توقيت القاهرة المحلي 05:53:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المريض الفلسطيني

  مصر اليوم -

المريض الفلسطيني

بقلم - فاتنة الدجاني

 يدخل الرئيس محمود عباس المستشفى 3 مرات خلال أسبوع. مؤشرٌ سيئ. يُعلن الأطباء أنه مصاب بنزلة برد، ثم يقرّون بعد تسريبات بأنه مصاب بالتهاب رئوي. يؤكدون أنه سيغادر المستشفى خلال يومين في أبعد تقدير، ثم يعلنون أن لا موعد محدداً للإفراج عنه. مؤشر غير جيد إطلاقاً.

قد لا يكون الأمر خطيراً بالنظر إلى عمر الرئيس. وربما ليس جديداً التستر على وعكات المسؤولين وأمراضهم أو إخفاء أسبابها الحقيقية. ولكن في الظرف الفلسطيني الراهن، فإن الغموض والتضارب في التشخيص يثيران حيرة وقلقاً.

والقلق منشأه أمور عدة، ليس أقلها التساؤل عما إذا كانت في مرض الرئيس شبهة تستحضر سيناريو تسميم الرئيس الراحل ياسر عرفات. لا بد أن هذا الخاطر مرّ في بالِ كثيرين. ولو كنا من أصحاب نظرية المؤامرة، وهي واردة على في حال، لقلنا أن مرض عباس مثير الشبهة. مرضُه، ورفضُه «صفقة القرن» الأميركية، واتهامه بأنه ضد السلام (مع أنه الأب الروحي لاتفاق أوسلو)، وحصاره إسرائيلياً (إن لم يكن في مقر المقاطعة) وأميركياً عبر خفض التمويل للسلطة وتجاوزها بفتح قنوات مع حركة «حماس» كبديل محتمل. كل هذا يستعيد ظروف وفاة عرفات الذي رفض صفقة سلام أميركية، فحوصِر في المقاطعة، واتُهم بأنه ليس رجل سلام، قبل أن يمرض، لتصدُر تكهنات كثيرة عن أسباب وفاته، بينها اتهام إسرائيل باغتياله.

ولكن، لا يبدو في الأجواء ما يثير الريبة، وإلا لسَرَت تسريبات، إن لم يكن فلسطينياً، ففي الصحافة الإسرائيلية. بالتأكيد هناك جهات إقليمية ودولية على دراية بالوضع الصحي للرئيس. لوهلة، يبدو مرضه مرتبطاً بالخداع الذي تعرض له من الإدارات الأميركية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، هو الذي كان يُمنّي النفس بأن يكون الرئيس الذي يحقق السلام. آمن بأن المقاومة السلمية هي الطريق، لكن حساباته جاءت مغايرة للواقع. فإسرائيل لا تريد السلام. تريد كل شيء. وربما هذا ما يُفسر ما تردد عن عصبية الرئيس ومزاجه السيئ هذه الأيام.

القلق على صحة الرئيس يذهب باتجاه الأسئلة التي يطرحها مرضه، وعلى رأسها سؤال الخلافة كمنعقد لكل التناقضات. فالرئيس ممسك بأهم ثلاثة مناصب قيادية: رئاسة كل من السلطة، ومنظمة التحرير، وحركة «فتح». صحيح أن المجلس الوطني الفلسطيني الذي اجتمع قبل نحو شهر، وضع الآلية الدستورية للانتقال السياسي، وجعَل مسألة الخلافة من صلاحية المجلس المركزي للمنظمة، لتفادي مشكلة تعطُّل المجلس التشريعي في ظل الانقسام الوطني، لكن هذا لا يكفي.

صراعُ الخلافة احتمالٌ لانقسامٍ آخر لا تحتمله الساحة الفلسطينية. فمن سيَرِثُ الرئيس؟ وهل ستجري ترتيبات ما بعده بهدوء وسلاسة؟ وما ملامح الرئيس المقبل؟

الجواب الأسهل المطروح دستورياً، كما في الساحة الفلسطينية، هو تقاسم مجموعة من قيادة «فتح» المناصب الثلاثة، إن لم يكن بالتوافق، فبالانتخابات. ولكن، ماذا سيحدث إن لم يأت انتقال السلطة بسلاسة؟ وماذا لو ترشح أحد من خارج الإطار «الفتحاوي»، مثلاً قيادي بارز من حركة «حماس»، وفاز؟

أما الترشيحات نفسها، فلا تتوقف. بعضها فلسطيني، والآخر يتداوله الإعلام الإسرائيلي. والمشكلة أن أياً من الأسماء المتداولة لا يحظى بتوافق أو إجماع، إما لأنه من جيل الشباب، وإما لقصور ما في المرشح، وإما لأن قوته تنبع من الداخل ولا علاقات له بالخارج، فيما الدول المعنية تنتظر الدفع بمرشحيها. على رغم ذلك، يجدر التذكير بأن من يراهن على قيادة جديدة لتمرير «صفقة القرن»، عليه أن يعيد النظر. لن يكون هناك رئيس فلسطيني يرضى بتسليم القدس والتنازل عن حق العودة أو أي من الثوابت الوطنية.

إن كان مرض عباس يشير إلى ضرورة ترتيب خلافته، فليس المقصود تسمية من يخلفه فقط، بل إزالة كل الخلافات العالقة بمؤسسة الرئاسة. الخطر الداهم، ومؤشره مرض الرئيس، هو الفوضى المهدِدة لمعظم المتبقي من المنجزات السياسية الفلسطينية، سلطة ومجلساً وطنياً ومنظمة، لا سيما إذا تذكرنا أن هذه كلها هي الرئيس وحده.

نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المريض الفلسطيني المريض الفلسطيني



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon