توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصين والغرب... تحديات صراع النفوذ

  مصر اليوم -

الصين والغرب تحديات صراع النفوذ

بقلم:د. محمد علي السقاف

أغلب الدول الغربية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية تاريخها حافل باحتلال واستعمار عدد كبير من الدول في مختلف أنحاء العالم، والولايات المتحدة بعد طي حقبة الاستعمار تميزت عن الدول الأوروبية في حروب قصيرة أو طويلة المدى مثل حرب فيتنام، والعراق، وأفغانستان.
المدهش في الأمر أن الصين والاتحاد السوفياتي مثلتا استثناءً لتلك الظاهرة الغربية خصوصاً الصين على وجه التحديد كانت مرتعاً لغزوات أجنبية لأراضيها أهمها كانت من قبل بريطانيا واليابان.
وبسبب خلو تاريخ استعماري بارز لكل من روسيا والصين فإنهما استخدما ذلك في تمدد نفوذهما نحو الدول الأخرى وبالأخص في علاقاتهما مع دول العالم الثالث.
والصين أكثر الدول التي استخدمت غياب سوابق تاريخية في الاستعمار وتأكيدها دائماً أنها جزء من العالم الثالث؛ ولذلك سعت لاستغلال ذلك من أجل التمدد في نفوذها في مناطق نفوذ الدول الغربية التي تتمتع بنفوذ كبير بحكم استعمارها الواسع جغرافياً لعدد كبير من الدول النامية، وحين ترى الدول الغربية محاولات تمدد الصين في مناطق نفوذها تسعى إلى التصدي لها ووضع العقبات أمامها.
وإحدى الأوراق التي تستخدمها في هذا الاتجاه هي ورقة الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان، مستخدمة بذلك هيمنتها العالمية لوسائل التواصل الاجتماعي مثل (الفيسبوك وتويتر)، والمحطات الإعلامية الكبرى وهي غربية وأميركية بدرجة أولى مثل السي إن إن التي وصفتها مادلين أولبرايت وزيرة خارجية كلينتون السابقة بأن نفوذها يقارب نفوذ الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي.
وتجدر الإشارة بهذا الصدد إلى تجربة أحمد مختار إمبو مدير عام اليونيسكو السابق وهو من السنغال (1974 - 1987) الذي طالب في مرحلة سيطرة موضوع إقامة نظام عالمي اقتصادي جديد في السبعينات أن يشمل ذلك أيضاً إقامة نظام دولي جديد للإعلام وقوبل هذا التوجه بمعارضة شديدة من الإعلام الغربي العالمي قائلين إن اليونيسكو يكفيها ما لديها من مشاكل وعليها عدم التدخل في شأن الصحافيين وقضية الإعلام الدولي.
محددان رئيسيان يحددان علاقات الصراع والنفوذ بين الصين والعالم الغربي وهما الموقف من تايوان، ومبادرة «الحزام والطريق» أزمة تايوان هي مركز الصراع بين الصين والولايات المتحدة، التي للتذكير كانت آخر الدول الغربية من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التي عارضت قبول إحلال الصين الشعبية محل عضوية تايوان في مجلس الأمن، والأمم المتحدة، وحضت مؤخراً إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كل دول العالم على دعم «المشاركة القوية» لتايوان في كل المنظمات التابعة للأمم المتحدة، لأنها وفق بيان من وزير الخارجية أنتوني بلينكن «صارت قصة نجاح ديمقراطية» وأن الولايات المتحدة تنظر إلى تايوان باعتبارها شريكاً مهماً وصديقاً موثوقاً به، وبالطبع هذه الخطوة الأميركية تتعارض مع موقف الصين التي تعتبر الجزيرة جزءاً لا يتجزأ منها وترفض أي تمثيل لها في المؤسسات العالمية.
تصريحات الرئيس جو بايدن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأن بلاده مستعدة أن تدافع عسكرياً عن تايوان، إذا شنت الصين هجوماً على تايوان التي تعدها الصين جزءاً من أراضيها يتناقض مع السياسة الأميركية التقليدية حول ما يسمى «الغموض الاستراتيجي» بتوفير السلاح لمساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها، ولم تقم في السابق بالتصريح عن استعدادها للدفاع عنها عسكرياً ما دعا الصين مطالبة واشنطن بأن تتصرف وتتحدث بحذر بشأن قضية تايوان. واستغلت الصين الانسحاب المعيب من أفغانستان بالقول إن تايوان لا يمكن لها الاعتماد على الولايات المتحدة للدفاع عنها.
وسيلاحظ في نطاق آخر مختلف كيف تعاملت بريطانيا مع الصين عند تخليها عن تعهداتها إزاء هونج كونج التي أعادتها إليها بريطانيا مع مكاو في عام 1997بأن تجعلها تتمتع بمزايا «دولة ونظامين» حيث لم تلتزم الصين بتعهداتها بتقويض بعض أوجه ديمقراطية هونغ كونغ، بإصدار قانون جديد للأمن، ما دفع ببريطانيا لتعويضهم عن ذلك اللاموقف نحو الصين بتقديم تأشيرات جديدة لمواطني الجزيرة يتيح لهم فرصة الحصول على الجنسية البريطانية.
وفي زيارته الأولى إلى مقر الخارجية الأميركية حدد الرئيس بايدن أن سياسته إزاء الصين ستعتمد دبلوماسية ذات محورين رئيسيين وهما الحلفاء والقيم، التحالف الرباعي المشكل من الهند، أستراليا، واليابان، وكوريا الجنوبية، التي تنظر إلى الصعود الصيني كمصدر تهديد لمصالحها العليا. والحلف الآخر الحديث تحالف «أوكس» الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا التي أعادت ترتيب هيكل القوة في منطقة المحيط الهادي والمحيط الهندي.
مبادرة «الحزام والطريق» ربطت الصين بقارات العالم واستطاعت من خلالها التغلغل إلى عدد من الدول الأوروبية مثل اليونان وأخرى آسيوية مثل باكستان وإيران وأفغانستان لتمدد نفوذها إليها.
وتمثل أفريقيا أكثر المناطق التي استطاعت الدبلوماسية الصينية اختراقها عبر ضخها مليارات الدولارات لتحديث بنيتها التحتية وفي الوقت نفسه جعل أفريقيا مرهونة للصين بديون تلاقي صعوبة بالوفاء بها.
في الخلاصة يمكن القول إن التهديدات باحتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا بسبب أوكرانيا أو تايوان هل يمكن أخذها محمل الجد، في الوقت الذي ولأول مرة يصدر قادة الدول الرئيسية الخمس بياناً مطلع يناير (كانون الثاني) هذا العام بشأن منع حرب نووية وتجنب سباق التسلح وعدم استهداف بعضها البعض أو أي دولة أخرى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصين والغرب تحديات صراع النفوذ الصين والغرب تحديات صراع النفوذ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon