توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أوابك» والنفط وحرب أكتوبر

  مصر اليوم -

«أوابك» والنفط وحرب أكتوبر

بقلم - د. محمد علي السقاف

حرب أكتوبر التي اندلعت يوم السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1973، شكلت المفاجأة الكبرى على صعيد المواجهات العسكرية مع إسرائيل وحلفائها - خصوصاً الولايات المتحدة الذين لم يكونوا يتوقعون حدوث ذلك، وكانت «الصدمة أكبر» مع قرارات النفط التي اتخذتها الدول العربية المنتجة في 17 أكتوبر 1973 من ناحية استمرارية تداعياتها وتطوراتها على العلاقات النفطية بين الدول المنتجة وشركات النفط العالمية والدول المستهلكة. كيف كانت ردود أفعال الدول المستهلكة حيال القرارات النفطية التي تبنتها الدول المنتجة؟ وما مغزى إنشاء «وكالة الطاقة الدولية» باقتراح أميركي وتحديداً من وزير خارجيتها هنري كيسنجر؟ وهل هذا الاقتراح ذو طابع اقتصادي بحت أم هو جيوسياسي لتأكيد هيمنة الولايات المتحدة على المعسكر الغربي؟ أسئلة كثيرة ومنها من الآن قد يتساءل القارئ عن دور ومكانة منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (أوابك)، هل كانت المنظمة هي الإطار الذي اتُخذت فيه قرارات النفط والمقاطعة أم أن القرارات اتُخذت من قِبل وزراء النفط العرب خارج إطار ومسؤولية منظمة «الأوابك» العربية؟


هذا الجدل لا يزال قائماً الآن بمناسبة مرور ذكرى 50 عاماً لحرب أكتوبر المجيدة، والربط بين الأحداث العسكرية والقرارات النفطية التي اتُخذت بعد اندلاع الحرب بأحد عشر يوماً وتحديداً في 17 أكتوبر، حين قرر وزراء النفط العرب في اجتماعهم في الكويت تخفيض إنتاجهم من النفط بنسبة 5 في المائة عن مستوى إنتاج شهر سبتمبر (أيلول)، و5 في المائة إضافية في كل شهر تالٍ حتى يتم الانسحاب من الأراضي العربية التي احتُلت في حرب 1967. إضافة إلى تلك القرارات العامة فُرض حظر نفطي على الولايات المتحدة وهولندا والدنمارك يوم 19 أكتوبر إثر الدعم العسكري الذي قدمته هذه الدول لإسرائيل في أثناء حرب أكتوبر. ورغم أن الإنتاج العالمي للنفط لم ينخفض أكثر من 5 في المائة فقد ارتفعت مع ذلك الأسعار بمقدار 4 أضعاف. وهنا يلاحظ الاختلاف في مواقف الدول العربية النفطية في أكتوبر عن القرارات التي تبنتها في عام 1956/ حرب السويس، وعام 1967 / حرب الأيام الستة؛ حيث قامت هذه المرة بالربط بين إجراء تخفيض مستوى إنتاج النفط وقرار الحظر النفطي؛ لأن إقرار حظر نفطي نحو دولة أو دول معينة من دون تخفيض الإنتاج وخلق نقص في إمدادات النفط العالمية تكون تأثيراته محدودة جداً، ولا تحقق الهدف من فرض الحظر النفطي كأداة ضغط على الدول المستهدفة. والفائدة الكبيرة التي تحققت للدول العربية النفطية من قرارات 17 أكتوبر والقرارات اللاحقة، هي أنها حققت لها سيادتها على ثروتها النفطية التي تولت في الماضي الشركات النفطية العاملة في الدول المنتجة - وفق مصالحها - تحديد أسعار وحجم إنتاج النفط في الأسواق العالمية. وهنا توجهت بعض الدول العربية عبر آلية التأميم لشركات النفط الأجنبية، وأخرى عبر سياسة المشاركة بنسب تدريجية حتى تصل إلى مائة في المائة. وقد قدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) للدول الغربية المبالغ الإضافية التي كلفتها زيادات الأسعار لدولها الأربع والعشرين في ديسمبر (كانون الأول) 1973 فقط مبلغ 50 مليار دولار إضافي!

وأحد التداعيات الإيجابية تمثل باتخاذ الدول التسع للسوق الأوروبية المشتركة في بروكسل القرار بتاريخ 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973 الداعي إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، وإقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، والأخذ في الاعتبار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني! ورداً على هذا الموقف الجميل قامت الدول العربية في اجتماعها في فيينا في 18 نوفمبر بعدم تطبيق نسبة الـ 5 في المائة من تخفيض الإنتاج المقررة لشهر ديسمبر! باستثناء هولندا عن ذلك القرار، وفي الوقت ذاته تم الإبقاء على الحظر النفطي الكامل للولايات المتحدة.

وقد كانت الدول الأوروبية الأكثر تأثراً من ارتفاع أسعار النفط والحظر النفطي وليست الولايات المتحدة التي تعتمد على النفط العربي بنسبة 54 في المائة. ولمواجهة الدول المنتجة للنفط عمدت الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) 1974 إلى تأسيس «الوكالة الدولية للطاقة» التي رآها البعض بأنها «الناتو النفطي» من ضمن مهامها امتلاكها رصيداً استراتيجياً من النفط يمكنها بواسطته التدخل في السوق. ورأى البعض في هذه التطورات تحول المواجهة في فترة الحرب الباردة بين الشرق والغرب إلى مواجهة مع دول الجنوب. مواجهة أكتوبر على الصعيد العسكري خلقت شرق أوسط جديداً، وفي المجال النفطي سُميت بالصدمة النفطية، ما أبرز دور النفط في السياسة الدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أوابك» والنفط وحرب أكتوبر «أوابك» والنفط وحرب أكتوبر



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon