توقيت القاهرة المحلي 22:21:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفارقات غربية في الحرب ضد غزة

  مصر اليوم -

مفارقات غربية في الحرب ضد غزة

بقلم - د. محمد علي السقاف

بشكل غير مسبوق، هناك شبه إجماع رسمي من الدول الغربية على حرب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة. وفي المقابل؛ في بقية مناطق العالم؛ في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، تتفاوت المواقف في هذه الحرب.
-ADVERTISEMENT-

هل هذا الانقسام بين الموقفين إشارة إلى أننا فعلاً أمام بداية لتشكّل النظام الدولي الجديد من جهة دول الغرب التي هيمنت على العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، وانقسام العالم إلى قطبين؛ هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي؟ وبزوال وتفكك الاتحاد السوفياتي أدى ذلك إلى هيمنة القطب الواحد ممثلاً في الغرب بزعامة الولايات المتحدة، ثم بدأ يتراجع دورها العالمي بظهور قوى دولية صاعدة مثل الهند والصين، ودول إقليمية أخرى في العالم العربي، خصوصاً على مستوى الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

ما علاقة حرب غزة، التي يفضّل البعض تسميتها حرب إسرائيل ضد حركة «حماس»؟ ما الفارق بين حرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973، و7 أكتوبر 2023، وكلتاهما حدثت في الشهر المجيد نفسه، وبفارق يوم واحد بينهما؟ أليس من المثير حقاً أن بعض أوجه الاختلافات الجوهرية بينهما أن حرب أكتوبر 1973 قادتها دولتان عربيتان رئيسيتان هما مصر وسوريا، وبدعم لوجيستي وعسكري من عدد من الدول العربية، وانحصرت العمليات العسكرية فيها في نطاق الأراضي المصرية والسورية المحتلة، ولم تمتد إلى الأراضي الإسرائيلية؛ لأن في الأصل أهداف الحرب كانت بغرض تحرير الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، ولم تهدف إلى ضرب العمق الإسرائيلي... بينما حرب غزة تولتها منظمة سياسية متمثلة في حركة «حماس»، التي كان ميدان عملياتها العسكرية قد وصل إلى أراضٍ إسرائيلية خارج نطاق الأراضي الفلسطينية.

والسؤال الآخر: لماذا في حرب أكتوبر 73 لم يتوحد الموقف الغربي مع إسرائيل كما هو موحد تقريباً الآن ضد «حماس»؟ هل سبب ذلك يعود إلى قرارات الحظر النفطي الذي تبنته الدول العربية النفطية دعماً للمجهود الحربي «المصري- السوري»، وتحذيراً، إنْ لم نقل تهديداً، للولايات المتحدة الأميركية بأن دعمها اللامشروط لإسرائيل ستكون له تداعيات اقتصادية ومالية كبيرة عليها وعلى بقية حلفائها الغربيين؟ هل اختلاف الوضع في الحالة الراهنة يعود إلى أن الحرب تدور بين دولة إسرائيل ضد «منظمة حماس»، وليست حرباً بين إسرائيل ودول عربية؟

أغلب الفضائيات الغربية والصحف والتحليلات حاولت توصيف حركة «حماس»، ليس فقط بأنها حركة إرهابية فحسب، بل وصفتها بعضها بأنها أكثر إجراماً من «داعش»، وذهبت أخرى إلى أبعد من ذلك، ووصفتها بأنها تذكّرهم بما كان يقوم به النازيون مع اليهود، والمضحك المبكي في هذا الأمر أن هذه الادعاءات الأخيرة ألمانية! كأنه جرى نسيان النازية وموقفها ضد اليهود. ماذا لو لم تشهد ألمانيا «الهولوكوست»؟ هل كان بالإمكان تصور وجود إسرائيل في فلسطين؟

في زيارة الرئيس محمود عباس لألمانيا في شهر أغسطس (آب) 2022، في المؤتمر الصحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، سئل عمّا إذا كان يعتذر نيابةً عن المسلحين الفلسطينيين الذين نفّذوا عملية احتجاز الرهائن في أولمبياد ميونيخ، التي قُتل فيها 11 رياضياً إسرائيلياً في عام 1972، فتجنب عباس الرد مباشرةً، وأجرى مقارنةً مع الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية متهماً إسرائيل بارتكاب «50 مذبحة، 50 (هولوكوستاً)» ضد الفلسطينيين منذ عام 1947. وأثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة جعلت شولتس يشعر بالاشمئزاز، حسب تعبيره، إزاء تلك التصريحات المشينة التي أدلى بها الرئيس الفلسطيني.

في أزمة «حماس- غزة» ألغت ألمانيا والسويد مساعداتهما المخصصة للفلسطينيين، لكن بسبب ما حصل لليهود في فترة النازية، دُفعت تعويضات ضخمة لإسرائيل؛ أما للضحايا الفلسطينيين فلم يُدفع أي شيء. والأكثر إثارة للجدل اتهام البعض «حماس» بأنها ارتكبت جرائم قتل بحق ألف ومائتي شخص إسرائيلي، وربما أكثر قليلاً في «هولوكوست» فلسطيني، في حين عندما تتحدث إسرائيل عن الهولوكوست، تُقدّر القتلى ومعهم الألمان بستة ملايين ضحية، يا لها من مفارقة عددية وتوصيف خاطئ.

في الأيام الأولى من الهجوم المباغت لـ«حماس»، لا الرئيس بايدن ولا القادة الغربيون أشاروا بضرورة التزام إجرائي بقوانين الحرب في تعاملهم مع المدنيين، إلا بحلول اليوم السادس من الحرب، وجرى ذلك على استحياء كبير. جميع اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، التي تتعلق بحقوق الإنسان في حالة الحرب، وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، في معظمها صاغها وأعدّها الغرب، وهم الآن وآخرون في صدارة مَن ينتهكها.

لا أحد يشير بوضوح إلى إدانة تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الذي قال بكل بجاحة: «لا ماء، ولا غذاء، ولا كهرباء، ولا دواء سيُسمح بدخولها إلى غزة»، باستثناء منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي عدّت هذه التصريحات والأفعال جريمة حرب بجميع أركانها، وعلى محكمة الجنايات الدولية الأخذ بها؛ لتقديم الوزير إلى المساءلة القانونية.

ويجب على الجميع التسليم بأنه لا يمكن قبول التعرض للمدنيين من أي طرفٍ كان، والتأكيد في الوقت ذاته من دون تردد أو خجل، أن على الغرب الوفاء بالتزاماته الإنسانية نحو الشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة دولته المستقلة، وأن عهد القطب الغربي الواحد المهيمن والمسيطر قد ولّى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفارقات غربية في الحرب ضد غزة مفارقات غربية في الحرب ضد غزة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
  مصر اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 14:30 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
  مصر اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 06:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 06:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 09:44 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

GMT 15:33 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الجمعة 01 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

رودري يتوّج بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم

GMT 10:29 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 15:50 2022 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

إيه فيه أمل!

GMT 00:03 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

استبعاد راشفورد من قائمة منتخب إنجلترا

GMT 02:51 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع أسعارالذهب في الأسواق المصرية الأربعاء

GMT 19:04 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

مي عز الدين تكشف سر عدم ارتباطها حتى الآن

GMT 04:43 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

نادي الباطن السعودي يجدّد عقد خويلد عيادة

GMT 18:37 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

أشهر مذيع إيطالي يروج للسياحة في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon