الحالتين يتمثل في الماضي الاستعماري لعدد من الدول الأوروبية في المنطقة العربية والشرق أوسطية، بعكس علاقاتها مع الصين.

فهي تقدم نفسها بأنها جزء من العالم الثالث، أو ما تسمى بدول الجنوب، وأنها كانت دائماً تحمل راية الدفاع عن مصالح الدول النامية وجبهات التحرير الوطنية من أجل الاستقلال.

وكانت الصين ودول الاتحاد السوفياتي سابقاً وروسيا حالياً كعضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي تقف إلى جانب مطالب الدول النامية من أجل التحول من أحادية القطب إلى تعددية الأقطاب في العلاقات الدولية.

ومن نافلة القول، إن الدعم الصيني والروسي لهذه التوجهات ومطالب التغيير، يتفق مع مصالحهما الذاتية أيضاً. ولا شك في أن إصلاح عضوية مجلس الأمن الدولي الذي تحمست له بعض الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة، على تبني إصلاح تشكيلة الأعضاء الدائمين، أشارت في المقابل بعض الأوساط الإعلامية الغربية إلى تحفظ، إن لم يكن عدم حماسة الصين لتلك الإصلاحات، على أساس تخوفها من أن يؤدي ذلك إلى ترشيح الغرب اليابان والهند للانضمام إلى العضوية الدائمة في المجلس، ما قد يؤثر على مصالحها في المسرح الدولي. في هذه الأثناء عملت الصين وروسيا كدول مؤسسة على دخول بعض الدول العربية في منظمة «شنغهاي» ومجموعة «بريكس» التي لا تضم بين أعضائها أي دولة أوروبية ولا غربية.

وعلى نطاق آخر لمواجهة مبادرة الصين المسماة «الحزام والطريق»، قام الاتحاد الأوروبي بإعداد برنامج منافس لها تحت اسم مبادرة «البوابة العالمية» لمواجهة النفوذ الصيني في أفريقيا ومناطق أخرى من العالم، وفق ما أعلنت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في سبتمبر (أيلول) عام 2021، ناهيك من تكثيف اهتمام الولايات المتحدة بالقارة السمراء، من خلال عقد اجتماعات قمة أفريقية - أميركية في واشنطن، أو زيارة كبار المسؤولين، من نائبة الرئيس بايدن إلى وزير خارجيته في إطار جهودهم لتقويض التمدد الصيني في أفريقيا!

وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الفارق في علاقة أوروبا والعرب بالصين ما الفارق في علاقة أوروبا والعرب بالصين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon