توقيت القاهرة المحلي 00:33:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرصة أضاعتها السلطة الفلسطينية في مجلس الأمن

  مصر اليوم -

فرصة أضاعتها السلطة الفلسطينية في مجلس الأمن

بقلم - د. محمد علي السقاف

في 20 فبراير (شباط) الماضي أصدر مجلس الأمن الدولي «بياناً» رئاسياً بدعم جميع أعضائه الـ15 ندَّد فيه بقرار الحكومة الإسرائيلية إضفاء الشرعية على 9 مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، معتبراً أن المستوطنات «عَقَبة أمام السلام وأن استمرار النشاط الإسرائيلي يعرّض (مبدأ) حل الدولتين للخطر». وأعرب البيان عن «قلقه العميق ومفاجآته» بإعلان إسرائيل إضفاء الشرعية على المستوطنات التسع وبناء مساكن جديدة في المستوطنات القائمة.
المشكلة في صدور تلك الإدانات في شكل «بيان» ولم يصدر «بقرار» من مجلس الأمن!
نشرت «وكالة خبر الفلسطينية للصحافة» بتاريخ 25 فبراير الماضي مقالاً بعنوان «بين قرار أو بيان رئاسي يصدر عن مجلس الأمن» بقلم صادق الشافعي، قال فيه إنه لا خلاف جوهرياً ومهماً في المضمون بين قرار يصدر عن مجلس الأمن، وبيان رئاسي يصدر عنه، كلاهما سيذهب إلى أرشيف مجلس الأمن كإضافة إلى الكثير الموجود. الفرق الوحيد كان ذلك المتعلق بدور وموقع الولايات المتحدة في أيٍّ منهما. ولذلك رأى الكاتب أن القرار لو عُرض للتصويت ستكون النتيجة سقوط القرار باستخدام الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) مما سيحمّل أميركا المسؤولية السياسية والمعنوية عن ذلك، ومعها الإحراج. ولذلك كان خيار البيان السياسي، وقد صدر بالإجماع، وكان هو البيان الأول من المجلس لصالح القضية الفلسطينية منذ 9 سنوات.
من الواضح أن كاتب المقال لم يكن دقيقاً في طرحه، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 2016 وللمرة الأولى منذ عام 1979 قراراً دعا فيه إسرائيل إلى وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، صدر ذلك القرار جراء عدم استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو، وتم ذلك في فترة قصيرة في عهد الرئيس أوباما قبل تسليمه السلطة للرئيس دونالد ترمب.
دون الدخول في تفاصيل قانونية حول الفارق بين البيان الرئاسي والقرار من الناحية القانونية، نشير فقط إلى أن ميثاق الأمم المتحدة لم ينصّ على البيانات الرئاسية في الميثاق، ضمن اختصاصات المجلس ووظائفه وذلك خلافاً لموضوع القرارات والتوصيات التي نص عليها الميثاق أهمها ما جاء في المادة 25 التي تقرر أن «يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق»، وكما قال الأستاذ محمد طلعت الغنيمي إن «الذي يُستفاد من هذا النص أن ما يسمى قراراً لمجلس الأمن، هو التصرف الملزم لأعضاء الأمم المتحدة، فإذا صدر عن المجلس تصرف ليس له أثر الإلزام لا يعد قراراً في معنى المادة (25)...». وفي دراسة مفصّلة للبروفسور في جامعة «روان بول تافرنييه P. TAVERNIER» حول بيانات مجلس الأمن، أوضح أن البيان الرئاسي مهما يتم إخراجه بصيغ مختلفة فهو يعبّر عن موقف مجلس الأمن وتوافق أعضاء المجلس على مضمونه، ولا يمثل رأي رئيس المجلس ولا موقف إحدى الدول الأعضاء منفردةً. وأوضح الكاتب في خلاصة دراسته صعوبة اعتبار البيانات الرئاسية مثل القرارات لعدة أسباب؛ أنه لا يمكن أن تصدر البيانات مثل القرارات في إطار الفصل السابع من الميثاق، وأن المجلس يقر بوجود حالة اعتداء، وحالة إخلال بالأمن والسلم الدوليين وفق نص المادة (39) من الميثاق الذي أوكل إلى مجلس الأمن تبني توصياته أو أن يقرر من التدابير طبقاً لأحكام المادتين «41» و«42» من الفصل السابع. وبذلك يتضح بشكل جليٍّ الاختلاف القانوني وتداعياته السياسية بين القرار والبيان الرئاسي. ومن هنا كان أمراً مؤسفاً أن مشروع القرار الملزم الأقوى في مفرداته والمقدَّم من إحدى الدول عارضته الولايات المتحدة بشدة، وتم استبداله ببيان رئاسي بموافقة السلطة الفلسطينية وجميع أعضاء مجلس الأمن.
وكان رد الفعل الإسرائيلي على هذا البيان قد جاء من نتنياهو بأن عدّه «أحادي الجانب ويُنكر الحق التاريخي لليهود»، و«ما كان ينبغي -وفق ما صدر من مكتبه- للولايات المتحدة أن تنضم إليه»!
ونشير هنا إلى بعض المفارقات الصارخة في موقف الولايات المتحدة إزاء القضية الفلسطينية. إعلان الرئيس ترمب في ديسمبر (كانون الأول) 2017 مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، والمباشرة بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة الفلسطينية المحتلة، مضيفاً في خطابه المتلفز قوله: «القدس ليست فقط قلب الأديان الثلاثة (المسيحية واليهودية والإسلام) لكنها الآن أيضاً قلب إحدى أنجح الديمقراطيات في العالم». وأضع خطاً عريضاً تحت العبارة الأخيرة. الديمقراطية المزعومة هضمت الحقوق الفلسطينية المشروعة وأفرزت حكومة يمينية متطرفة. والمفارقة الثانية طرحتها بذكاء ودبلوماسية رئيسة لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنيّة بالأرض الفلسطينية المحتلة، نافي بيلاي (من جنوب أفريقيا)، أمام الجمعية العامة في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قائلة إن «التصريحات الأخيرة للأمين العام وعدد من الدول الأعضاء أوضحت أن أي محاولة لضم أراضي دولةٍ ما بشكل أحاديّ الجانب من دولة أخرى تُعدّ انتهاكاً للقانون الدولي وتعد لاغيةً وباطلةً». وصوتت الأسبوع الماضي 143 دولة عضواً، بما في ذلك إسرائيل، دعماً لقرار الجمعية العامة الذي يؤكد ذلك.
وشددت على أنه إذا لم يطبَّق هذا المبدأ الأساسي من ميثاق الأمم المتحدة بشكل عالمي، بما في ذلك على الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، سيصبح لا معنى له. ومن الواضح أنها بذلك علَّقت على قرارات الجمعية العامة حول الأزمة الأوكرانية الروسية. وهنا أوضحت ازدواجية المعايير فيما تسمى المبادئ والقيم الغربية في تفسيراتها للقانون الدولي وبنود ميثاق الأمم المتحدة، على اعتبار أن وجود روسيا في أجزاء من الأراضي الأوكرانية احتلال لأراضي الغير، وحين يتعلق الأمر باحتلال الأراضي الفلسطينية من إسرائيل لا يعترف البعض بأنه احتلال وإنما نزاع يتوجب حلّه عبر المفاوضات. إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تُحلّ الأزمة الأوكرانية - الروسية عبر المفاوضات؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرصة أضاعتها السلطة الفلسطينية في مجلس الأمن فرصة أضاعتها السلطة الفلسطينية في مجلس الأمن



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
  مصر اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 00:33 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
  مصر اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 06:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

بحث أميركي يدشن مشروعًا لإعادة تصور وجه نفرتيتي

GMT 23:17 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

نادي روما الإيطالي يجهض حلم يورجن كلوب

GMT 13:46 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اجتماع لمجلس إدارة اتحاد الكرة الثلاثاء المقبل

GMT 11:51 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الإسماعيلي في مباراة قوية أمام الأسيوطي مساء الإثنين

GMT 01:38 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

إلهام شاهين والأب دانيال يكرمان آمال فريد

GMT 05:51 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

صعوبة البلع والنزيف المهبلي أبرز أعراض السرطان

GMT 22:36 2016 الإثنين ,28 آذار/ مارس

فوائد الجزر والخضروات لسرطان البروستاتا

GMT 22:09 2014 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حاسبات" بني سويف تنظم مسابقة في البرمجيات للجامعات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon