توقيت القاهرة المحلي 23:03:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد

  مصر اليوم -

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد

بقلم:د. محمد علي السقاف

أفرزت الأزمة الأوكرانية إعادة النظر في عدد من المصطلحات التي كانت سائدة في العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الأولى، بل يمكن الذهاب والقول أبعد من ذلك بأن الحرب في أوكرانيا غيرت معاني ومفاهيم عدة مصطلحات كانت سائدة ما قبل الحرب العالمية الأولى، مثل مفهوم الحياد الذي تبنته بعض الدول مثل سويسرا، فقد أظهرت تقارير صحافية حديثة أن الاتحاد السويسري هو أكثر الدول وأقدمها التي تبنت شكل الحياد والسلمية في علاقتها مع الدول على مدى عدة قرون منذ عام 1815، وقامت النمسا بدورها كدولة محايدة بالحفاظ على حياديتها بسبب اعتمادها بنسبة 60 في المائة على الغاز الروسي من دون تخليها عن موقفها دولةً محايدةً... في مقابل ذلك تبنت الدول الإسكندنافية موقفاً صريحاً ومباشراً، وذلك بالتقدم بطلب العضوية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ما هو غريب حالة الفيدرالية السويسرية، التي يشيد بها الكثيرون لوضعها المتميز وتجربتها الديمقراطية الفريدة بين الدول الأوروبية، فقد استطاعت التمتع بالسلام لفترة طويلة الأمد في الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن العشرين. ما هو بادٍ الآن في إطار الأزمة الأوكرانية مخاوف سويسرا، علاوة على عدد من الدول الغربية الأخرى، إزاء سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يقال إنه يهدد الأمن الأوروبي واستقرار دول أوروبا على ضوء اجتياحه لأوكرانيا... والسؤال المطروح هنا هو: هل يمكن مقارنة سياسة بوتين بسياسة الزعيم الألماني أدولف هتلر؟ هل حقاً بوتين أخطر من هتلر، ويمكن أن يهدد حيادية سويسرا، أم أن الأمر له أبعاد أخرى؟
فالنظام النازي لم يرَ أي حرج باجتياح دول محايدة مثل النرويج، وهولندا، وبلجيكا والدنمارك ويوغوسلافيا واليونان... لقد اجتاح تلك الدول مع حليفه الفاشية الإيطالية، ولكن الاتحاد السوفياتي احترم حيادية سويسرا. وفي الحقيقة في فترة الحرب قام الاتحاد السوفياتي باجتياح دول البلطيق الثلاث، كما قامت بريطانيا من جانبها باجتياح آيسلندا، ومن جانبهما قامت بلغاريا وتركيا بالتخلي طوعياً عن حياديتهما المؤقتة. وفي عام 1969 أمطرت الولايات المتحدة بالقنابل كلاً من لاوس وكمبوديا بزجها بذلك في الحرب فيتنام. فسويسرا عكس أوكرانيا لم تكن جزءاً من جمهوريات الاتحاد السوفياتي ولا توجد فيها أقلية روسية، كما أنها ليست لديها حدود مشتركة مثل فنلندا التي تسعى لتأمين أمنها القومي عبر الانضمام إلى عضوية حلف الناتو.
نجاح سويسرا في الدفاع عن حدودها يعود الفضل فيه إلى طريقة تجنيدها للمواطنين في كيفية الدفاع عن خيارهم في الحياد، ويمكن الشيء نفسه بالنسبة للسويد، وهي بلد صغير ولكنها مثل سويسرا لها دور بارز في السياسة الدولية وفي حل النزاعات بين الدول.
لا شك أن ما قامت به القوات السوفياتية في عام 1968 بما يسمى «ربيع براغ»، والآن ما يحدث في أوكرانيا، أديا إلى التصعيد وزيادة مخاوف الدول المحايدة التي حتى وقت قريب كانت تقف ضد الانضمام إلى الناتو، مما يعني أن العالم دخل مرحلة جديدة تشوبها المخاوف من أن القوانين الدولية ليست كافية لتأمين خيار الحيادية كما كان الحال عليه في العقود الماضية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon