توقيت القاهرة المحلي 23:33:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين الليونة مع الحوثيين والسباق إلى الحل مع إيران

  مصر اليوم -

بين الليونة مع الحوثيين والسباق إلى الحل مع إيران

بقلم: د. محمد علي السقاف

أسئلة كثيرة تراود المراقب حول ما يراه من تسابق دولي للبحث عن سبل تطويق الأزمة مع إيران في حين تراوح الأزمة اليمنية محلها تقريباً من دون حراك جذري في اتجاه الحل. ما أسباب هذا الاختلاف بين الحالتين؟ أليست أطراف الأزمة في الحالة اليمنية في مراحلها المختلفة موجودة أيضاً في الأزمة مع إيران بمستويات متباينة؟ وإذا كان الأمر كذلك لماذا الاختلاف في درجة الاهتمام بأزمة إيران وبمستوى أدنى في الحالة اليمنية؟
فالدول الدائمة في مجلس الأمن الدولي متفقة حول الأزمة اليمنية عند التصويت على القرارات ذات الصلة بالأزمة. ومع ذلك فعقوبات مجلس الأمن التي أصدرها ضد الحوثيين ظلت حبراً على ورق، وقرار حظر تزويد الحوثيين بالسلاح ظل أيضاً حبراً على ورق، والجميع يعلم مصادر الأسلحة التي تحصل عليها الجماعة الحوثية ليس فقط في إطار النزاع اليمني حصرياً بل أصبح أغلبها يستخدم ضد المملكة العربية السعودية، لا لسبب غير أن المملكة هي التي أوقفت التمدد الإيراني إلى اليمن، وبالتالي أرادتها إيران حرباً على المملكة عبر الحوثيين كوكيل لها في المنطقة مثل «حزب الله» اللبناني و«الحشد الشعبي» العراقي.
الأزمة اليمنية دخلت عامها الخامس والعمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية ضد جماعة الحوثيين لم تتوقف، والحل السياسي لا يبدو أنه اقترب في الأفق، بل انزلق في الرمال المتحركة، وانتقلت الطموحات من الحل الشامل بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي إلى عدم القدرة على تطبيق اتفاق استوكهولم وهو إن تم سيكون حلاً لجزئية من صلب أبعاد الأزمة اليمنية.
ذكر إعلامياً اقتراب المقاومة الجنوبية وعناصر من القوات الحكومية بدعم من التحالف العربي من تحرير محافظة الحديدة من قبضة الحوثيين وهزيمتهم، ولكن ضغوطاً دولية حالت دون تحريرها لدواع إنسانية، كما قيل، وهذا هدف نبيل في حد ذاته، ولكن الاعتبارات الإنسانية كلٌّ لا يتجزأ، والأمر نفسه يمكن مطالبة الحوثيين به في طريقة تعاملهم مع سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، ورفضهم حتى الآن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع الشرعية قبل مؤتمر استوكهولم بخصوص الإفراج عن السجناء والمعتقلين، وتبادل الأسرى بين طرفي النزاع، وبنهاية النزاع ستكشف صفحات التاريخ الأسباب والدوافع والأطراف التي ضغطت لإيقاف تحرير الحديدة، وإلا كان الحوثيون انصاعوا إلى إبداء المرونة للتفاوض حول إنهاء الصراع.
وفي حين أشارت بعض الإحاطات السابقة لمارتن غريفيث أمام مجلس الأمن بشكل أو آخر إلى الجنوب (القضية الجنوبية) كما حدث في جلسة 15 مايو (أيار) الماضي التي أكد فيها «على أهمية تعزيز مشاركة الجنوب في عملية السلام»، تجاهلها تماماً هذه المرة نتيجة الانتقاد الحاد الذي وجهه له وزير الخارجية اليمني المستقيل خالد اليماني بإيحاء من جانب القيادات الشمالية في الشرعية كما أشير لاحقاً وتفادى أيضاً هذه المرة في إحاطته لمجلس الأمن ذكر أسماء الشخصيات الحوثية التي التقى بها في صنعاء التي ذهب إليها مؤخراً بعد زيارته للرياض، وذلك للمرة الأولى في إحاطاته أمام المجلس واكتفى بالقول إنه «تشرف بمقابلة الرئيس هادي في الرياض» وكانت فرصة له حسب قوله «لتجديد التزامه بإعادة اليمن إلى سلام حددته قرارات هذا المجلس بما في ذلك القرار رقم 2216» لأنه يعلم أن جناحي الشرعية الجنوبية والشمالية تطمئنهما مثل هكذا تأكيدات، والأجمل ما قاله في نهاية إحاطته: «لا أستطيع التوقف عن التفكير أن اليمن يقترب من نهاية حربه، أعلم أنني غالباً ما اتهم بالتفاؤل، أنا أقر بهذه التهمة بكل بسرور، لكن لم أكن أنا من قال ذلك، بل مسؤول كبير وحكيم جداً في المنطقة، حيث قال مؤخراً إن هذه الحرب يمكن أن تنتهي هذا العام»، ولكنه لم يفصح على غير عادته من هو هذا المسؤول الكبير. يبدو أن شكوى الرئيس هادي للأمين العام للأمم المتحدة حول أداء مبعوثه الخاص أعطت ثمارها «بترويضه».
والأهم من كل ذلك ما عبر عنه غريفيث مرتين في إحاطته الأخيرة عن مخاوفه للاحتمال المخيف للحرب في المنطقة، وأنه وجد عند كل من قابلهم رغبة قوية «لإبعاد اليمن عن أي صراع من هذا القبيل إذا حدث»، وهذه رغبة يتفق معها بشدة جميع أبناء المنطقة، ولكن الأسئلة المحيرة التي طرحت في بداية المقال وعنوانه لماذا تباطأ الحل في الأزمة اليمنية والتسابق الدولي المحموم في البحث عن سبل تطويق الأزمة مع إيران؟ والرد على تلك التساؤلات يتطلب عدة إجابات تميز الأزمة مع إيران عن الأزمة اليمنية، جوهر الأزمة مع إيران ذات علاقة مباشرة بالاتفاق النووي الذي تم بين إيران والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا والصين) زائد ألمانيا في 14 يوليو (تموز) 2015 الذي أقره مجلس الأمن الدولي في 20 يوليو 2015 ودخل حيز التنفيذ في مطلع عام 2016 والذي نص بشكل رئيسي على رفع العقوبات المفروضة على إيران تدريجياً مقابل تعهدها بوقف تخصيب اليورانيوم، وامتلاك السلاح النووي، وقرر الرئيس الأميركي ترمب الانسحاب من هذا الاتفاق «السيئ» الذي وافق عليه الرئيس أوباما.
أما الأزمة اليمنية فكانت في الأصل أزمة داخلية، ثم أصبحت أزمة عربية إقليمية تطورت لتأخذ تدريجياً بُعداً دولياً عندما تبين عمق التدخل الإيراني في الشأن اليمني عبر ازدياد دعمه للحوثيين بالأسلحة الباليستية المتطورة وبالطائرات المسيرة، مما يهدد أمن المملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربي، وكذلك الملاحة الدولية في مضيق باب المندب وبحر العرب، وفي المحيط الهندي مما أدى إلى تدويل جزئي للأزمة اليمنية.
والسؤال الآخر لماذا الحظر على توريد السلاح للحوثيين وفق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة لم يكن ناجعاً، بينما نجحت إلى حد كبير العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران خاصة على مستوى تصديرها للنفط؟ ألا يقلل هذا من فاعلية العقوبات ومراقبة تنفيذها التي تقرها الأمم المتحدة مقارنة بالعقوبات الفردية التي تتخذها الدول؟
وفي الأخير من المؤمل أن الجانبين الأميركي والإيراني اللذين يؤكدان عدم رغبتهما في وقوع حرب بينهما أن يترجما ذلك إلى تهدئة فعلية وإنجاح المساعي الدبلوماسية التي بادرت إليها بعض الدول الأوروبية، فنجاحها سيؤدي فعلاً إلى التعجيل بحل الأزمة اليمنية، والتي يقع على أطرافها ابتكار حلول جديدة مختلفة عن مشاريع ما قبل الحرب بينهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الليونة مع الحوثيين والسباق إلى الحل مع إيران بين الليونة مع الحوثيين والسباق إلى الحل مع إيران



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon