توقيت القاهرة المحلي 18:11:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ازدواجية مواقف الغرب في أوكرانيا وفلسطين

  مصر اليوم -

ازدواجية مواقف الغرب في أوكرانيا وفلسطين

بقلم - محمد علي السقاف

كشف عام 2023 حجم المسافة الواسعة في اختلاف مواقف الغرب وخطابه المزدوج تجاه النزاع الروسي الأوكراني ومذابح إسرائيل في فلسطين.

في 24 فبراير (شباط) 2022 اجتاحت القوات الروسية أراضي أوكرانيا، وفي 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قامت المقاومة الفلسطينية بعمليات عسكرية في أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة. الحالة الأولى كانت في قلب القارة الأوروبية، والحالة الثانية كانت في قلب العالم العربي. هل الاختلاف في المواقع الجغرافية يستدعي ازدواجية في مواقف الغرب؟ وهل في الحالتين طُبّقت القيم والمبادئ نفسها التي يتبناها الغرب أم خُصصت تلك المبادئ والمطالبة باحترامها في الحالة الأوكرانية وجرى تناسيها إن لم يكن دفنها في الحالة الفلسطينية؟ أليس هذا الاختلاف في حالتي الصراع يؤكد ما قاله أحد الكتّاب الغربيين، وهو محق في ذلك، أن دول العالم الثالث تنظر إلى الاتحاد الأوروبي على أنه مجرد نادٍ لِتَجَمُّعِ إمبراطورياتٍ استعماريةٍ؟

هل قيمة حياة الآخرين من مهاجرين أو ضحايا صراعات مسلحة لا تساوي قيمة حياة الفرد الأوروبي؟

أليس مثيراً ويدعو للدهشة أنَّ حكومة أوكرانيا ورئيسها لم يعبرا عن أدنى تضامن مع الشعب الفلسطيني بوصفه رد جميل لتضامن بعض العرب معهم عند اجتياح روسيا لهم، وتضامن البعض منهم بتقديم مساعدات مالية لهم، في حين أمام الدراما التي تحدث في غزة والضفة الغربية لم ترتفع أصوات تندد بالهمجية الإسرائيلية في قتل الأطفال والنساء بالآلاف على أساس أن من حق إسرائيل، كما تدعي أغلب دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الدفاع عن نفسها! ولحسن الطالع أن مواقف الشعوب الغربية كانت أكثر تأثراً بمشاهد المجازر التي ترتكبها إسرائيل من حكوماتها، وقد أدت المظاهرات الكبرى التي عمت عواصم أغلب الدول الغربية إلى حدوث تراجع نسبي في التأييد المطلق لحكومات الغرب لإسرائيل، وإن كان ذلك قد اختلف بخصوص موقف إدارة بايدن بعيداً عن عدد من الدول الغربية بحكم شخصية الرئيس بايدن نفسه ووزير خارجيته؛ حيث لم يتوانَ الأول من القول إنه ليس من الضروري أن تكون يهودياً لتصبح صهيونياً، وظهر الثاني في رحلته الأولى بعد السابع من أكتوبر إلى إسرائيل، وقال علناً إنه قَدِم إليها ليس بصفته وزير خارجية للولايات المتحدة وإنما بصفة يهودياً؛ حيث أتى إليها متضامناً معها.

أليس مثيراً تجريم كثير من دول الاتحاد الأوروبي معاداة الصهيونية مثل تجريمها معاداة السامية؟ في حين لم تقم أي دولة غربية بتجريم الإسلاموفوبيا؟ هل يمكن تصور أن تصل الأمور في الغرب وفي الاتحاد الأوروبي وعلى وجه الخصوص ألمانيا إلى هذا الحد؟ حيث أصدرت ألمانيا مؤخراً قراراً يلغي دعمها المادي لبعض منظمات المجتمع المدني العربية لحقوق الإنسان التي كانت تساعدها منذ عقود. لقد ألغت ألمانيا مساعداتها لها لمجرد أنها أدانت في بيانات المذابح والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد النساء والأطفال الفلسطينيين. والأدهى من ذلك الموقف الألماني ما نشرته «إل بي بي سي» حول قيام ولاية سكسونيا بإدراج شرط جديد للحصول على الجنسية الألمانية بأن على المتقدمين للجنسية إعلان دعمهم حق إسرائيل في الوجود، وينص المرسوم الذي صدر عن وزارة الداخلية على أن «حق الدولة الإسرائيلية في الوجود هو سبب وجود الدولة الألمانية»، وعليه يجب على المتقدمين للجنسية أن يعترفوا بذلك بشكل كتابي!

ترى الدولة الألمانية أنَّ لديها «مسؤولية خاصة» تجاه إسرائيل بسبب «الهولوكوست»؛ فالتزامها للدولة الإسرائيلية ليس مجرد هدف سياسي، بل هو جزء أساسي من وجود ألمانيا في الوقت الحالي. مثل هذا التعصب فندته الأكاديمية كاترينا غالور المختصة بالدراسات اليهودية في جامعة براون الأميركية والتي تحمل الجنسيتين الألمانية والإسرائيلية بقولها إن «هناك رابطاً تاريخياً واضحاً في ألمانيا بين (الهولوكوست) وضرورة إنشاء إسرائيل، إلا أن الرابط الآخر الذي تتجاهله الحكومة الألمانية هو العلاقة بين (الهولوكوست) والنكبة الفلسطينية، والتي أدت إلى إحدى أكبر أزمات اللاجئين في العالم»، وكما يقول المثل وشهد شاهد من أهلها؛ حيث أشار الكاتب هنا في هذه الصحيفة في مقال سابق إلى العلاقة الجدلية بين «الهولوكوست» وقيام دولة إسرائيل.

فمن ناحية القانون الدولي، روسيا اجتاحت أوكرانيا واحتلت أجزاء من أراضيها. وإسرائيل عملت الشيء نفسه واحتلت الأراضي الفلسطينية، وباعتراف صريح عبر قرارات دولية عدة رأت المنظمة الدولية أن ما قامت به إسرائيل هو احتلال لأراضٍ فلسطينية خلافاً للقانون الدولي. فلماذا كما أشار إليه أحد الكتَّاب البارزين لم تلق الحالتان الموقف نفسه من قبل الغرب؟ بأن تقف الولايات المتحدة وأوروبا بجانب الدول التي اعتُدي عليها بدلاً من الوقوف إلى جانب البلدان المعتدية. ففي الأيام الأولى من حرب أوكرانيا فتحت أوروبا حدودها لاستقبال ملايين اللاجئين الأوكرانيين، في حين لم يستقبلوا بنفس الحفاوة والكرم لاجئي العراق وأفغانستان. هل يعود سبب الاختلاف كما كتب أحد الصحافيين البريطانيين إلى أن الأوكرانيين يشبهوننا فهم يشاهدون مثلنا «نيتفليكس»، ولديهم حسابات في «إنستغرام»، ويقرأون صحفاً حرة مثلنا؟ واشنطن وبروكسل عند اجتياح الروس لأوكرانيا فرضتا عقوبات صارمة على موسكو (حظر نفطي، تقييد التجارة والمعاملات المصرفية...) لا شيء مثل هذه العقوبات وُجِّهَ ضد إسرائيل. والمنظمات المطالبة بمقاطعة إسرائيل حُوربت واتُّهمت بأنها تعادي السامية، وحُظر وجودها في الولايات المتحدة وكندا وألمانيا، وفي فرنسا جرت مقاضاتها أمام المحاكم! والغرب يزود أوكرانيا بالأسلحة في حين تزود إسرائيل التي تحتل الأراضي الفلسطينية بالأسلحة، وتحذر وتهدد بالانتقام ضد من يحاول مساندة الفلسطينيين عسكرياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ازدواجية مواقف الغرب في أوكرانيا وفلسطين ازدواجية مواقف الغرب في أوكرانيا وفلسطين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon