توقيت القاهرة المحلي 05:51:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غوتيريش والمادة 99 والفيتو الأميركي!

  مصر اليوم -

غوتيريش والمادة 99 والفيتو الأميركي

بقلم - محمد علي السقاف

هل أصبح أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يمثل خطراً على إسرائيل؟ لم يعد خافياً على أحد تكرار هجوم المسؤولين الإسرائيليين على وغوتيريش، ومساعيهم في كيفية إسكات صوته؛ لأنه أصبح يمثل إزعاجاً، بل دون مبالغة عقبة أمام مواصلة ارتكاب جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في داخل وخارج غزة. فهو بمنصبه أميناً عاماً للمنظمة الدولية بمثابة صوت الضمير العالمي. مواقفه لا تزعج إسرائيل فحسب بل بعض الدول الغربية التي كانت تدعم مواقف الأمين العام للأمم المتحدة في أزمة حرب روسيا وأوكرانيا بإدانته للغزو الروسي، استناداً إلى قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والآن في مواقفه الناقدة، مجرد الناقدة لإسرائيل في ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني، وانتهاكها للقانون الدولي الإنساني والعقوبات الجماعية التي تفرضها على المدنيين، خلافاً لاتفاقيات جنيف الأربعة، أصبح شخصاً غير مرغوب فيه في المنظمة الدولية، وهذا على الأقل هو الموقف الصريح للقادة الإسرائيليين ضد غوتيريش. ولحسن الحظ هذه الحملة الإسرائيلية زادته صلابة وشجاعة ليخطو خطوة مفاجأة ونادرة في يوم الأربعاء الماضي بتاريخ 6 ديسمبر (كانون الأول) حين وجه رسالة رسمية غير مسبوقة إلى مجلس الأمن بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، محذراً من مخاطرها على مستوى العالم، كما حذر من أن النظام العام يوشك أن ينهار بالكامل.

وقال غوتيريش في رسالته، إن الحرب في غزة «قد تؤدي إلى تفاقم التهديدات القائمة للسلم والأمن الدوليين»، واعتمد الأمين العام في رسالته على المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي هي واحدة من خمس مواد من الفصل الخامس الذي خصصته للأمانة العامة للمنظمة، وحددت فيه مهام الأمين العام، حيث تنص على أنه « يحق للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين». وتأكيداً لدواعي تفادي هذه المخاطر أشار الأمين في رسالته إلى «المعاناة الإنسانية المروعة والدمار المادي، والصدمة الجماعية في شتى أرجاء إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة»؛ بسبب القتال المتواصل لأكثر من ثمانية أسابيع، ونبه الأمين العام إلى الخطر الجسيم الذي يتمثل في انهيار المنظومة الإنسانية... بما تنطوي عليه من تبعات لا سبيل إلى إزالتها وتغيير مسارها بعيداً عن الفلسطينيين والسلام والأمن في المنطقة. ويجب تفادي هذه النتيجة بأي ثمن.

وقال إن «على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية استخدام كل ما في وسعه من نفوذ... لوضع حد لهذه الأزمة»، وحث أعضاء مجلس الأمن على ممارسة الضغط لدرء حدوث كارثة إنسانية، مجدداً مناشدته «للإعلان عن وقف إطلاق النار لدواعٍ إنسانية».

أعطت المادة 93 من الميثاق، وفق ما شدد عليه الأمين العام السابق داغ همرشولد، تحويل منصبه من مجرد مسؤول إداري بحت إلى مسؤول يتمتع بمسؤولية سياسية واضحة، مما جعله بذلك يتميز عما نص عليه نظام عصبة الأمم، من هذا المنطلق مبادرةَ غوتيريش رسالة ذات أبعاد سياسية لافتة وجّهت ضد انتقادات إسرائيل لشخصه، وأيضاً انهار التواطؤ الواضح بين الموقف الأميركي المؤيد تأييداً مطلقاً لإسرائيل لعملياتها العسكرية، برأ كلفتها المدنية والكشف عن الاختلاف بين هذا الدعم المطلق الأميركي لإسرائيل وبقية حلفاء أميركا من الغربيين وبعض الدول العربية. وهذا ما تم فعلاً حدوثه، حيث فشل مجلس الأمن عند فتح باب التصويت يوم الجمعة، في تبني مشروع القرار الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وذلك بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو». والمهم الإشارة إليه هنا بهذا الصدد أن مشروع القرار الذي هو في الأصل تقدمت به الإمارات العربية المتحدة، حصل على دعم 13 عضواً في المجلس وامتناع عضو واحد عن التصويت هو بريطانيا، الحليفة الكبرى للولايات المتحدة، وهذا أمر مفاجئ وإيجابي أن تحذو هذه الخطوة، كما أن فرنسا الدولة الغربية الثانية صوتت لصالح القرار، وتميزت عن بريطانيا بأنها لم تمتنع عن التصويت. كما لم يكن مستغرباً أن تصوت الصين وروسيا لصالح القرار. وجميل أن بقية الدول العشر غير الدائمين صوتوا لصالح القرار، وهم من دول الجنوب، وبذلك أحيت تضامن دول الجنوب في موقفها ضد إسرائيل.

تدعي الولايات المتحدة أنها مع حل الدولتين، في حين أنها لم تقم مثل فرنسا بإدانة قرار إسرائيل السماح ببناء وحدات سكنية جديدة في مستوطنات القدس الشرقية المحتلة، الأمر الذي اعتبرته فرنسا في تصريح المتحدثة باسم وزارة الخارجية يوم الجمعة أن الحكومة الإسرائيلية تقوض إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلية قابلة للحياة. وليس من قبيل الصدف أيضاً في نفس يوم الفيتو الأميركي في مجلس الأمن أن تطلب إدارة الرئيس جو بايدن من الكونغرس الأميركي الموافقة على بيع 45 ألف قذيفة لدبابات «ميركافا» الإسرائيلية، لاستخدامها في القتال في غزة، وتتدعي في الوقت نفسه أنها حريصة على حض إسرائيل للحفاظ على أرواح المدنيين الفلسطينيين.

والسؤال الآن: ماذا يستطيع غوتيريش والمجموعة العربية العمل بعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غوتيريش والمادة 99 والفيتو الأميركي غوتيريش والمادة 99 والفيتو الأميركي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon