توقيت القاهرة المحلي 22:56:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تخوف الحوثيين من السلام

  مصر اليوم -

تخوف الحوثيين من السلام

بقلم: د. محمد علي السقاف

لا يتخوف الحوثيون من السلام فحسب، بل إنَّ السلام يرعبهم. والسؤال: لماذا السلام يخوف ويرعب الحوثيين؟ لماذا يخوفهم وقف إطلاق النار، وهو ليس إلا خطوة تمهد الطريق للتفاوض، من أجل البدء في التسوية السياسية بين أطراف النزاع، سواء على مستوى الإطار اليمني أو شروط عقد السلام مع دول الجوار وتقديم ضمانات استقرار الحدود.
أحد عناصر الإجابة عن هذا التساؤل يكمن في معرفة الحوثيين أنَّهم أقلية عددية بين سكان اليمن البالغ عددهم نحو 26 مليون نسمة، أغلبيتهم من الشوافع والأقلية الزيدية التي تمثل أقل من 20 في المائة من عدد سكان اليمن. فالحوثيون (أنصار الله) ليسوا إلا أقلية الأقلية الزيدية، لكونهم يختلفون عنها في إيمانهم بولاية البطنيين والسلالية الذين يعدون أنفسهم جماعة الله الذين اصطفاهم دون غيرهم.
وعليه، فإنه إذا عم السلام في اليمن، فسيعني هذا عودة إلى مبادئ ثورة سبتمبر (أيلول) 1962 التي أطاحت بنظام الإمامة التي يعد الحوثيون أنَّهم ورثتها، مما يعني لغالبية المواطنين اليمنيين عودة إلى الوراء لأكثر من نصف قرن، إذا عادت الإمامة عبر الحوثيين.
وقد تفاءل بعضهم حين شارك الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني في 2014 الذي تمخض عن مقررات لبناء دولة حديثة، لنظام اتحادي هو الأول من نوعه على مستوى اليمن (باستثناء تجربة جنوب اليمن في فترة الاحتلال البريطاني)، خيراً بهذا الانفتاح.
وعلى الرغم من كل ما سبقت الإشارة إليه، وكعادة اليمنيين، التأموا مجدداً لتوقيع ممثلي جميع الأحزاب والمكونات والقوي السياسية، تحت إشراف جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، على ما سمي «اتفاق السلم والشراكة الوطنية» في صنعاء، بتاريخ 21 سبتمبر (أيلول) 2014، وجرى توقيع هذا الاتفاق بعد فترة قصيرة من سقوط العاصمة صنعاء بأيدي الحوثيين.
ومن المثير الإشارة هنا إلى ترتيب أوائل الموقعين على «اتفاق السلم والشراكة الوطنية»، إذ بدئ بممثل أكبر الأحزاب اليمنية الدكتور عبد الكريم الأرياني عن حزب المؤتمر الشعبي العام، تلاه ممثل عن حزب الإصلاح (من التيار الإسلامي) في شخص عبد الوهاب الآنسي، وجاء التوقيع في المرتبة الثالثة لممثل أنصار الله في شخص مهدي المشاط الذي حل لاحقاً محل صالح الصماد، بصفته رئيساً لما يسمى «المجلس الرئاسي» وصهراً لعبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، ثم تلا ذلك توقيع بقية الأحزاب والقوي السياسية.
والمضحك المبكي ما تضمنه الاتفاق من أنه جاء بناءً على مخرجات الحوار، بصفتها الطريق الوحيد أمام اليمنيين لإقامة الدولة المدنية التي ينشدونها؛ دولة اتحادية ديمقراطية مبنية على مبادئ سيادة القانون والمواطنة المتساوية واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد.
وقد أظهر قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2201)، بتاريخ 15 فبراير (شباط) 2015، عدم التزام الحوثيين بالاتفاق الذي كانوا هم من فرضوا بنوده على بقية القوى اليمنية. فقد عبر القرار عن استيائه من الإجراءات التي اتخذها الحوثيون من جانب واحد لحل البرلمان، والاستيلاء على المؤسسات الحكومية اليمنية... وقيام الحوثيين باحتجاز مسؤولين في الحكومة اليمنية، ووضعهم قيد الإقامة الجبرية.
والسؤال المطروح هنا، في إطار مساعي الإدارة الأميركية الجديدة للرئيس بايدن لإنهاء الحرب في اليمن: كيف يمكن الوثوق بالاتفاقات التي يمكن أن تتم بين الحوثيين والممثل الخاص للرئيس الأميركي تيم لندركينغ، إذا كان الحوثيون - كما رأينا - نقضوا سريعاً اتفاق السلم والشراكة الذي حمل بصماتهم وعكس مطالبهم، على حساب بقية القوى السياسية اليمنية؟
كما ذكرت كريستين فونتينروز، كبيرة الباحثين في قضايا الشرق الأوسط بـ«المعهد الأطلسي» في واشنطن، التي عملت في إدارات سابقة في البيت الأبيض ووزارة الخارجية خلال إدارتي الرئيسين بوش وأوباما، فإنَّ الوضع اليمني يزداد سوءاً لأن الحوثيين يشعرون بالتشجيع بسبب إجراءات إدارة بايدن الأخيرة، وهذا ما نراه في تصعيدهم الأخير نحو في مأرب.
وهو ما شجع الحوثيين على عدم الموافقة على تسوية سياسية من شأنها أن تعكس نسبتهم الفعلية في عدد السكان.
وأضافت كيرستن، في حديثها المهم مع هذه الصحيفة (في 6 مارس/ آذار الماضي)، أن أي اتفاق سياسي تصل إليه الحكومة الأميركية الآن ربما يبالغ في تمثيل الحوثيين، ويؤدي في غضون أشهر قليلة إلى رفض الاتفاق من قطاعات أخرى من الشعب اليمني. وأشارت الباحثة إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية لم تترك لتيم، ممثل الولايات المتحدة، سوى القليل من الجزرات والعصي لتحفيز الحوثيين على وقف اندفاعهم إلى مأرب، والاتفاق على ترتيب سياسي يدعمه باقي اليمن. واتهمت الباحثة الأميركية الاستراتيجية الأميركية بأنها قدمت مجموعة من الخدمات للحوثيين، من دون أن تطلب منهم أي شيء، ورد الحوثيون على ذلك بقصف الرياض، والسير باتجاه مأرب، ومنع المفتشين من الوصول إلى سفينة «صافر»، بعد أن تخلت الولايات المتحدة عن معظم نفوذها قبل بدء المفاوضات.
وفي الوقت الذي تستمر فيه حرب الاستنزاف بين الحوثيين والحكومة الشرعية، تتفاقم الأزمة الإنسانية بشدة، وتتوالي المطالبات بضرورة وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب. فقد أكد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمية، في مؤتمر صحافي افتراضي عقده يوم الجمعة الماضية في واشنطن، أنه «إذا لم نحصل على المال الذي نحتاج إليه، وعلى الوقود، فربما سنشهد أسوأ مجاعة عرفتها في حياتي»، وفق ما ذكرته نشرة أخبار الأمم المتحدة.
وفي هذه الأثناء، فإنَّ ما يلحظه المراقب أن وقف إطلاق النار، ناهيك من البدء في تسوية سياسية للأزمة اليمنية، لا يريده الانقلابيون لأن بنهايته سيكون السلام، والسلام سيؤدي - في أغلب الظن - إلى إظهار مستوى التمثيل الحقيقي لحركة أنصار الله في المشهد السياسي اليمني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تخوف الحوثيين من السلام تخوف الحوثيين من السلام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon