توقيت القاهرة المحلي 18:56:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دبلوماسية القمم... ماذا تعني؟

  مصر اليوم -

دبلوماسية القمم ماذا تعني

بقلم - د. محمد علي السقاف

عدّ البعض أن مصطلح «القمة» يعود الفضل لابتكاره واستخدامه للمرة الأولى إلى الزعيم البريطاني ونستون تشرشل، الذي أراد من خلاله الدعوة إلى عقد لقاءات بين رؤساء دول وحكومات الشرق والغرب في حقبة الحرب الباردة. وأطلق فكرته هذه عام 1953 بالدعوة لتنظيم لقاء قمة مباشرة بين رئيس الاتحاد السوفياتي، والرئيس الأميركي، لبحث شؤون الأمن الأوروبي، والحد من مخاطر إمكانية استخدام الأسلحة النووية، ووضع حد للنزاع المستمر بين القوتين العظميين في آسيا في كل من «كوريا والهند الصينية».
في بداية الأمر، لم تلقَ اقتراحات تشرشل صدى لدى الإدارة الأميركية التي لم توافق عليها إلا بعد مرور عامين من إطلاقها، حيث عقدت أول قمة في جنيف بين الشرق والغرب، التي طرحت فيها عدة مبادرات، منها خطة الرئيس الأميركي أيزنهاور «السماء المفتوحة»، وخطة رئيس وزراء فرنسا السابق إدغار فور، المتمثلة في إنشاء آلية لإعادة تدوير الأموال التي يتم توفيرها من سياسة نزع السلاح لصالح الدول النامية.
وتختلف دبلوماسية القمم عن التعددية في العلاقات الدولية من ناحية أن دبلوماسية القمم تنحصر في علاقة «أوليغارشية» بمعنى أنها محصورة بين عدد محدود من الدول. وعلى سبيل المثال، مجموعة العشرين حين تجتمع في قمة يعني ذلك أن نحو 172 دولة لم تشملها هذه القمة. والأمر كذلك اعتبار البعض أن قمم حلف الأطلسي (الناتو) الذراع العسكرية للمجتمع الغربي تستبعد فعلياً التعاطي مع بقية الدول 172.
لقاءات القمم الدبلوماسية تجمع في نطاقها عدداً قليلاً من الدول، التي تجمعها مصالح مشتركة، وإن اختلفت القيم التي تؤمن بها أطرافها المشاركة في تلك القمم. والميزة في هذا أنها تتيح ما لا تتيحه التعددية من بروز قيادات إقليمية أو دولية، كنوع من تجمع نخبوي للدول، كما كان سائداً في حقبة نظام ويستفاليا 1648، وفيينا 1815.
بمعنى آخر، دبلوماسية القمم هي امتداد للدبلوماسية التقليدية؛ حيث هي في الأساس تجمع الدول، وليس بالضرورة في شكل حصري، كما كانت تجتمع في الماضي، لأن الدول بمقدورها التحكم في الأحداث، ومتابعة التداعيات الدولية لبعض تطورات الأحداث. والقمم تتيح بالضرورة التواصل المباشر بين قادة الدول والتنسيق فيما بينهم لاحتواء المشكلات التي يواجهونها. ويعتقد أن لقاءات القمة بين القوى الصاعدة والمؤثرة يسهّل التوصل إلى حلول للتحديات والأزمات التي تواجه أطرافها المشاركة، مع وجود قناعة أن الرؤية المشتركة التي تجمعهم في بعض القضايا تحول دون صدام أو تعارض المصالح بينهم، ولو مؤقتاً.
وفي هذه الجزئية الأخيرة، تجدر الإشارة إلى اللقاء الذي تم في جزيرة بالي، بإندونيسيا، في اجتماع مجموعة العشرين، بين الزعيم الصيني شي جينبينغ، والرئيس الأميركي جو بايدن، الذي استغرق 3 ساعات، حيث يظهر بوضوح التحدي الكبير الذي تمثله الصين للولايات المتحدة كقوة اقتصادية منافسة، وأيضاً قوة سياسية منافسة، بالإضافة إلى نمو قواتها العسكرية بشكل يثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين. وهنا تتبين ميزة وفائدة دبلوماسية القمم التي تتجاوز أهميتها من لقاءات وزراء خارجية الدول المعنية.
واللافت في الأمر أن غياب الرئيس بوتين عن قمة العشرين، 15 - 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتمثيله من خلال وزير خارجيته، قصرت لقاءاته على هذا المستوى بدلاً من الالتقاء بالقيادات المشاركة في الإجتماع. وفي منتدى قادة دول آسيا والمحيط الهادي (أبيك APEC) كان مثيراً إشارة البيان الختامي (19 نوفمبر) إلى إدانة القادة لحرب أوكرانيا، وتشديدهم على أنها تسببت في معاناة إنسانية هائلة، تؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الحالية في الاقتصاد العالمي، مكررين بذلك موقفاً صدر في ختام مجموعة العشرين قبل ذلك بأيام قليلة. الفارق بين البيانين أن في بيان مجموعة العشرين أدان «غالبية الأعضاء»، وليس بشكل مطلق، الحرب في أوكرانيا، ما يمثل تطوراً نوعياً للمواقف السابقة للأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ امتنع حينها عن التصويت كل من الصين والهند لإدانة الحرب في أوكرانيا.
وسنلاحظ كيف أن قمم الرياض الثلاث الأخيرة السعودية - الصينية، والقمة الخليجية - الصينية، والقمة العربية الصينية، تمثل انعطافاً جديداً في العلاقات الصينية مع جميع الأطراف العربية، لأهمية ما تضمنته بياناتها الختامية من مجالات التعاون المختلفة. وبذلك تموضع الدول العربية في العلاقات الدولية ليس في المقاعد الخلفية، بل هي بدأت تشق لنفسها مقاعد أمامية متقدمة في المسرح الدولي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية القمم ماذا تعني دبلوماسية القمم ماذا تعني



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 18:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية
  مصر اليوم - نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon