توقيت القاهرة المحلي 22:38:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تنامي تضييق الخناق على الحوثيين

  مصر اليوم -

تنامي تضييق الخناق على الحوثيين

بقلم: د. محمد علي السقاف

ازدادت في الفترة الأخيرة نبرات الانتقادات التي وُجهت لحركة الحوثيين عبر بيانات الأمم المتحدة والمبعوثَين الأميركي والأممي، ممَّا قد يعكس تململ المجتمع الدولي من تصرفات الحركة وعنادها بعدم قبول ما يطالب به الجميع، من ضرورة إيقاف المعارك وإقرار وقف إطلاق النار.

وكان لافتاً أن ينضم للمرة الأولى سفير فرنسا بإبداء رأي بلاده حول تصرفات الحوثيين في المشهد اليمني، وذلك من خلال تصريحاته لهذه الصحيفة التي أدلى بها مؤخراً، ومغزى خطوته هذه كما سنراه لاحقاً.

وللاستدلال على هذا التطور في المواقف الدولية، نشير إلى البيان الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي طالب جماعة الحوثيين بأن «توقف فوراً التصعيد في محافظة مأرب، حيث يوجد زهاء مليون نازح معرضين لخطر جسيم»، مندداً في الوقت ذاته بالاعتداءات عبر الحدود ضد المملكة العربية السعودية.

وقد جاء هذا التنديد بإجماع الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، الذين أشاروا في بيانهم إلى فقرة مهمة تطالب بـ«المساءلة عن انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي الإنساني»، علماً بأن الحوثيين قبل صدور هذا البيان كانوا قد رفضوا قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2564» في فبراير (شباط) الماضي، وتعهدوا الاستمرار في الحرب على مأرب.

من جانبه، تغيرت قليلاً مفردات مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث في إحاطاته إلى مجلس الأمن، حيث بدأ إحاطته في 14 يناير (كانون الثاني) 2021 بالقول إنَّ عام 2020 انتهى على وقع حدث مروع في اليمن؛ ففي 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي استهدف هجوم شرس الحكومة اليمنية المشكّلة حديثاً لدى وصول أعضائها إلى مطار عدن الدولي، وقد أصيب أو قتل عشرات المدنيين، مضيفاً أنَّ «القانون الإنساني الدولي يحظر الهجمات المتعمدة على المدنيين أو الممتلكات المدنية، وقد يشكل ذلك (جريمة حرب)»، وإنه يدين «هذا الهجوم بأشد العبارات الممكنة، وأعرب عن تضامني مع الحكومة الجديدة»، منهياً هذه الفقرة بالقول إنَّ الحكومة «أطلقت تحقيقاً في هجوم عدن، ونشرت استنتاجها في وقت سابق اليوم، مشيرة إلى أن (أنصار الله) هي المسؤولة عن الهجوم».

أن يقول غريفيث مثل هذا الكلام أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، فهذا يمثل سابقة مقارنة بإحاطاته المعتادة؛ لأنَّ الهجوم، حسب تعبيره، «ألقى بظلال قاتمة على ما كان ينبغي أن يكون لحظة أمل في الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن».

وكان الأمر كذلك في إحاطته اللاحقة بتاريخ 16 مارس (آذار) الحالي أمام رئيسة المجلس مندوبة الولايات المتحدة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الجديدة التي وجودها أعطاه حافزاً إضافياً منذ بداية إحاطته حول تدهور النزاع في اليمن. وعدّ هذه المرة «التدهور مأساوياً؛ حيث ما زال هجوم (أنصار الله) على محافظة مأرب مستمراً؛ الأمر الذي يعرض المدنيين للخطر، بمن فيهم من يقدَّرون بنحو مليون نازح… كما ازدادت الهجمات عبر الحدود بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة، وأنا أشعر بالقلق إزاء تكثيف الضربات بالصواريخ والطائرات المسيّرة، بما في ذلك تلك التي استهدفت البنية التحتية المدنية والتجارية في المملكة العربية السعودية، تلتها نتيجة لذلك غارت جوية...». وتلاحَظ هنا طريقة صياغة الواقعة في إحاطة غريفيث، خصوصاً في الكلمات الأخيرة التي أوضح فيها أن الرد السعودي جاء «نتيجة» الهجوم المكثف الذي تعرضت له بالصواريخ والطائرات المسيّرة، وليس من قبيل المبادرة الأحادية من جانب المملكة؛ وإنما نتيجة ورد فعل ليس إلا، مما يعني ضمناً أنه دفاع عن النفس.

وكأنَّ هذا السجل لا يكفي، فارتكب الحوثيون جريمة «الحريق المروع»؛ حسب وصف نشرة الأمم المتحدة فيما يخص مركز احتجاز المهاجرين في العاصمة اليمنية، الذي راح ضحيته؛ وأغلبهم من الإثيوبيين، أكثر من 180 شخصاً بين جريح وقتيل.

من هنا لم يكن غريباً أمام هذه الانتهاكات أن تطلق 5 دول غربية (فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، والولايات المتحدة) إدانتها الشديدة لهجمات الحوثيين على مدينة مأرب، والتصعيد الكبير ضد السعودية، وذلك باستهداف الأراضي السعودية بالصواريخ الباليستية، ومفاقمة الأوضاع على الحدود بين البلدين.

تُذكر في هذا السياق تصريحات السفير الفرنسي الجديد لدى اليمن، جان ماري، لصحيفة «الشرق الأوسط» في 19 مارس الحالي، الذي قال إن كل الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية تطالب بوقف شامل لإطلاق النار ومفاوضات سياسية، فيما يصرُّ الحوثيون على الاستمرار في الحرب، مشيراً في حديثه إلى أنَّ «فرنسا تلعب هنا دوراً خاصاً؛ لأنَّها الدولة الوحيدة العضو الدائم في مجلس الأمن وعضو في الاتحاد الأوروبي في آن معاً (وربما بذلك يلمح هنا إلى تميز فرنسا عن بريطانيا التي انسحبت من الاتحاد الأوروبي)، كما أنَّ فرنسا عضو منتخب في مجلس حقوق الإنسان للفترة من 2021 إلى 2023».

وعند سؤاله عن اتهام بعض اليمنيين الاتحاد الأوروبي؛ بالتحيز لصالح الحوثيين، كانت إجابته بالقول إنَّ «الحوثيين يعدّون أنفسهم الشعب والحكومة والدولة، غير أنهم لا يشكلون سوى جزء من الشعب، وعليه؛ يجب أن يكونوا جزءاً من الحكومة».

وهنا فعلاً التحدي الكبير الذي يواجه الحركة الحوثية ومستقبلها إذا استوعبوا أنهم ليسوا إلا مجرد أداة تنفذ طموحات إيران في المنطقة، ورغبتها في السيطرة والتحكم في أهم ممرين دوليين؛ مضيق هرمز وباب المندب، وهو الأمر الذي لن تسمح الدول العربية بقبوله؛ لأنَّه يشكل جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، كما أنَّ المجتمع الدولي؛ حفاظاً على الممرات الدولية، لن يقبل بسيطرة دولة عبر وكلائها على هذه الممرات الاستراتيجية.

ومن الواضح أنَّ الحركة الحوثية تنسى أنَّها مجرد حركة أو مجموعة لا ترتقى إلى مستوى الدولة، فإذا كانت الدول، أو بعضها، تؤقلم وتعيد النظر في استراتيجيتها الدولية وفق تطور متطلبات السياسة الدولية، ونموذجاً لدينا الموقف التركي نحو مصر وبعض الدول العربية وإظهار تركيا التخلي عن عداوتها السابقة، فما الحال بالنسبة لحركة هي مجرد مكون سياسي وأقلية سكانية في الداخل اليمني لن تستطيع مستقبلاً التعايش مع غالبية مواطنيها في اليمن، بسبب الجرائم التي ارتُكبت في حقهم بالجنوب وفي مأرب وتعز والحديدة في الشمال، ناهيك بمستوى المجتمع الدولي الذي لا يعترف إلا بالدول ذات السيادة وذات الشرعية والمشروعية التي تفتقدها الحركة الحوثية.

فهل تجنح الحركة إلى السلم وتعيد النظر بشكل جذري في مواقفها وفي علاقتها مع إيران لتندمج مع محيطها العربي أم لا؟ هنا السؤال والتحدي الكبير، الذي على الحوثيين حسم موقفهم بالإجابة عنه عاجلاً وليس آجلاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تنامي تضييق الخناق على الحوثيين تنامي تضييق الخناق على الحوثيين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon