توقيت القاهرة المحلي 14:23:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد

  مصر اليوم -

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد

بقلم:د. محمد علي السقاف

أفرزت الأزمة الأوكرانية إعادة النظر في عدد من المصطلحات التي كانت سائدة في العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الأولى، بل يمكن الذهاب والقول أبعد من ذلك بأن الحرب في أوكرانيا غيرت معاني ومفاهيم عدة مصطلحات كانت سائدة ما قبل الحرب العالمية الأولى، مثل مفهوم الحياد الذي تبنته بعض الدول مثل سويسرا، فقد أظهرت تقارير صحافية حديثة أن الاتحاد السويسري هو أكثر الدول وأقدمها التي تبنت شكل الحياد والسلمية في علاقتها مع الدول على مدى عدة قرون منذ عام 1815، وقامت النمسا بدورها كدولة محايدة بالحفاظ على حياديتها بسبب اعتمادها بنسبة 60 في المائة على الغاز الروسي من دون تخليها عن موقفها دولةً محايدةً... في مقابل ذلك تبنت الدول الإسكندنافية موقفاً صريحاً ومباشراً، وذلك بالتقدم بطلب العضوية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ما هو غريب حالة الفيدرالية السويسرية، التي يشيد بها الكثيرون لوضعها المتميز وتجربتها الديمقراطية الفريدة بين الدول الأوروبية، فقد استطاعت التمتع بالسلام لفترة طويلة الأمد في الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن العشرين. ما هو بادٍ الآن في إطار الأزمة الأوكرانية مخاوف سويسرا، علاوة على عدد من الدول الغربية الأخرى، إزاء سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يقال إنه يهدد الأمن الأوروبي واستقرار دول أوروبا على ضوء اجتياحه لأوكرانيا... والسؤال المطروح هنا هو: هل يمكن مقارنة سياسة بوتين بسياسة الزعيم الألماني أدولف هتلر؟ هل حقاً بوتين أخطر من هتلر، ويمكن أن يهدد حيادية سويسرا، أم أن الأمر له أبعاد أخرى؟
فالنظام النازي لم يرَ أي حرج باجتياح دول محايدة مثل النرويج، وهولندا، وبلجيكا والدنمارك ويوغوسلافيا واليونان... لقد اجتاح تلك الدول مع حليفه الفاشية الإيطالية، ولكن الاتحاد السوفياتي احترم حيادية سويسرا. وفي الحقيقة في فترة الحرب قام الاتحاد السوفياتي باجتياح دول البلطيق الثلاث، كما قامت بريطانيا من جانبها باجتياح آيسلندا، ومن جانبهما قامت بلغاريا وتركيا بالتخلي طوعياً عن حياديتهما المؤقتة. وفي عام 1969 أمطرت الولايات المتحدة بالقنابل كلاً من لاوس وكمبوديا بزجها بذلك في الحرب فيتنام. فسويسرا عكس أوكرانيا لم تكن جزءاً من جمهوريات الاتحاد السوفياتي ولا توجد فيها أقلية روسية، كما أنها ليست لديها حدود مشتركة مثل فنلندا التي تسعى لتأمين أمنها القومي عبر الانضمام إلى عضوية حلف الناتو.
نجاح سويسرا في الدفاع عن حدودها يعود الفضل فيه إلى طريقة تجنيدها للمواطنين في كيفية الدفاع عن خيارهم في الحياد، ويمكن الشيء نفسه بالنسبة للسويد، وهي بلد صغير ولكنها مثل سويسرا لها دور بارز في السياسة الدولية وفي حل النزاعات بين الدول.
لا شك أن ما قامت به القوات السوفياتية في عام 1968 بما يسمى «ربيع براغ»، والآن ما يحدث في أوكرانيا، أديا إلى التصعيد وزيادة مخاوف الدول المحايدة التي حتى وقت قريب كانت تقف ضد الانضمام إلى الناتو، مما يعني أن العالم دخل مرحلة جديدة تشوبها المخاوف من أن القوانين الدولية ليست كافية لتأمين خيار الحيادية كما كان الحال عليه في العقود الماضية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد



GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

GMT 08:31 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

نتنياهو يغير «حزب الله»

GMT 08:27 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

GMT 08:17 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

معقول بيننا من يشمت بحزب الله ؟؟!

GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

منى زكي في إطلالة فخمة بالفستان الذهبي في عرض L'Oréal

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:04 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

هوك يؤكد ضرورة تمديد حظر سلاح إيران لأجل غير مسمى

GMT 01:18 2020 الأحد ,14 حزيران / يونيو

طريقة عمل الكيكة المجنونة بمذاق لا يقاوم

GMT 09:05 2020 الخميس ,02 إبريل / نيسان

تفاصيل موعد بدء ملء خزان سد النهضة الأثيوبي

GMT 23:50 2020 الإثنين ,16 آذار/ مارس

البورصة الأردنية تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 08:58 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

خام "برنت" يرتفع بنسبة 0.46% عند 59.39 دولار للبرميل

GMT 13:58 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أول ظهور للزعيم عادل إمام بعد شائعة وفاته

GMT 01:03 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مصاب حادث طنطا يكشف آخر كلمات الراحل محمد عيد

GMT 19:34 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

طرح نسخة جديدة من "كونتينينتال" بأبواب انتحارية

GMT 19:25 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

تحرير محضر ضد محمد فؤاد في الساحل الشمالي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon