توقيت القاهرة المحلي 17:06:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمة أوروبية في كييف ماذا تعني؟

  مصر اليوم -

قمة أوروبية في كييف ماذا تعني

بقلم - د. محمد علي السقاف

انعقدت في الأسبوع الماضي قمة أوروبية في كييف، وذلك للمرة الأولى التي تعقد فيها قمة خارج نطاق الاتحاد الأوروبي، إذ يجتمع قادة الاتحاد في عاصمة دولة في حالة حرب! ماذا يعني ذلك؟ وما الدور الذي تقوم به رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، وزيرة الدفاع السابقة في حكومة أنجيلا ميركل لصالح أوكرانيا؟
تعدّ رئيسة المفوضية الأوروبية الأكثر حماساً وتعاطفاً مع رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي والقضية الأوكرانية؛ إذ انفردت وحدها عن بقية القادة الأوروبيين بزيارة أوكرانيا 4 مرات متتالية منذ اجتياح روسيا لهذا البلد. واشتهرت في هذا الملف بتبني مواقف متشددة، كالمطالبة بتقديم بوتين إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته، وفق ما صرحت به أمام التلفزيون الألماني في 15 سبتمبر (أيلول) العام الماضي!
كما تقدمت أيضاً باقتراح فرض سقف على كميات الغاز الروسي وأسعاره، وأصدرت مؤخراً هي وشارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي، في ختام قمة كييف، يوم الجمعة الماضي، بياناً بأن «يكثف الاتحاد الأوروبي جهوده لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم إعادة إعمار أوكرانيا، ولدفع تعويضات، وفقاً للقانونين الأوروبي والدولي».
وعقب الاجتياح الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، وقّع الرئيس زيلينسكي طلباً رسمياً بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وجاء الرد على طلب الانضمام بكل صراحة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 مايو (أيار) من العام الماضي، حين أشار إلى أن «مراحل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تتطلب عدة سنوات، وبصراحة عدة عقود». وشاركه وأيّده في هذا الموقف مستشار ألمانيا أولاف شولتس بقوله: «نعم لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، أما قبول انضمامها فوراً فلا»، مشدداً على أن «موقفنا هذا مبنيٌّ على المساواة في التعامل في هذا الأمر» حيث إن هناك 6 دول من غرب البلقان تنتظر منذ سنوات للانضمام إلى المجموعة الأوروبية.
هذه التصريحات فاجأت الرئيس زيلينسكي، الذي قال أمام طلاب فرنسيين: «إنه لا يمكن تركنا على مسافة أن تجتمع العائلة على طاولة، ويتم دعوتك إليها من دون وجود كرسي. هذا غير عادل». «من المهم حجز مقعد لنا» وفق تعبير وزير خارجية أوكرانيا دميتري كوليبا في تغريدته في 19 مايو، مضيفاً أن «تردد الدول الأوروبية في تعاملهم مع أوكرانيا تجرح مشاعر الأوكرانيين».
في الحقيقة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي فتحت باب العضوية للاتحاد الأوروبي، فمنذ عام 2004 انضمّ إليه 10 دول من أوروبا الشرقية، هي إستونيا وبولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وسلوفينيا ولاتفيا وليتوانيا والمجر، وانضمت إليه أيضاً رومانيا، وبلغاريا، وكرواتيا، التي كانت آخر دولة انضمت إلى عضوية الاتحاد عام 2013. أمام تعدد طلبات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أطلق الرئيس الفرنسي ماكرون فكرة قديمة سبق أن طرحها الرئيس ميتران بتأسيس «منظمة سياسية أوروبية» تكون مكملة للاتحاد الأوروبي تسمح بقبول طلبات العضوية المعلقة حتى الآن.
في 23 يونيو (حزيران) الماضي، وافق اجتماع رؤساء دول وحكومات الدول الأوروبية على منح كل من أوكرانيا ومولدوفا صفة العضو المرشح للاتحاد الأوروبي.
ولعلَّ البعض قد يتساءل عن أسباب صعوبة قبول عضوية بعض الدول إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة تلك الدول التي كانت منضوية تحت مظلة الاتحاد السوفياتي سابقاً.
يفسر الجانب الأوروبي أنَّ شروط العضوية للانضمام إلى المجموعة الأوروبية موجودة أصلاً في أدبيات الاتحاد، ووضعت قبل سقوط الاتحاد السوفياتي، وطبقت على حالات سابقة مثل اليونان عند حدوث الانقلاب العسكري عام 1967، وتم على ضوء ذلك تعليق عضوية اليونان في السوق الأوروبية المشتركة، ثم بنهاية النظام العسكري أعيدت عضويتها في المجموعة الأوروبية.
دول الاتحاد السوفياتي السابق بطبيعة أنظمتها السياسية والاقتصادية واحترام حقوق الإنسان وفق القيم الأوروبية لا تستوفي شروط العضوية، لكونها إلى جانب ذلك - وفق المنظور الأوروبي - تنتشر فيها ثقافة الفساد بين عدد من مسؤولي تلك البلدان، إضافة إلى الحاجة لأقلمة تشريعاتهم مع التشريعات الأوروبية في الاتحاد، ويتطلَّب كل ذلك سنوات طويلة قبل إمكان اندماجها وقبولها أعضاء في الاتحاد.
ويرى بعض المراقبين أنَّ الدول الغربية، خاصة الثنائي فرنسا وألمانيا، لا تخفي مخاوفها من انفتاح أكبر في قبول أعضاء جدد في الاتحاد الأوروبي، الذي يواجه أصلاً بعض المتاعب في إدارة أعمال الاتحاد، بعضوية 27 دولة، فما بالك كيف ستكون الحال بانضمام دولة كبرى إلى الاتحاد، مثل أوكرانيا ذات الـ44 مليون نسمة، ما سيؤدي إلى انتقال مركز الثقل في الاتحاد ليصبح في الشرق، وينتج عنه إخلال بموازين السلطات داخل الاتحاد الأوروبي؟! وهذا ربما يفسر تصريحاً سابقاً للرئيس ماكرون، الذي عبّر عن مخاوفه من أن الحرب الأوكرانية - الروسية قد تؤدي تداعياتها إلى تجزئة أوروبا.
وفي الوقت الحاضر يتأهب الطرفان الروسي والأوكراني لمعارك الربيع المقبل. في الجانب المادي قبل وصول الوفد الأوروبي إلى قمة كييف، أعلنت بروكسل عن مساعدة عسكرية إضافية من 500 مليون يورو، ما يرفع القيمة الإجمالية للدعم العسكري إلى 12 مليار يورو. فيما المساعدة الشاملة المقدمة إلى كييف منذ انطلاق الحرب تبلغ 60 مليار يورو، بما معدله 5 مليارات في الشهر!
السؤال المطروح هنا؛ هل نجح الزعيم الأوكراني في سياسة تأنيب وتقريع الغربيين لدفعهم إلى مزيد من الاستعجال في تزويد بلاده بحاجتها من الأسلحة المتطورة، وفق نهج «خذ وطالب»؟ وهل يا ترى سيكون بمقدوره تخطي المدد الزمنية والشروط الصارمة لتصبح بلاده بكامل العضوية في الاتحاد الأوروبي؟! وإن حدث ذلك ونجح فسيكون بداية لتفكك الاتحاد، وهذا أمر يبدو مستحيلاً القبول به.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة أوروبية في كييف ماذا تعني قمة أوروبية في كييف ماذا تعني



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon