توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علاقة العرب أقرب من علاقة أوروبا بالصين... لماذا؟

  مصر اليوم -

علاقة العرب أقرب من علاقة أوروبا بالصين لماذا

بقلم - محمد علي السقاف

في مقالنا الأخير الذي تساءلنا فيه حول ما الفارق في علاقة أوروبا والعرب بالصين ببعديها الجيو - سياسي والاقتصادي سنبين في مقالنا هذا الأسبوع العوامل والأسباب التي تدعو العرب أقرب في علاقتهم نحو الصين من علاقة أوروبا بهم، دون أن يعني ذلك بالضرورة أن العرب والصينيين في علاقاتهم المشتركة يضعون أوروبا في مسافة بعيدة عن مصالحهما الحيوية في الحاضر والمستقبل، وإن بدا في بعض الجوانب حرصهم على أن تكون هذه العلاقات تختلف نوعياً عما كانت عليه عبر التاريخ المعاصر.

الخلفيات التاريخية في علاقة الصين مع بريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى تؤثر بشكل أو آخر على مسار العلاقات الأوروبية - الصينية. وأحد مظاهر مسار تلك العلاقات تمثلت في عودة هونغ كونغ خلال عام 1997 إلى الصين بإنهاء بريطانيا هيمنتها عليها، وكذلك استعادة الصين ماكاو من البرتغال في العام نفسه. ومن حسن الطالع أن العلاقات العربية الصينية لم تشُبها علاقات ذات طابع استعماري - إذا جاز لنا التعبير - كما كانت عليه في العلاقات الصينية الأوروبية. بل يمكن القول إن الذاكرة العربية يجمعها مع الصين تاريخ مشترك من ناحية هيمنة كل من بريطانيا وفرنسا في إطار إمبراطوريتها على قطاع واسع من الدول العربية. وبذلك يلقى خطاب الصين الموجه للعالم العربي صدى إيجابياً لكونها تعدُّ نفسها جزءاً من العالم الثالث، وفق التعبير الشهير للزعيم الصيني ماو تسي تونغ الذي قال فيه «إن رياح الشرق ستحل محل رياح الغرب»!

فعلى مستوى العلاقات الدبلوماسية العربية مع الصين الشعبية بدأت منذ أكثر من سبعة وستين عاماً، حيث تصدرت مصر في علاقتها مع الصين في مايو (أيار) 1956 تبعتها ست دول عربية أخرى (سوريا والعراق واليمن والمغرب والجزائر والسودان)، وأقامت معها علاقات دبلوماسية رسمية قبل أي دولة أخرى في منطقة غربي آسيا وكل قارة أفريقيا (وفق موقع «الصين اليوم») ثم جاءت السعودية لتقيم العلاقات الدبلوماسية مع الصين الشعبية في يوليو (تموز) 1990. وكما سنلاحظ لاحقاً أن العلاقات التجارية بين الصين والسعودية كانت قائمة قبل التبادل الدبلوماسي بينهما.

في الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1971، عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 2758 الذي ينص على الاعتراف بالصين الشعبية الممثل الشرعي الوحيد للصين في الأمم المتحدة، كانت 12 دولة عربية لديها بالفعل علاقات دبلوماسية مع الصين الشعبية، وكانت الجزائر والعراق وسوريا، والجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والسودان وموريتانيا والصومال في مقدمة الدول الـ23 التي تقدمت بمشروع القرار رقم 2758. وبذلك كان للدول العربية المذكورة الفضل الكبير والدور المؤثر في استعادة الصين الشعبية كامل حقوقها القانونية في الأمم المتحدة. وفي الحقيقة كانت الصين من جانبها سباقة من منطلق مكافحة «الإمبريالية الاستعمارية الغربية»، التي كانت تطلق على الدول الغربية وقفت مواقف داعمة للقضايا العربية وحركات التحرر العربية، حيث أدانت العدوان الثلاثي على مصر في 1956، وكانت أول دولة غير عربية تعترف بقيام الحكومة المؤقتة للجزائر في عام 1958 كما أنها كانت أول دولة غير عربية اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، قابله دعم عربي للصين في المحافل الدولية. ومقابل تلك الاعترافات العربية بالصين الشعبية كانت تصف غربياً تأييدها لها بأنها في المجمل كانت من قبل دول الكتلة الشيوعية ودول العالم الثالث، متناسين بذلك أن بريطانيا كانت أول دولة غربية اعترفت بالصين الشعبية في الخمسينات، كما كان اعتراف فرنسا «الديغولية» بالصين الشعبية في 24 يناير (كانون الثاني) 1964 والذي تم تبرير تأخرها نسبياً إلى تداعيات حرب فرنسا في فيتنام، وحرب الولايات المتحدة في كوريا في الخمسينات حتم تضامنها مع حليفتها الرئيسية في العالم الغربي. ولهذا عند انتهاء تلك الظروف أراد الجنرال ديغول التأكيد على استقلالية القرار الفرنسي عن الولايات المتحدة التي صدمت من اعتراف ديغول بالصين الشعبية في عز ظروف الحرب الباردة. والفارق هنا أن بريطانيا وفرنسا باعترافهما المبكر بالصين الشعبية كانت لهما نظرتهما الاستباقية والاعتراف بواقع العالم كما هو، وفق تعبير ديغول نفسه في تفسير قرار الاعتراف.

خلافاً لتلك الواقعية فإن هنري كيسنجر الذي كان وراء انفتاح علاقات الولايات المتحدة نحو الصين الشعبية في عهد الرئيس نيكسون تبنى موقفاً غريباً في مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية حين قال إنه يجب على الغرب «إيجاد مكان» لأوكرانيا ومكان لروسيا إذا كنا لا نريد أن تصبح روسيا موقعاً أمامياً للصين في أوروبا، ومن جهة أخرى أشار كيسنجر إلى أنه من الضروري الاعتراف بحقيقة أن أحداثاً كبيرة قادمة في العلاقات بين الشرق الأوسط وآسيا من ناحية، وأوروبا والولايات المتحدة من ناحية أخرى. من جانب آخر صرح مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز بأن روسيا ستصبح شريكاً صغيراً ومستعمرة اقتصادية للصين بسبب أخطاء بوتين حسب قوله! مما نفسره وكأنه بذلك يتوافق بشكل ما ذكره كيسنجر للصحيفة البريطانية. وهل مثل هذه التصريحات تتضمن أيضاً رسائل موجهة للدول العربية التي تنمو علاقاتها بشكل واسع ومنتظم مع الصين، إذا صح ذلك التفسير ألا يعني أن على الدول العربية أن تدرك أن علاقاتها بالصين لا تعني بالضرورة إهمال تعاملها مع الدول الأوروبية والغرب بصفة عامة.

وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علاقة العرب أقرب من علاقة أوروبا بالصين لماذا علاقة العرب أقرب من علاقة أوروبا بالصين لماذا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon