توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المريض الفلسطيني

  مصر اليوم -

المريض الفلسطيني

بقلم - فاتنة الدجاني

 يدخل الرئيس محمود عباس المستشفى 3 مرات خلال أسبوع. مؤشرٌ سيئ. يُعلن الأطباء أنه مصاب بنزلة برد، ثم يقرّون بعد تسريبات بأنه مصاب بالتهاب رئوي. يؤكدون أنه سيغادر المستشفى خلال يومين في أبعد تقدير، ثم يعلنون أن لا موعد محدداً للإفراج عنه. مؤشر غير جيد إطلاقاً.

قد لا يكون الأمر خطيراً بالنظر إلى عمر الرئيس. وربما ليس جديداً التستر على وعكات المسؤولين وأمراضهم أو إخفاء أسبابها الحقيقية. ولكن في الظرف الفلسطيني الراهن، فإن الغموض والتضارب في التشخيص يثيران حيرة وقلقاً.

والقلق منشأه أمور عدة، ليس أقلها التساؤل عما إذا كانت في مرض الرئيس شبهة تستحضر سيناريو تسميم الرئيس الراحل ياسر عرفات. لا بد أن هذا الخاطر مرّ في بالِ كثيرين. ولو كنا من أصحاب نظرية المؤامرة، وهي واردة على في حال، لقلنا أن مرض عباس مثير الشبهة. مرضُه، ورفضُه «صفقة القرن» الأميركية، واتهامه بأنه ضد السلام (مع أنه الأب الروحي لاتفاق أوسلو)، وحصاره إسرائيلياً (إن لم يكن في مقر المقاطعة) وأميركياً عبر خفض التمويل للسلطة وتجاوزها بفتح قنوات مع حركة «حماس» كبديل محتمل. كل هذا يستعيد ظروف وفاة عرفات الذي رفض صفقة سلام أميركية، فحوصِر في المقاطعة، واتُهم بأنه ليس رجل سلام، قبل أن يمرض، لتصدُر تكهنات كثيرة عن أسباب وفاته، بينها اتهام إسرائيل باغتياله.

ولكن، لا يبدو في الأجواء ما يثير الريبة، وإلا لسَرَت تسريبات، إن لم يكن فلسطينياً، ففي الصحافة الإسرائيلية. بالتأكيد هناك جهات إقليمية ودولية على دراية بالوضع الصحي للرئيس. لوهلة، يبدو مرضه مرتبطاً بالخداع الذي تعرض له من الإدارات الأميركية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، هو الذي كان يُمنّي النفس بأن يكون الرئيس الذي يحقق السلام. آمن بأن المقاومة السلمية هي الطريق، لكن حساباته جاءت مغايرة للواقع. فإسرائيل لا تريد السلام. تريد كل شيء. وربما هذا ما يُفسر ما تردد عن عصبية الرئيس ومزاجه السيئ هذه الأيام.

القلق على صحة الرئيس يذهب باتجاه الأسئلة التي يطرحها مرضه، وعلى رأسها سؤال الخلافة كمنعقد لكل التناقضات. فالرئيس ممسك بأهم ثلاثة مناصب قيادية: رئاسة كل من السلطة، ومنظمة التحرير، وحركة «فتح». صحيح أن المجلس الوطني الفلسطيني الذي اجتمع قبل نحو شهر، وضع الآلية الدستورية للانتقال السياسي، وجعَل مسألة الخلافة من صلاحية المجلس المركزي للمنظمة، لتفادي مشكلة تعطُّل المجلس التشريعي في ظل الانقسام الوطني، لكن هذا لا يكفي.

صراعُ الخلافة احتمالٌ لانقسامٍ آخر لا تحتمله الساحة الفلسطينية. فمن سيَرِثُ الرئيس؟ وهل ستجري ترتيبات ما بعده بهدوء وسلاسة؟ وما ملامح الرئيس المقبل؟

الجواب الأسهل المطروح دستورياً، كما في الساحة الفلسطينية، هو تقاسم مجموعة من قيادة «فتح» المناصب الثلاثة، إن لم يكن بالتوافق، فبالانتخابات. ولكن، ماذا سيحدث إن لم يأت انتقال السلطة بسلاسة؟ وماذا لو ترشح أحد من خارج الإطار «الفتحاوي»، مثلاً قيادي بارز من حركة «حماس»، وفاز؟

أما الترشيحات نفسها، فلا تتوقف. بعضها فلسطيني، والآخر يتداوله الإعلام الإسرائيلي. والمشكلة أن أياً من الأسماء المتداولة لا يحظى بتوافق أو إجماع، إما لأنه من جيل الشباب، وإما لقصور ما في المرشح، وإما لأن قوته تنبع من الداخل ولا علاقات له بالخارج، فيما الدول المعنية تنتظر الدفع بمرشحيها. على رغم ذلك، يجدر التذكير بأن من يراهن على قيادة جديدة لتمرير «صفقة القرن»، عليه أن يعيد النظر. لن يكون هناك رئيس فلسطيني يرضى بتسليم القدس والتنازل عن حق العودة أو أي من الثوابت الوطنية.

إن كان مرض عباس يشير إلى ضرورة ترتيب خلافته، فليس المقصود تسمية من يخلفه فقط، بل إزالة كل الخلافات العالقة بمؤسسة الرئاسة. الخطر الداهم، ومؤشره مرض الرئيس، هو الفوضى المهدِدة لمعظم المتبقي من المنجزات السياسية الفلسطينية، سلطة ومجلساً وطنياً ومنظمة، لا سيما إذا تذكرنا أن هذه كلها هي الرئيس وحده.

نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المريض الفلسطيني المريض الفلسطيني



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon