توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الناتو»... من «الموت السريري» إلى «عودة الروح»

  مصر اليوم -

«الناتو» من «الموت السريري» إلى «عودة الروح»

بقلم:د. محمد علي السقاف

التعبير الأول قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول حلف الأطلسي (الناتو) في انتقاده إلى ما آلت إليه الأمور بسبب الخلافات بين الحلفاء، معتبراً هذا التحالف بات في حالة «موت سريري». ففي الفترة بين 2017 - 2020 سرت خلافات حادة حول من يتحمل أعباء الحلف وجدوى وجوده، وذلك في إطار رئاسة إدارة ترمب.
والتعبير الثاني استخدمه توفيق الحكيم كعنوان لروايته الشهيرة «عودة الروح» والتي نستعيرها هنا كتشبيه يتوافق مع موضوع المقال.
وفي الحقيقة، يشكّل انتقال «الناتو» من حالة «الموت السريري» إلى مرحلة عودة الروح إليه، تحولاً مهماً في مسار هذه المنظمة التي عادت اليوم لتتصدر الأحداث والأخبار الدولية.
بعد الانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية اشتد الصراع في أوروبا بين الشرق والغرب، وحلفاء الأمس في الحرب، وأصبح الغرب ينتابه الخوف من إمكان تمدد الشيوعية وسيطرتها على المعسكر الغربي، ما دفع الولايات المتحدة الأميركية إلى تأسيس حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أبريل (نيسان) 1949 في واشنطن لمواجهة التهديد السوفياتي. وكرد فعل على ذلك، قام الاتحاد السوفياتي بدوره بتشكيل حلف عسكري مع منظومة الدول الأوروبية الاشتراكية تحت مسمى حلف وارسو في عام 1955.
لم يكن الهدف من تأسيس «الناتو» مواجهة الخطر السوفياتي فحسب، بل شكل أيضاً ضمن أهدافه استيعاب ألمانيا في إطار الحلف كقوة للدفاع عن أوروبا، وفي الوقت نفسه من أجل احتوائها ورقابتها.
بعد سقوط جدار برلين في عام 1989 وتفكك الاتحاد السوفياتي، كان من المعتقد أن منظومة دفاع أوروبية ستقوم على أسس وقواعد جديدة مختلفة عن «الناتو». ولكن ما حدث بدلاً من ذلك هو أن هذا الحلف توسع لاستيعاب أغلب جمهوريات أوروبا المركزية، والشرقية، ودول البلطيق، في عضويته، تكريساً للصراع بين الشرق والغرب والمواجهة مع الاتحاد الروسي. وهناك اعتقاد عند بعض الدول الأوروبية الرئيسية، مثل فرنسا وألمانيا، أن «الناتو» لا يولي اهتماماً كافياً في الدفاع الجماعي عن «القارة العجوز»، وفق تعبير رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي السابق لإدارة بوش الابن. ويستدل التيار الأوروبي المطالب بتشكيل منظومة دفاع أوروبية بأن «الناتو» لم يقم بالتدخل أثناء أزمة جورجيا في عام 2008، وفي بداية أزمة أوكرانيا في عام 2014.
وهنا يجب التمييز بين حلف «الناتو» والاتحاد الأوروبي، حيث إن دول الاتحاد الأوروبي ليست جميعها أعضاء في «الناتو»، وإن كانت تشكل ثلثي أعضاء الحلف. وهناك دول أوروبية أعضاء في «الناتو» وهي خارج عضوية الاتحاد الأوروبي وعددها ست دول وهي (النمسا، قبرص، فنلندا، إيرلندا، مالطا، والسويد). الحلف الأطلسي برغم ذلك مهتم بالأمن الأوروبي، بما في ذلك الدول التي ليست هي أعضاء فيه تربطه بها اتفاقات خاصة وبعلاقات وطيدة (وهو ما تمت الإشارة إليه مؤخراً حين تقدمت كل من فنلندا والسويد بطلب الانضمام).
إن ذلك الطلب، في الواقع، ليس غريباً على الدولتين اللتين كانتا في علاقات تعاون مع «الناتو» قبل اجتياح روسيا لأوكرانيا.
وقد نجحت الجمهوريات الاشتراكية السابقة في الانضمام في آن واحد إلى «الناتو» والاتحاد الأوروبي، معززة بذلك المعسكر الغربي أمام المعسكر الآخر، على أمل، حسب تعبير أحد الكتّاب، الاستفادة من مستوى الرخاء والازدهار الذي يعم دول الاتحاد الأوروبي والحصول على الدعم الاقتصادي كالذي حظيت به الدول الأوروبية، من خلال خطة مارشال والأمن الجماعي الذي سيتأمن نتيجة انضمامها إلى حلف «الناتو».
هناك مادتان أساسيتان ينص عليهما ميثاق الحلف وهما المادة الخامسة والمادة العاشرة، فالمادة الخامسة تنص على أنه «يتفق الطرفان على أن أي هجوم مسلح ضد طرف واحد أو أكثر، يحدث في أوروبا وأميركا الشمالية، سيعد هجوماً موجهاً ضد جميع الأطراف». والمرة الوحيدة التي تم فيها تفعيل المادة الخامسة، جاءت بطلب الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وغزو أفغانستان.
ونظمت المادة العاشرة من الميثاق شروط انضمام الأعضاء الجدد بتوافق وإجماع جميع الأعضاء، ما يعني أن كل عضو يمتلك حق النقض وبمقدوره تعطيل طلب الانضمام، وهو ما تقوم به تركيا اليوم نتيجة معارضتها طلب انضمام كل من فنلندا والسويد للحلف. أدى الاجتياح الروسي لأوكرانيا وتبعاته الدولية من الناحيتين العسكرية والسياسية، بجانب الأزمة الغذائية التي نتجت عن الصراع على مستوى العالم، لكون كل من أوكرانيا والاتحاد الروسي هما من كبار منتجي ومصدري القمح في العالم، إلى إعطاء دفعة قوية لعودة الروح إلى حلف الأطلسي، الذي حتى سنوات قليلة مضت، كان يعيش في مرحلة من «موت سريري» وصل إلى حد قول إحدى وسائل الإعلام الفرنسية إن الرئيس ترمب كان ينوي، في حالة كسب الانتخابات الرئاسية أمام بايدن، أن يتخذ قرار الانسحاب من عضوية حلف «الناتو» الذي يمثّل، في واقع الأمر، إحدى الأدوات الرئيسية والذراع العسكرية للاستراتيجية الأميركية للهيمنة على العالم، وتصدر مسرح العلاقات الدولية.
وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الناتو» من «الموت السريري» إلى «عودة الروح» «الناتو» من «الموت السريري» إلى «عودة الروح»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon