توقيت القاهرة المحلي 09:04:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أحرب أهلية؟

  مصر اليوم -

أحرب أهلية

بقلم - فاتنة الدجاني

فاجأنا مسؤول فلسطيني بارز بالقول إن المرحلة المقبلة ستكون مختلفة كلياً، و «سنؤرخ من الآن وفق توقيتيْن: ما قبل محاولة الاغتيال وما بعدها».

تفاءلنا بالجزء الأول من التصريح باعتبار أنه يعني أن «ما بعد صفقة القرن الأميركية للسلام غيْر ما قبلها»، أو «ما بعد الاعتراف الأميركي بالقدس غير ما قبله»! تبيّن أنه يتحدث عن تبعات محاولة استهداف موكب رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدالله في غزة أخيراً.

في تصريح هذا المسؤول، وهو مقرب من الرئيس محمود عباس، ما يثير الهلع. متى وكيف تغيّرت المعادلة؟ وأصبح صراعُ الفلسطيني وتناقضُه الأساسي، مع ذاته وليس مع الاحتلال الإسرائيلي؟ ولمَ الاستقواء على الآخر الفلسطيني واستسهال ذلك، بدلاً من الاستقواء على الاحتلال؟ ولماذا يقع الفلسطيني في الفخ ذاته، والأفخاخ كثيرة، ويمضي في هدر جهده ووقته ودمه في خلاف داخلي؟

ليس تقليلاً من شأن عملية التفجير في غزة، بل محاولة لاستدراج الوعي المطلوب والحذَر من العواقب الوخيمة ومضاعفاتها. فردود الفعل والاتهامات جاءت جزافاً وسريعاً، على رغم ما رافق التفجير من غموض استخباراتي لن ينجلي بسرعة، بصرف النظر عن الجهة الفاعلة.

فالتفجير وقع على خطوط التقاطع الكثيرة والمعقدة للحال الفلسطينية. على رأسها الدور الإسرائيلي في حصار غزة والرقابة الإلكترونية المصورة والاختراقات الأمنية، في موازاة تآمر أميركي لإقامة دويلة في القطاع في إطار «صفقة القرن» للسلام بدأ التمهيد لها عبر مؤتمر لإنقاذ غزة «إنسانياً»! يواكب ذلك صراع سلطوي مستمر بين «فتح» و «حماس». وهذا لا يعني أبداً اتهام «حماس» بأنها وراء التفجير، لكنه لا يعفيها أيضاً من مسؤولية التقصير في الترتيبات الأمنية. يتقاطع كل هذا مع صراع إقليمي حيث قطاع غزة ساحة لهذه التناقضات، بما يفرزه ذلك، معطوفاً على حال القطاع، من تنظيمات وفصائل برسم ذلك الصراع، بعضها ينضبط بالـ «ريموت كونترول» الإقليمي، وبعضها محليّ الصنع.

لا تأريخ هنا. فغزة لا تزال على حالها بعد التفجير كما قبله. لم يُحدث أي تشققاتٍ أو تصدعٍ في جدرانٍ، بعضها ذاتي برَع الفلسطيني في حصر نفسه به، وبعضها موضوعيّ بدأ من الاحتلال، فالامتدادات الإقليمية. وكما كانت مسيرة المصالحة، قبل محاولة الاغتيال، مستحيلة، فهي بعدها ستبقى ما بعد مستحيلة. بل البحث عنها وفيها ضربٌ من الرومانسية السياسية. ولا يلوح في الأفق السياسي، ولزمن سيطول، ما هو أبعد من ضبط إيقاع البحث عن تلك المصالحة. وهي الخيار المر بين خيارين أكثر مرارة هما زيادة الحصار والعدوان الإسرائيليين على غزة، أو مواجهة بين السلطتين هي دموية بكل المعاني ولو لم نر نزف الدم.

لا تأثير أيضاً للتفجير في وقف الصراع الإقليمي وتجاذباته على الساحة الفلسطينية، والغزية تحديداً، بل سيمضي وكأنه انفجار في كوكب بعيد في مجرّة أخرى.

ولكن، أكثر ما يمكن التخوّف منه والتحسب له فعلاً، هو أن يرتد الضغط ونتائج الموقف الفلسطيني المتأزم بعد «صفقة القرن»، على الفلسطينيين أنفسهم، فيقع الانفجار الأكبر داخلياً في صراع لا تُحمد عقباه، ويُطيل عمر الاحتلال، ويقضي على الأمل الفلسطيني.

هذا التخوف هو ما يستدعي الآن الأخذ بكل جدية وحرص وطنييْن، بعيداً من «التذاكي»، مسألة تجديد منظمة التحرير وإعادة بناء المجلس الوطني وتمتينه على أسس اتفقت الفصائل عليها في اجتماعات بيروت الأخيرة، والمضي في تنفيذ قرارات المجلس المركزي الأخير، ولو بحدها الأدنى. وهذا إن تحقق، فهو كفيل بمعالجة شبكة المعيقات الفلسطينية محلياً، ونعني مشاركة «حماس»، وهي مسألةٌ ستجعلُها جديةُ تجديدِ مركزيةِ المنظمة، هامشية.

التعريف الأكاديمي للحرب الأهلية هو أنها «صدام مسلح وتفجيرات ينفذها طرف ضد آخر معارض، أو معارضة ضد سلطة، أو سلطتان متناحرتان، وسقوط قتلى بعدد يتجاوز 500 قتيل»... فهل علينا الانتظار حتى يرتفع عدد قتلى الانقسام إلى هذا الحد، ليصبح الفلسطيني رسمياً في حال حرب أهلية؟ أم ستكون وقفة مراجعة جادّة ومصيرية؟

نقلا عن الحياة اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحرب أهلية أحرب أهلية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon