توقيت القاهرة المحلي 17:35:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد

  مصر اليوم -

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد

بقلم:د. محمد علي السقاف

أفرزت الأزمة الأوكرانية إعادة النظر في عدد من المصطلحات التي كانت سائدة في العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الأولى، بل يمكن الذهاب والقول أبعد من ذلك بأن الحرب في أوكرانيا غيرت معاني ومفاهيم عدة مصطلحات كانت سائدة ما قبل الحرب العالمية الأولى، مثل مفهوم الحياد الذي تبنته بعض الدول مثل سويسرا، فقد أظهرت تقارير صحافية حديثة أن الاتحاد السويسري هو أكثر الدول وأقدمها التي تبنت شكل الحياد والسلمية في علاقتها مع الدول على مدى عدة قرون منذ عام 1815، وقامت النمسا بدورها كدولة محايدة بالحفاظ على حياديتها بسبب اعتمادها بنسبة 60 في المائة على الغاز الروسي من دون تخليها عن موقفها دولةً محايدةً... في مقابل ذلك تبنت الدول الإسكندنافية موقفاً صريحاً ومباشراً، وذلك بالتقدم بطلب العضوية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ما هو غريب حالة الفيدرالية السويسرية، التي يشيد بها الكثيرون لوضعها المتميز وتجربتها الديمقراطية الفريدة بين الدول الأوروبية، فقد استطاعت التمتع بالسلام لفترة طويلة الأمد في الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن العشرين. ما هو بادٍ الآن في إطار الأزمة الأوكرانية مخاوف سويسرا، علاوة على عدد من الدول الغربية الأخرى، إزاء سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يقال إنه يهدد الأمن الأوروبي واستقرار دول أوروبا على ضوء اجتياحه لأوكرانيا... والسؤال المطروح هنا هو: هل يمكن مقارنة سياسة بوتين بسياسة الزعيم الألماني أدولف هتلر؟ هل حقاً بوتين أخطر من هتلر، ويمكن أن يهدد حيادية سويسرا، أم أن الأمر له أبعاد أخرى؟
فالنظام النازي لم يرَ أي حرج باجتياح دول محايدة مثل النرويج، وهولندا، وبلجيكا والدنمارك ويوغوسلافيا واليونان... لقد اجتاح تلك الدول مع حليفه الفاشية الإيطالية، ولكن الاتحاد السوفياتي احترم حيادية سويسرا. وفي الحقيقة في فترة الحرب قام الاتحاد السوفياتي باجتياح دول البلطيق الثلاث، كما قامت بريطانيا من جانبها باجتياح آيسلندا، ومن جانبهما قامت بلغاريا وتركيا بالتخلي طوعياً عن حياديتهما المؤقتة. وفي عام 1969 أمطرت الولايات المتحدة بالقنابل كلاً من لاوس وكمبوديا بزجها بذلك في الحرب فيتنام. فسويسرا عكس أوكرانيا لم تكن جزءاً من جمهوريات الاتحاد السوفياتي ولا توجد فيها أقلية روسية، كما أنها ليست لديها حدود مشتركة مثل فنلندا التي تسعى لتأمين أمنها القومي عبر الانضمام إلى عضوية حلف الناتو.
نجاح سويسرا في الدفاع عن حدودها يعود الفضل فيه إلى طريقة تجنيدها للمواطنين في كيفية الدفاع عن خيارهم في الحياد، ويمكن الشيء نفسه بالنسبة للسويد، وهي بلد صغير ولكنها مثل سويسرا لها دور بارز في السياسة الدولية وفي حل النزاعات بين الدول.
لا شك أن ما قامت به القوات السوفياتية في عام 1968 بما يسمى «ربيع براغ»، والآن ما يحدث في أوكرانيا، أديا إلى التصعيد وزيادة مخاوف الدول المحايدة التي حتى وقت قريب كانت تقف ضد الانضمام إلى الناتو، مما يعني أن العالم دخل مرحلة جديدة تشوبها المخاوف من أن القوانين الدولية ليست كافية لتأمين خيار الحيادية كما كان الحال عليه في العقود الماضية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد الأزمة الأوكرانية وصعوبة الحفاظ على الحياد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon