توقيت القاهرة المحلي 20:40:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وليام... قلبُ الأسد

  مصر اليوم -

وليام قلبُ الأسد

بقلم - فاتنة الدجاني

تابع الفلسطينيون بإيجابية الزيارة التاريخية للأمير وليام لرام الله والقدس. تابعوا بأملٍ كلامه الحميم عن زيارته الأراضي الفلسطينية، وأحبوا حديثه عن العلاقة بين «بلدينا»، هذه «الهفوة» السياسية التي تمنّوا لو كانت «هفوة فرويدية». شاهدوا صوره وهو يلعب كرة قدم في مدرسة الفرندز ويسجل هدفاً من بين 7 محاولات، ثم ابتسامته وهو يتلقى هدية «تي شيرت» لمنتخب فلسطين. ورافقوه، ولو افتراضياً، في جولة «شعبية» في رام الله تذوّق خلالها مأكولات البلد واحتسى القهوة العربية، وتعرّف إلى الموسيقى والفولكلور والدبكة الفلسطينية. رأوه واقفاً على جبل الزيتون، في بقعة تطل على قبة الصخرة، يرتادها السياح لالتقاط صور. ولا تُنسى صورته التي شهدت إقبالاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حين كان جالساً مع ولي العهد الأردني الأمير حسين في عمّان لمشاهدة إعادة لمباراة منتخب إنكلترا في المونديال.

كل هذا لا ينفي أن الزيارة، مهما حاول منظموها تزيينها، تُذكِّر الفلسطينيين بذلك الوعد المشؤوم، وعد بلفور، الذي أسس للنكبة وتهجير الفلسطينيين، وإن كان الانطباع العام الذي أثارته الزيارة يشير مواربة إلى ما يشبه الاعتذار أو الاعتذار غير الرسمي.

الزيارة، وكعادة أفراد العائلة المالكة البريطانية أثناء تفقّد مستعمراتهم السابقة، جاءت محمّلة بالكثير من الرموز التي تومئ إلى مقاصد سياسية حمّالة أوجه. فكيف إن كانت الأولى لفرد من العائلة المالكة للأراضي الفلسطينية منذ ٧٠ سنة هي عمر النكبة، وما تبعها من احتلال إسرائيلي لما تبقى من فلسطين الانتدابية؟ وكيف إن جاءت الزيارة بطلب من الحكومة البريطانية ذاتها؟

الجوهري في الزيارة هو التأكيد البريطاني، من دون مواربة، على أن القدس الشرقية محتلة، وأن البلدة القديمة جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة. كان الأمر واضحاً في جدولة زيارة المدينة ضمن برنامج جولة الأمير على الأراضي الفلسطينية وليس إسرائيل. صحيح أن هذه الخطوة أثارت استياء اليمين الإسرائيلي، إلا أنها ثبّتت الموقف البريطاني المُعلن، وأعطت دفعاً قوياً لمسألة الشرعية الدولية وعدم جواز تجاوزها، خصوصاً أنها جاءت بعد الضجيج الانفعالي الأميركي- الإسرائيلي الذي رافق الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، ونقل السفارة الأميركية الى المدينة، والاحتفال الكيدي بتدشينها.

المقارنة هنا تفرض ذاتها بين زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومحمولاتها التوراتية الدينية الصليبية المنحى، وعدم قبوله بالواقع التاريخي للمدينة من جهة، وبين الرقي الحضاري للأمير البريطاني وما أبداه من تودد تجاه أهلها من جهة أخرى.

والأمثلة كثيرة، ليس أقلها قرار القنصلية البريطانية تنظيم حفلة استقبال للأمير في مقرها بحي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية المحتلة. وكذا الترميز الواضح في رفض الأمير لقاء رئيس البلدية الإسرائيلية للقدس المحتلة نير بركت، ما دفع الأخير إلى سحب الطلب والاستنكاف. ثم تزامُن الزيارة مع تصريحيْن مهمين: الأول لزعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن يؤكد فيه أن حكومة يرأسها، إذا فاز في الانتخابات، ستعترف بالدولة الفلسطينية، والثاني لرئيسة الوزراء عن حزب المحافظين تيريزا ماي أكدت فيه أن الحل يجب أن يقوم على أساس دولتين، إسرائيل وفلسطين.

الأهم هو زيارة الأمير وليام لمخيم الجلزون للاجئين في الضفة الغربية، هذا الجرح الفلسطيني المفتوح. حتماً لم يكن المقصود النكاية، بل الاعتراف المهذّب بالذنب. لاحقاً، خاطب المقدسيين قائلاً: «لم يطوِكم النسيان». يضاف هذا إلى رمزية زيارته الأماكن المقدسة الثلاثة في القدس.

والعلاقة بين القدس وبريطانيا تاريخٌ قديم يعود إلى ريتشارد قلب الأسد وصلاح الدين الأيوبي، وما هو معروف من علاقات توتر وتسامح بينهما. زيارة الأمير، في كل خطوة منها، تستحضر هذا التاريخ.

لوليام قلبُ أسد، يُظهر الحق بالرموز، على أمل أن تتحوّل الى واقع.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وليام قلبُ الأسد وليام قلبُ الأسد



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:30 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
  مصر اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon