توقيت القاهرة المحلي 08:54:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دولتان لا دولة واحدة

  مصر اليوم -

دولتان لا دولة واحدة

بقلم - فاتنة الدجاني

بسهولة ويُسر، انزلق النقاش في شأن حل الدولتيْن إلى فكرة الدولة الواحدة. المطلوب، وفق الرئيس دونالد ترامب، هو توسيع الأفق والبحث عن حلول «خارج الصندوق»، ولا مانع في سبيل ذلك من إطاحة أفكار هي حصيلة عمل نضالي وديبلوماسي شائك وطويل.

دولتان أم دولة واحدة؟ يُعاد طرح السؤال الذي يفتقر إلى أي مظلة شرعية عربية أو دولية، فلا يكاد أن يمر يوم إلا ويُعقد مؤتمر أو يصدر تصريح أو إعلان عن دولة أو مسؤول أو جهة يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن ما من خيار للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي سوى حل الدولتين. وليس آخراً تأكيد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي دعم بلاده هذا الخيار، وتشديد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على أنه «السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم».

هذا النقاش لم يغِب أيضاً عن الساحة الإسرائيلية الشهر الجاري، ولكن من دون أن يبدو ذلك أكثر من مقارعة حزبية ضد اليمين، تصب من دون شك في الهدف النهائي، أي ضم الضفة الغربية إلى الدولة العبرية. حتى في وجود أصوات إسرائيلية ما زالت ترى أن الحل الأمثل هو دولتان، هذا الرأي لا يجد تمثيلاً سياسياً في الكنيست، وبالتالي في القرارات، ويبقى نقاشاً أكاديمياً. لا ننسى أيضاً أن الدعوة إلى دولة ثنائية القومية، لن توافق عليها إسرائيل، كما أن دعوة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى دولة واحدة بنظامين تعني «أبارتهايد» حتماً.

ولكن، ماذا يريد الفلسطيني؟ لا شك في أن فكرة الدولة الواحدة تتقاطع مع طروحات فلسطينية مشابهة، وإن كانت محدودة، دخلت من بوابة اليأس بعد فشل اتفاق أوسلو وعملية السلام والعوائق الواضحة التي وضعتها إسرائيل والإدارات الأميركية ضد تنفيذ الاتفاق، وبعد أن أفرغ ترامب ونتانياهو فكرة الدولتين من معناها.

من دون التقليل من الوقع النفسي لهذا الإخفاق على الفلسطينيين، لا بد من القول إن هذا النقاش، فلسطينياً، فيه كثير من العبث السياسي بمكتسبات تراكمية هي حصيلة لمسيرة النضال الوطني. ومع الأخذ بحسن نيات دعاة الدولة الواحدة، بل تأكيد وطنيتهم، فإن فكرة الدولة الواحدة هي معضلة إسرائيلية بحتة، ليس على الفلسطيني التنظير إليها، ولا تجنيد القوى من أجلها.

الأسوأ، أن إشاعتها عربياً وعالمياً كمطلب فلسطيني هي إفراغٌ لنضال نصف قرن حقق فيه الفلسطيني إطاراً فكرياً لوجوده السياسي. فكيف إن أَخذ بمضمونه وأهدافه مجتمعٌ دوليٌّ وازن بمؤسساته (الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفروعهما)، ومنظماته وهيئاته الإقليمية (الاتحاد الأوروبي، ودول عدم الانحياز، ومنظمة الوحدة الأفريقية، والمؤتمر الإسلامي وغيرها)؟ وكيف إن واكب ذلك تعاطفُ الرأي العام العالمي مع فكرة متماسكة مشار إليها بمنظمة التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية، ومرحلياً إقامة السلطة الوطنية في الضفة وغزة؟

ربما يكون هذا الرأي هو الأقرب إلى نصيحة المؤرخ الفلسطيني الأشهر وليد الخالدي، في خطابه لدى افتتاح مركز الدراسات الفلسطينية في جامعة لندن قبل ثلاث سنوات.

موضوعياً، انتهت المسيرة الفلسطينية إلى إقامة السلطة الوطنية، وسط تعقيدات الاحتلال وأهدافه، وهزيمة إقليمية كبرى في العراق، وتفكك النظام الإقليمي العربي، وانتفاضة نازفة، ووسط دعوات كانت تصدر هنا وهناك لحل السلطة، وهي دعوات لا تعني سوى إخراج المسألة من مجالها التاريخي والاقتراب من الانتحار. الواقعية السياسية تقتضي دفع السلطة الفلسطينية إلى أن تبلور نفسها كتعبير عن برنامج كفاحي وطني موحد يحمل معنى عملياً وتطبيقياً لما يكرره الرئيس محمود عباس بانتهاء اتفاق أوسلو، وبما يعيد ثقة المواطن بالسلطة من خلال تطهيرها بوضوح قاطع لشوائب الفساد ومظاهره.

دولتان، لا دولة. وإلا، فالفلسطيني أصلاً في وطنه، وكل ما فيه يهتف أن «هذا البحر لي، وهذي الأرض لي».

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولتان لا دولة واحدة دولتان لا دولة واحدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon