توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المصالح كأولوية في العلاقات الخارجية

  مصر اليوم -

المصالح كأولوية في العلاقات الخارجية

بقلم:د. محمد علي السقاف

الحرب الحالية في أوكرانيا أو كما يحلو للروس تسميتها «العمليات الخاصة» تفتح آفاقاً جديدة، وتحديداً للدول العربية في تحديث محددات علاقاتها الخارجية مع القوى العظمى. والمقصود هنا بالدول العظمى، من جهة، الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ولمزيد من الدقة فرنسا وألمانيا تضاف إليهما بريطانيا التي باتت بعد استفتاء البريكست خارج إطار مجموعة الاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى، روسيا الاتحادية والصين الشعبية.
في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، استخدم العرب في معركتهم أمرين؛ القوة العسكرية وسلاح النفط الاستراتيجي، وحققوا من خلال الأول، أول انتصاراتهم العسكرية ضد إسرائيل، وفي الثاني استخدام سلاح النفط عن طريق فرض المقاطعة التدريجية لعدد من الدول الغربية الداعمة لإسرائيل، ما أسهم بتعزيز الانتصارات العسكرية ودعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية من خلال القرارات والبيانات التي صدرت لصالحها على المستوى الأوروبي.
وتحققت مكاسب استراتيجية كبرى للدول العربية النفطية سواء كان ذلك على مستوى ارتفاع أسعار وعوائد النفط، أو - وهو الأهم - أن الدول العربية النفطية في الخليج بسطت سيادتها على ثروتها النفطية من شركات النفط الكبرى بتحديد حجم الإنتاج وأسعار النفط الذي كانت تحتكره شركات النفط الكبرى العاملة في دولها، وقامت وفق سياستها النفطية الحذرة بالمشاركة التدريجية بدلاً من تأميم شركات النفط العاملة في أراضيها التي قامت بها دول عربية أخرى مثل الجزائر والعراق وليبيا.
وكان لتداعيات تلك السياسات بما سمي «الصدمة الأولى للنفط» عام 1973، أن عرضت دول الاتحاد الأوروبي التسع حينها (من ضمنها بريطانيا) التي حلّت بديلاً للسوق الأوروبية المشتركة، على الدول العربية مشروع الحوار العربي الأوروبي، الذي حلّت محلّه لاحقاً بعد تعثره، مبادرة من الرئيس الفرنسي الراحل جيسكار ديستان بحوار خليجي أوروبي. الغرض من التذكير بتلك الأحداث والرابط بينها وبين الأزمة الأوكرانية إظهار دور عنصر القوة ومدى قدرة مَن يمتلكها في توظيفها لصالحه في العلاقات الدولية.
السياسة البراغماتية هي السياسة الأكثر انتهاجاً للولايات المتحدة في علاقاتها مع الدول، وكما يقال لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، وإنما المصالح الدائمة هي التي تحدد طبيعة تلك العلاقات.
ولعل أكثر النماذج لتلك السياسة البراغماتية في علاقة الولايات المتحدة مع الصين الشعبية التي رغم أن جميع الدول دائمة العضوية اعترفت بنظام الصين الشعبية للرئيس ماو تسي تونغ، ظلت الولايات المتحدة تعرقل دخولها محل الصين الوطنية في عضوية مجلس الأمن الدولي حتى عام 1971، إذ دفعتها الواقعية السياسية ومصالحها الاقتصادية في النهاية إلى الاعتراف بها في فترة حكم الرئيس نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر، والآن مع الأزمة الأوكرانية قامت إدارة الرئيس بايدن بمغازلة فنزويلا بعدما فرضت واشنطن في السنوات الأخيرة عقوبات على قطاع النفط الفنزويلي بسبب سجل الرئيس مادورو في الديمقراطية وحقوق الإنسان، كي تقوم بسد جانب من النقص في إمدادات النفط في الأسواق العالمية، وذلك بغرض الحد من ارتفاع أسعار النفط التي تتجاوز صعوداً أو انخفاضاً 100 دولار للبرميل حسب تطور الأحداث في أوكرانيا.
ومن نفس منطلق المصلحة، سعت الولايات المتحدة إلى التواصل مع الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية ودولة الإمارات، لإقناعها بزيادة صادراتها النفطية في الأسواق العالمية لتعويض نقص صادرات النفط والغاز الروسيين.
وفي التوجه نفسه، قام رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، بزيارة للسعودية والإمارات، لإجراء محادثات تشمل الوضع في أوكرانيا وإمدادات الطاقة.
ومن جانب آخر فإن تصريحات سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية لها مغزى في توقيتها بالحديث عن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والسعودية، فهي علاقة استراتيجية وثيقة وطويلة الأمد، موضحاً أن من أهم ركائز الاستراتيجية، الطاقة. وتطرق السفير الأوروبي إلى أن استراتيجية الاتحاد الخاصة بمنطقة الخليج التي ستطلق في شهر مايو (أيار) المقبل هي التجارة والاستثمار، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر مزود للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وثاني أكبر شريك تجاري للسعودية.
وقد تكون المساعي البريطانية بمحاولة إقناع السعودية والإمارات بزيادة الإنتاج النفطي جاءت بطلب وتنسيق مع حليفتها الولايات المتحدة التي أخفقت جهودها في هذا الصدد على أساس أن البلدين، بصفتهما عضوين في منظمة «أوبك»، ملتزمان بالسياسة الإنتاجية بـ«أوبك بلس» (روسيا)، ولا يستطيعان انفرادياً الخروج عنها. وسبق هذا الموقف امتناع الإمارات عن التصويت في مجلس الأمن ضد الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
وفُسّرت هذه المواقف بأنها امتداد للتعبير عن عدم رضا البلدين عن سياسة الإدارة الأميركية في المنطقة، خاصة في نطاق الملف اليمني برفع جماعة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية وكذلك في مسار المفاوضات مع إيران.
أزمة الطاقة العالمية، مع أزمة الحرب في أوكرانيا، تثير تساؤلات وتحديات متعددة أمام الدول العربية والدول الخليجية في كيفية الاستفادة من التطورات الحالية بما يلبي مصالحها الوطنية والقومية. هل بالإمكان إعادة إحياء مشروع الحوار العربي الأوروبي الذي أطلق بعد الحظر النفطي في السبعينات بتبادل تأمين احتياجات أوروبا من الطاقة مقابل نقل التكنولوجيا؟ المصالح القومية وحدها يجب الانحياز إليها فقط دون غيرها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالح كأولوية في العلاقات الخارجية المصالح كأولوية في العلاقات الخارجية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon