توقيت القاهرة المحلي 10:50:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا سلطة في المقاومة الشعبية

  مصر اليوم -

لا سلطة في المقاومة الشعبية

بقلم : فاتنة الدجاني

 كانت «جمعة عظيمة» بكل المعاني. فيها اجتمعت رموزٌ يتقاطع فيها العقائدي الديني والسياسي والتاريخي. تماماً مثل صورة فلسطين.

في القلب منها «مسيرة العودة الكبرى» في ذكرى «يوم الأرض». تطورٌ نوعيٌ في «المقاومة الشعبية». لا أدل على ذلك أكثر من رد فعل جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ تأهب كأنها الحرب، ونشر قناصة، وإشراف رئيس الأركان وجنرالاته شخصياً على الوضع عند الحدود.

في الجمعة العظيمة في غزة، حضرت الوحدة الوطنية والعلَم الواحد، عَلَم فلسطين، وغابت رايات الفصائل. في مشهديتها، أعاد الفلسطيني تذكير العالم بمأساته. نصَب خياماً على طول الحدود تعيد الى الأذهان صور النكبة الأولى. وفيها قال للعالم بأعلى صوته: نحن هنا. ولدنا ونحيا ونموت. وإذا كانت ممانعة الرئيس محمود عباس أسقطت «صفقة القرن» الى حين، فإن «مسيرة العودة الكبرى» وجهت اليها ضربة موجعة.

كل هذا لا يعفي من وقفة تأملٍ تمس مصطلح «المقاومة الشعبية» ومدلولاته، وهو ما أُطلق على المسيرات بمحاذاة حدود غزة. هذه الوقفة يزيدها إلحاحاً كمٌّ كبير من المقالات والتحليلات والتصريحات اعتبر حصيلة الجمعة انتصاراً حصرياً لفصيل واحد، هو «حماس»، في مقابل فصيلٍ آخر هو «فتح»، أو الأدق السلطة الوطنية. فكأنما الحرب بينهما وليس مع الاحتلال. وما خطاب الرئيس الفلسطيني لمناسبة «يوم الأرض» وإعلان الحداد العام على الشهداء، سوى شكل من كسر الاحتكار.

التجربة الفلسطينية الطويلة ترى في «المقاومة الشعبية» عقداً اجتماعياً وطنياً، وحالة ارتقاء بالوعي الجمعيّ وتسليمه بحتمية مقاومة الاستيطان والاحتلال، واستعداده للتضحيات. هي مقاومة عابرة لكل الفصائل والتنظيمات باعتبارها روافد. وهي في نقائها روحُ الشعب، والحالة المعنوية لوجوده.

انتفاضة 1987 أرقى مثال لتلك الروح الجمعية الطامحة الى التحرر، قبل أن تُحرَف خلال المفاوضات تحت شعار «الحراك تكتيك، والحصاد استراتيجية، ولا أحد يحارب من دون هدف». وبمنطق غير واقعي (يجهل طبيعة الاحتلال)، تمت الموافقة على مؤتمر مدريد بتمثيلٍ فلسطيني قاصرٍ لم يدُم طويلاً لأن اتفاق أوسلو أبطله.

«تصنيع» المقاومة الشعبية بأمر تنظيميّ يتضمن خطر تفريغها من محتواها الجامع، ويصادرها لمصلحة فريق من دون آخر، وهذا بعض ما يهدد وصف مسيرات العودة في غزة. هو مثل «انتفاضة الأقصى» عام 2000 التي كانت هيمنة القرارات القيادية واضحة فيها، ولم تُحقق اختراقاً في الأفق السياسي، على رغم ميلها الواضح نحو العسكرة من دون حساب لموازين القوى، ولا الإعداد الجيد لذلك أصلاً.

هذا لا يعني أن الانتفاضة «المصنّعة» لا تحقق شيئاً، بل ربما تحقق الحد الأدنى في العادة، مقارنة بمقاومة شعبية عفوية متحررة من وصاية سلطة، أي سلطة، وملتزمة قيادة جماعية واعية. ومن التجربة التاريخية الفلسطينية الطويلة، فإن تجيير المقاومة الشعبية لمصلحة فريق هو تعميق للانفصال وللخلاف وتشظٍ للقوى الوطنية ومحاولة للاستقواء.

واستقواء طرف على حساب آخر، في ظل ظروف «صفقة القرن»، محلياً وإقليمياً ودولياً، ليس أكثر من تحسين أوراق الاستقواء فحسب، وكأنه إعادة خلط الأوراق تمهيداً لاعتمادات جديدة. ونرجو أن لا تكون «المقاومة الشعبية» محلَ توظيف لإعادة إطلاق مرحلة جديدة من الحلول، وعلى رأسها «صفقة القرن» ببرقع جديدٍ محسّن.

قيمة المقاومة الشعبية في أن تبقى نقية الجوهر. وإذا كانت إعادة تقويم خطابها ضرورية، فلمزيد من تعزيز المشروع الوطني. والشرط هنا أن لا تكون على المقاومة سلطة، لا لهذا الفصيل ولا ذاك، بل للوطن.

 نقلاً عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا سلطة في المقاومة الشعبية لا سلطة في المقاومة الشعبية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon