توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دولتان لا دولة واحدة

  مصر اليوم -

دولتان لا دولة واحدة

بقلم - فاتنة الدجاني

بسهولة ويُسر، انزلق النقاش في شأن حل الدولتيْن إلى فكرة الدولة الواحدة. المطلوب، وفق الرئيس دونالد ترامب، هو توسيع الأفق والبحث عن حلول «خارج الصندوق»، ولا مانع في سبيل ذلك من إطاحة أفكار هي حصيلة عمل نضالي وديبلوماسي شائك وطويل.

دولتان أم دولة واحدة؟ يُعاد طرح السؤال الذي يفتقر إلى أي مظلة شرعية عربية أو دولية، فلا يكاد أن يمر يوم إلا ويُعقد مؤتمر أو يصدر تصريح أو إعلان عن دولة أو مسؤول أو جهة يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن ما من خيار للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي سوى حل الدولتين. وليس آخراً تأكيد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي دعم بلاده هذا الخيار، وتشديد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على أنه «السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم».

هذا النقاش لم يغِب أيضاً عن الساحة الإسرائيلية الشهر الجاري، ولكن من دون أن يبدو ذلك أكثر من مقارعة حزبية ضد اليمين، تصب من دون شك في الهدف النهائي، أي ضم الضفة الغربية إلى الدولة العبرية. حتى في وجود أصوات إسرائيلية ما زالت ترى أن الحل الأمثل هو دولتان، هذا الرأي لا يجد تمثيلاً سياسياً في الكنيست، وبالتالي في القرارات، ويبقى نقاشاً أكاديمياً. لا ننسى أيضاً أن الدعوة إلى دولة ثنائية القومية، لن توافق عليها إسرائيل، كما أن دعوة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى دولة واحدة بنظامين تعني «أبارتهايد» حتماً.

ولكن، ماذا يريد الفلسطيني؟ لا شك في أن فكرة الدولة الواحدة تتقاطع مع طروحات فلسطينية مشابهة، وإن كانت محدودة، دخلت من بوابة اليأس بعد فشل اتفاق أوسلو وعملية السلام والعوائق الواضحة التي وضعتها إسرائيل والإدارات الأميركية ضد تنفيذ الاتفاق، وبعد أن أفرغ ترامب ونتانياهو فكرة الدولتين من معناها.

من دون التقليل من الوقع النفسي لهذا الإخفاق على الفلسطينيين، لا بد من القول إن هذا النقاش، فلسطينياً، فيه كثير من العبث السياسي بمكتسبات تراكمية هي حصيلة لمسيرة النضال الوطني. ومع الأخذ بحسن نيات دعاة الدولة الواحدة، بل تأكيد وطنيتهم، فإن فكرة الدولة الواحدة هي معضلة إسرائيلية بحتة، ليس على الفلسطيني التنظير إليها، ولا تجنيد القوى من أجلها.

الأسوأ، أن إشاعتها عربياً وعالمياً كمطلب فلسطيني هي إفراغٌ لنضال نصف قرن حقق فيه الفلسطيني إطاراً فكرياً لوجوده السياسي. فكيف إن أَخذ بمضمونه وأهدافه مجتمعٌ دوليٌّ وازن بمؤسساته (الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفروعهما)، ومنظماته وهيئاته الإقليمية (الاتحاد الأوروبي، ودول عدم الانحياز، ومنظمة الوحدة الأفريقية، والمؤتمر الإسلامي وغيرها)؟ وكيف إن واكب ذلك تعاطفُ الرأي العام العالمي مع فكرة متماسكة مشار إليها بمنظمة التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية، ومرحلياً إقامة السلطة الوطنية في الضفة وغزة؟

ربما يكون هذا الرأي هو الأقرب إلى نصيحة المؤرخ الفلسطيني الأشهر وليد الخالدي، في خطابه لدى افتتاح مركز الدراسات الفلسطينية في جامعة لندن قبل ثلاث سنوات.

موضوعياً، انتهت المسيرة الفلسطينية إلى إقامة السلطة الوطنية، وسط تعقيدات الاحتلال وأهدافه، وهزيمة إقليمية كبرى في العراق، وتفكك النظام الإقليمي العربي، وانتفاضة نازفة، ووسط دعوات كانت تصدر هنا وهناك لحل السلطة، وهي دعوات لا تعني سوى إخراج المسألة من مجالها التاريخي والاقتراب من الانتحار. الواقعية السياسية تقتضي دفع السلطة الفلسطينية إلى أن تبلور نفسها كتعبير عن برنامج كفاحي وطني موحد يحمل معنى عملياً وتطبيقياً لما يكرره الرئيس محمود عباس بانتهاء اتفاق أوسلو، وبما يعيد ثقة المواطن بالسلطة من خلال تطهيرها بوضوح قاطع لشوائب الفساد ومظاهره.

دولتان، لا دولة. وإلا، فالفلسطيني أصلاً في وطنه، وكل ما فيه يهتف أن «هذا البحر لي، وهذي الأرض لي».

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولتان لا دولة واحدة دولتان لا دولة واحدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon