توقيت القاهرة المحلي 22:21:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سياسة ماكرون الأفريقية بين التشدد والمرونة؟

  مصر اليوم -

سياسة ماكرون الأفريقية بين التشدد والمرونة

بقلم - محمد علي السقاف

من بعد التشدد، هل بدأت سياسة الرئيس الفرنسي تبدي نوعاً من المرونة نحو النيجر على وجه الخصوص، ونحو أفريقيا بصفة عامة، والانتقال من «ماكرون الفرنسي» إلى «ماكرون الأفريقي»، وما هي أسباب هذه المرونة؟ هل يشكل ذلك تحولاً في مواقفه، أم أنها لا تعدو إلا أن تكون موقفاً تكتيكياً مؤقتاً في مواجهة عاصفة الانتقادات لسياسته الأفريقية في الداخل الفرنسي، وعلى مستوى حلفائه الغربيين؟ هل موقف المغرب من عدم الاستجابة للعرض الفرنسي تقديم المساعدة في نكبة المغرب بالزلزال غير المسبوق يعود إلى خلفية الخلاف الذي شاب العلاقات بين ملك المغرب محمد الخامس والرئيس الفرنسي ماكرون، الذي قد يفسر أن أزمة السياسة الفرنسية في أفريقيا لم تعد حصرياً في علاقتها مع أفريقيا السمراء، وأصبحت تشمل أيضاً علاقتها مع أفريقيا العربية مع المغرب؟ أليس في هذا مبالغة واستنتاج خاطئ، حيث إنه خلال الكارثة التي حلت بليبيا لم ترفض السلطات الليبية عرض المساعدة من فرنسا أو من غيرها من الدول؟ فهناك قراءتان مختلفتان حول الموقف الفرنسي.

هناك اتجاه يرى أن هناك تراجعاً في سياسة فرنسا المتشددة نحو انقلاب النيجر، وآخر لا يرى وجود تغيير في موقفها المتشدد.

الإشكالية تكمن في ازدواجية الخطاب للرئيس ماكرون، الذي يتراوح حيناً في موقف حاد ومتصلب، وأحياناً يتعاطى مع الانقلابات التي شهدتها مؤخراً عدة مستعمرات فرنسية سابقة، واختلاف هذه المواقف بين ما حدث سابقاً في مالي (2021 - 2020)، وفي بوركينا فاسو في 2022، ومؤخراً في الغابون عند الإطاحة برئيسها علي بانغو في 30 أغسطس (آب) الماضي، بينما في انقلاب النيجر على الرئيس الشرعي المنتخب محمد بازوم في أغسطس الماضي لم تتردد فرنسا بالقول إنها مستعدة للدعم والتدخل العسكري في النيجر، إذا قررت ذلك مجموعة غرب أفريقيا الاقتصادية (الإيكواس). ما هي المعطيات والظروف التي تدفع الرئيس ماكرون للتذبذب، إن لم نقل التناقض في مواقف سياسة فرنسا الأفريقية؟

في الأشهر الـ6 من ولايته الأولى، ذهب الرئيس ماكرون في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 إلى بوركينا فاسو ليلتقي ويتحاور مباشرة مع شباب الجامعة فيها، ويعلن صراحة أن ليس لدى فرنسا سياسة أفريقية، بما يعني رغبته بإنهاء عصر الاستعمار الفرنسي، ويبدأ مع أفريقيا سياسة شراكة. وذكر ماكرون بهذا الصدد أنه بحكم صغر سنه فليس مسؤولاً عما جرى في الحقبة الاستعمارية، حيث ارتكبت فرنسا بحق أفريقيا جرائم لا يمكن إنكارها! ولكنها تشكل جزءاً من تاريخنا! وعليه فهو بإمكانه الحديث بكل صراحة عن تاريخ ماضي فرنسا ليبني على ضوئه علاقات جديدة مع أفريقيا، مذكراً أنه في مطلع شبابه عام 1980 عاش جيله علاقة زمالة مع الطلبة الأفريقيين الذين كانوا يدرسون في فرنسا، وأنه وزملاءه الذين تخرجوا من معهد الإدارة العامة للنخب الفرنسية سموا دفعة تخرجهم عام 2002 باسم الرئيس الأديب السنغالي ليوبولد سنغور، متعمداً بذلك التلميح بأن لا الرئيس الفرنسي شيراك ورئيس وزرائه الاشتراكي جوسبان حضرا قبلها بشهرين مراسيم دفن الرئيس سنغور.

وانتهز ماكرون هذا اللقاء ليعبر أولاً عن أسفه للعبارة التي استخدمها في قمة مجموعة العشرين (التي انعقدت في يوليو/ تموز 2017 في هامبورغ بألمانيا)، حين قال إن التحديات التي تواجهنا في أفريقيا «ذات طابع حضاري»، فكيف لبلدان نساؤها تنجب بين 6 و7 أطفال، فمهما قدمت لها مساعدات ولو بمليارات اليوروات، فهي لن تنفع في إضفاء الاستقرار في تلك البلدان. وفي لقائه مع الطلبة أشار إلى أن الانفجار السكاني يشكل أكبر خطر يواجه أفريقيا حين تكون معدلات النمو السكاني تفوق معدلات النمو الاقتصادي ما يحول دون النجاح في معالجة أزمة الفقر في هذه البلاد.

ما فات ملاحظته على الرئيس ماكرون، كما قال أحد الكتاب الفرنسيين، هو حالة التوجس لدى الشباب الأفريقي في شيخوخة أنظمتهم الحاكمة، وتوارث أفرادها السلطة، التي يحمّلون فرنسا مسؤولية ذلك بدعمها تلك الأنظمة والقيادات الفرنسية مثل الرئيس ميتران وربط مساعداتها بتبني أنظمتها الديموقراطية وفق القيم الغربية.

وجوهر أزمة السياسة الأفريقية لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي يتمثل في محاربة واحتواء التهديد المتزايد من تنظيم «داعش»، وتنظيم «القاعدة»، الذي زعزع استقرار المنطقة، وفشلت في حربها هي والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف في المنطقة. وتحت غطاء محاربة الإرهاب أقامت عدة قواعد عسكرية في كل من مالي وبوركينا فاسو، وحين وقع الانقلاب العسكري في مالي اضطرت الحكومة الفرنسية إلى نقل قواتها للنيجر التي بدورها الآن تطلب من فرنسا إجلاء قواتها من النيجر، ورفض فرنسا الاستجابة لهذا الطلب بحجة أن وجود قواتها تم بموافقة الرئيس الشرعي محمد بازوم وهو وحده المخول باتخاذ ذلك القرار.

موضوع شرعية النظام الدستوري هو بدوره يجري تفسيره بشكل متناقض، حيث سمحت الجمعية العامة للأمم المتحدة لوزير خارجية مالي ممثلاً المجلس العسكري في بلاده تمثيل بلاده وإلقاء كلمة فيها في حين انتقد المجلس العسكري الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ما عرقل المشاركة الكاملة للنيجر في الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ولا يُستبعد أن يكون وراء نجاح هذه العرقلة النفوذ الفرنسي في التأثير في كل ما يتعلق بمستعمراتها الفرنسية السابقة، كما أن تذبذب مواقف ماكرون مرتبط أيضاً بضغوط التيار المحافظ الذي هو في حاجة له لدعم مبادراته في البرلمان الفرنسي الذي لا يمتلك فيه الأغلبية المطلوبة.

وللحديث بقية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة ماكرون الأفريقية بين التشدد والمرونة سياسة ماكرون الأفريقية بين التشدد والمرونة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
  مصر اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 14:30 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
  مصر اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 06:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 06:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 09:44 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

GMT 15:33 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الجمعة 01 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

رودري يتوّج بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم

GMT 10:29 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 15:50 2022 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

إيه فيه أمل!

GMT 00:03 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

استبعاد راشفورد من قائمة منتخب إنجلترا

GMT 02:51 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع أسعارالذهب في الأسواق المصرية الأربعاء

GMT 19:04 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

مي عز الدين تكشف سر عدم ارتباطها حتى الآن

GMT 04:43 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

نادي الباطن السعودي يجدّد عقد خويلد عيادة

GMT 18:37 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

أشهر مذيع إيطالي يروج للسياحة في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon