توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تفلت إسرائيل من محكمة العدل الدولية؟

  مصر اليوم -

هل تفلت إسرائيل من محكمة العدل الدولية

بقلم - محمد علي السقاف

هل يمكن لإسرائيل أن تفلت هذه المرة من الإدانة أمام محكمة العدل الدولية؛ الجهاز القضائي الأكبر في القضاء الدولي؟ أم أنها ستفلت من أي إدانة أو طلبات ملزمة كما تعودت منذ أكثر من 75 عاماً بفضل الدعم الغربي لها، خصوصاً من قبل التأييد الذي تحصل عليه دائماً من الولايات المتحدة الأميركية التي تجعلها محمية إن لم نقل محصنة من أي قرارات يريد مجلس الأمن الدولي فرضها على إسرائيل لاحترام الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي، لدرجة أن هذا الدعم جعلها تستهين وتسخر من هيئات الأمم المتحدة وأمينها العام، متناسية أن شهادة ميلادها صدرت لها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947؟ هل يختلف الوضع الآن بالنسبة لها على أن القضية الفلسطينية طرحت للنظر فيها أمام محكمة العدل الدولية الجهاز القضائي للأمم المتحدة؟ هل هذا يكفي وهي أصلاً لا تقيم أي اعتبار للمنظمة الدولية؟ أليست محكمة العدل الدولية ذاتها هي التي أدانت في عام 2007 الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية ولم تلتزم إسرائيل بما جاء فيه؟ ما سبب مخاوف إسرائيل من القضية التي رفعتها الآن جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية؟ ولماذا جنوب أفريقيا وليس أي طرف آخر؟ وما التداعيات المحتملة في حال تبنت المحكمة تدابير مؤقتة داعية لوقف إطلاق النار في غزة، لضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية؟ وهل ستستجيب إسرائيل إلى طلب كهذا؟

بدأت في يوم الخميس الماضي في لاهاي جلسة محكمة العدل الدولية حول دعوة جنوب أفريقيا للقضاة عما إذا كانت حرب إسرائيل ضد «حماس» في غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، أم لا، إذا صح ذلك فسوف تكون إسرائيل قد انتهكت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي صدرت في 9 ديسمبر (كانون الأول) عام 1948، والتي قد صادقت عليها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

واستندت جنوب أفريقيا في دعواها إلى المادة الثانية من الاتفاقية التي عرّفت الإبادة الجماعية بأنها تعني «أياً من الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه: (أ) قتل أعضاء من الجماعة، (ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، (ج) إخضاع الجماعة، عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً) .... إلخ».

ودعّمت جنوب أفريقيا شكواها التي تقع في 84 صفحة والتي نشرت في موقع المحكمة، وأضافت إليها في جلسة المحكمة معطيات أخرى تعزز انتهاك إسرائيل الاتفاقية، وردت على مختلف ادعاءات إسرائيل لتبرير ما فعلته في غزة حين قال وزير العدل بجنوب أفريقيا في المحكمة رونالد لا مولا: «لا يمكن لأي هجوم مسلح على أراضي دولة مهما كانت خطورته (...) أن يقدّم أي تبرير لانتهاكات الاتفاقية».

وقالت المحامية من وفد جنوب أفريقيا إلى المحكمة، عادلة هاشم، إن «الوضع وصل إلى حدّ أن الخبراء يتوقعون أن يموت عدد أكبر من الناس جراء الجوع والمرض، ومنهم جراء الأعمال العسكرية المباشرة». وأضافت أن إسرائيل دفعت السكان في غزة «إلى حافة المجاعة». وتابعت: «لا يجري الإعلان مسبقاً عن الإبادات، لكن أمام هذه المحكمة ميزة؛ وهي الأدلّة التي جُمعت خلال الأسابيع الـ13 الماضية، والتي تُظهر بلا شك نمطاً من السلوك والنيات التي تبرر الادعاء المعقول بارتكاب أعمال إبادة».

وأشارت الدعوى إلى عدد من تصريحات القيادة الإسرائيلية من رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزير الدفاع الإسرائيلي الذي وصف هذا الأخير في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فلسطينيي «حماس» بأنهم «حيوانات بشرية»، وهو يحرض بذلك بشكل مباشر وعلني على الإبادة الجماعية. ووثقت الدعوى بتقارير أصدرتها الأمم المتحدة، وتقارير صحافية فلسطينية ومنظمات مجتمع مدني، حيث تمنع إسرائيل تغطية أحداث غزة من قبل الصحافة العالمية، ومحققي محكمة الجنايات الدولية وتقارير لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وأضافت الدعوى أن هذه الإبادة الجماعية «تقوم على الأبارتايد والطرد والتصفية الإثنية، وضم الأراضي والتمييز، وتلغي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره». وربطت الدعوى القضية بالمسار التاريخي بما قامت به إسرائيل بالفلسطينيين «مدة 75 عاماً من الأبارتايد، و56 سنة من الاحتلال للأراضي الفلسطينية، و16 عاماً من حصار مطبق لغزة».

وانبرت الولايات المتحدة في الدفاع عن حق إسرائيل بقول وزير خارجيتها أنتوني بلينكن: «تعتقد الولايات المتحدة أن قضية جنوب أفريقيا المرفوعة على إسرائيل تشتت العالم عن الجهود المهمة من أجل السلام والأمن». وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، إن الولايات المتحدة لا ترى أي أساس لمزاعم جنوب أفريقيا بشأن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بحق المدنيين في قطاع غزة. فتأكيد ممثلي الولايات المتحدة على مبدأ حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها يتفق موقفها هذا مع السلوك الأميركي نفسه وفي تفسيرات المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي: «هذا عالم مقلوب رأساً على عقب، فدولة إسرائيل متهمة بارتكاب إبادة جماعية بينما تحارب الإبادة الجماعية... إن نفاق جنوب أفريقيا يصرخ إلى السماء»... فضحايا القصف الإسرائيلي من الأطفال والنساء هم الذين ترفع أناتهم إلى السماء، وجنوب أفريقيا أحسنت حين قدمت إسرائيل للمثول أمام محكمة العدل الدولية، التي من المنتظر أن تصدر قراراتها الموضوعية، كما من المؤمل أن تصدر سريعاً قراراتها المؤقتة في فرض وقف إطلاق النار. وهذه الدعوى التي تابعها ملايين الناس من أنحاء العالم تمثل انتصاراً بحد ذاته للقضية الفلسطينية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تفلت إسرائيل من محكمة العدل الدولية هل تفلت إسرائيل من محكمة العدل الدولية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon