توقيت القاهرة المحلي 10:59:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وليام... قلبُ الأسد

  مصر اليوم -

وليام قلبُ الأسد

بقلم - فاتنة الدجاني

تابع الفلسطينيون بإيجابية الزيارة التاريخية للأمير وليام لرام الله والقدس. تابعوا بأملٍ كلامه الحميم عن زيارته الأراضي الفلسطينية، وأحبوا حديثه عن العلاقة بين «بلدينا»، هذه «الهفوة» السياسية التي تمنّوا لو كانت «هفوة فرويدية». شاهدوا صوره وهو يلعب كرة قدم في مدرسة الفرندز ويسجل هدفاً من بين 7 محاولات، ثم ابتسامته وهو يتلقى هدية «تي شيرت» لمنتخب فلسطين. ورافقوه، ولو افتراضياً، في جولة «شعبية» في رام الله تذوّق خلالها مأكولات البلد واحتسى القهوة العربية، وتعرّف إلى الموسيقى والفولكلور والدبكة الفلسطينية. رأوه واقفاً على جبل الزيتون، في بقعة تطل على قبة الصخرة، يرتادها السياح لالتقاط صور. ولا تُنسى صورته التي شهدت إقبالاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حين كان جالساً مع ولي العهد الأردني الأمير حسين في عمّان لمشاهدة إعادة لمباراة منتخب إنكلترا في المونديال.

كل هذا لا ينفي أن الزيارة، مهما حاول منظموها تزيينها، تُذكِّر الفلسطينيين بذلك الوعد المشؤوم، وعد بلفور، الذي أسس للنكبة وتهجير الفلسطينيين، وإن كان الانطباع العام الذي أثارته الزيارة يشير مواربة إلى ما يشبه الاعتذار أو الاعتذار غير الرسمي.

الزيارة، وكعادة أفراد العائلة المالكة البريطانية أثناء تفقّد مستعمراتهم السابقة، جاءت محمّلة بالكثير من الرموز التي تومئ إلى مقاصد سياسية حمّالة أوجه. فكيف إن كانت الأولى لفرد من العائلة المالكة للأراضي الفلسطينية منذ ٧٠ سنة هي عمر النكبة، وما تبعها من احتلال إسرائيلي لما تبقى من فلسطين الانتدابية؟ وكيف إن جاءت الزيارة بطلب من الحكومة البريطانية ذاتها؟

الجوهري في الزيارة هو التأكيد البريطاني، من دون مواربة، على أن القدس الشرقية محتلة، وأن البلدة القديمة جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة. كان الأمر واضحاً في جدولة زيارة المدينة ضمن برنامج جولة الأمير على الأراضي الفلسطينية وليس إسرائيل. صحيح أن هذه الخطوة أثارت استياء اليمين الإسرائيلي، إلا أنها ثبّتت الموقف البريطاني المُعلن، وأعطت دفعاً قوياً لمسألة الشرعية الدولية وعدم جواز تجاوزها، خصوصاً أنها جاءت بعد الضجيج الانفعالي الأميركي- الإسرائيلي الذي رافق الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، ونقل السفارة الأميركية الى المدينة، والاحتفال الكيدي بتدشينها.

المقارنة هنا تفرض ذاتها بين زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومحمولاتها التوراتية الدينية الصليبية المنحى، وعدم قبوله بالواقع التاريخي للمدينة من جهة، وبين الرقي الحضاري للأمير البريطاني وما أبداه من تودد تجاه أهلها من جهة أخرى.

والأمثلة كثيرة، ليس أقلها قرار القنصلية البريطانية تنظيم حفلة استقبال للأمير في مقرها بحي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية المحتلة. وكذا الترميز الواضح في رفض الأمير لقاء رئيس البلدية الإسرائيلية للقدس المحتلة نير بركت، ما دفع الأخير إلى سحب الطلب والاستنكاف. ثم تزامُن الزيارة مع تصريحيْن مهمين: الأول لزعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن يؤكد فيه أن حكومة يرأسها، إذا فاز في الانتخابات، ستعترف بالدولة الفلسطينية، والثاني لرئيسة الوزراء عن حزب المحافظين تيريزا ماي أكدت فيه أن الحل يجب أن يقوم على أساس دولتين، إسرائيل وفلسطين.

الأهم هو زيارة الأمير وليام لمخيم الجلزون للاجئين في الضفة الغربية، هذا الجرح الفلسطيني المفتوح. حتماً لم يكن المقصود النكاية، بل الاعتراف المهذّب بالذنب. لاحقاً، خاطب المقدسيين قائلاً: «لم يطوِكم النسيان». يضاف هذا إلى رمزية زيارته الأماكن المقدسة الثلاثة في القدس.

والعلاقة بين القدس وبريطانيا تاريخٌ قديم يعود إلى ريتشارد قلب الأسد وصلاح الدين الأيوبي، وما هو معروف من علاقات توتر وتسامح بينهما. زيارة الأمير، في كل خطوة منها، تستحضر هذا التاريخ.

لوليام قلبُ أسد، يُظهر الحق بالرموز، على أمل أن تتحوّل الى واقع.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وليام قلبُ الأسد وليام قلبُ الأسد



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon