توقيت القاهرة المحلي 05:19:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا سلطة في المقاومة الشعبية

  مصر اليوم -

لا سلطة في المقاومة الشعبية

بقلم : فاتنة الدجاني

 كانت «جمعة عظيمة» بكل المعاني. فيها اجتمعت رموزٌ يتقاطع فيها العقائدي الديني والسياسي والتاريخي. تماماً مثل صورة فلسطين.

في القلب منها «مسيرة العودة الكبرى» في ذكرى «يوم الأرض». تطورٌ نوعيٌ في «المقاومة الشعبية». لا أدل على ذلك أكثر من رد فعل جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ تأهب كأنها الحرب، ونشر قناصة، وإشراف رئيس الأركان وجنرالاته شخصياً على الوضع عند الحدود.

في الجمعة العظيمة في غزة، حضرت الوحدة الوطنية والعلَم الواحد، عَلَم فلسطين، وغابت رايات الفصائل. في مشهديتها، أعاد الفلسطيني تذكير العالم بمأساته. نصَب خياماً على طول الحدود تعيد الى الأذهان صور النكبة الأولى. وفيها قال للعالم بأعلى صوته: نحن هنا. ولدنا ونحيا ونموت. وإذا كانت ممانعة الرئيس محمود عباس أسقطت «صفقة القرن» الى حين، فإن «مسيرة العودة الكبرى» وجهت اليها ضربة موجعة.

كل هذا لا يعفي من وقفة تأملٍ تمس مصطلح «المقاومة الشعبية» ومدلولاته، وهو ما أُطلق على المسيرات بمحاذاة حدود غزة. هذه الوقفة يزيدها إلحاحاً كمٌّ كبير من المقالات والتحليلات والتصريحات اعتبر حصيلة الجمعة انتصاراً حصرياً لفصيل واحد، هو «حماس»، في مقابل فصيلٍ آخر هو «فتح»، أو الأدق السلطة الوطنية. فكأنما الحرب بينهما وليس مع الاحتلال. وما خطاب الرئيس الفلسطيني لمناسبة «يوم الأرض» وإعلان الحداد العام على الشهداء، سوى شكل من كسر الاحتكار.

التجربة الفلسطينية الطويلة ترى في «المقاومة الشعبية» عقداً اجتماعياً وطنياً، وحالة ارتقاء بالوعي الجمعيّ وتسليمه بحتمية مقاومة الاستيطان والاحتلال، واستعداده للتضحيات. هي مقاومة عابرة لكل الفصائل والتنظيمات باعتبارها روافد. وهي في نقائها روحُ الشعب، والحالة المعنوية لوجوده.

انتفاضة 1987 أرقى مثال لتلك الروح الجمعية الطامحة الى التحرر، قبل أن تُحرَف خلال المفاوضات تحت شعار «الحراك تكتيك، والحصاد استراتيجية، ولا أحد يحارب من دون هدف». وبمنطق غير واقعي (يجهل طبيعة الاحتلال)، تمت الموافقة على مؤتمر مدريد بتمثيلٍ فلسطيني قاصرٍ لم يدُم طويلاً لأن اتفاق أوسلو أبطله.

«تصنيع» المقاومة الشعبية بأمر تنظيميّ يتضمن خطر تفريغها من محتواها الجامع، ويصادرها لمصلحة فريق من دون آخر، وهذا بعض ما يهدد وصف مسيرات العودة في غزة. هو مثل «انتفاضة الأقصى» عام 2000 التي كانت هيمنة القرارات القيادية واضحة فيها، ولم تُحقق اختراقاً في الأفق السياسي، على رغم ميلها الواضح نحو العسكرة من دون حساب لموازين القوى، ولا الإعداد الجيد لذلك أصلاً.

هذا لا يعني أن الانتفاضة «المصنّعة» لا تحقق شيئاً، بل ربما تحقق الحد الأدنى في العادة، مقارنة بمقاومة شعبية عفوية متحررة من وصاية سلطة، أي سلطة، وملتزمة قيادة جماعية واعية. ومن التجربة التاريخية الفلسطينية الطويلة، فإن تجيير المقاومة الشعبية لمصلحة فريق هو تعميق للانفصال وللخلاف وتشظٍ للقوى الوطنية ومحاولة للاستقواء.

واستقواء طرف على حساب آخر، في ظل ظروف «صفقة القرن»، محلياً وإقليمياً ودولياً، ليس أكثر من تحسين أوراق الاستقواء فحسب، وكأنه إعادة خلط الأوراق تمهيداً لاعتمادات جديدة. ونرجو أن لا تكون «المقاومة الشعبية» محلَ توظيف لإعادة إطلاق مرحلة جديدة من الحلول، وعلى رأسها «صفقة القرن» ببرقع جديدٍ محسّن.

قيمة المقاومة الشعبية في أن تبقى نقية الجوهر. وإذا كانت إعادة تقويم خطابها ضرورية، فلمزيد من تعزيز المشروع الوطني. والشرط هنا أن لا تكون على المقاومة سلطة، لا لهذا الفصيل ولا ذاك، بل للوطن.

 نقلاً عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا سلطة في المقاومة الشعبية لا سلطة في المقاومة الشعبية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon