توقيت القاهرة المحلي 05:25:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«صفقة القرن» ... الإسرائيلية

  مصر اليوم -

«صفقة القرن»  الإسرائيلية

بقلم - فاتنة الدجاني

إلى كم جولة يحتاج أبرز مستشاري الرئيس الأميركي صهره جاريد كوشنير في المنطقة قبل إعلان «صفقة القرن» التي يلوّح الرئيس دونالد ترامب منذ بداية عهده... أو أَقَلُّه الإعلان عن تحقيق تقدم؟

الاستنتاج الطبيعي أن كوشنير لم يحمل إلى المنطقة جديداً يُرضي الفلسطينيين والعرب، وتالياً فشِل في تسويق الصفقة. ولا عجب. فعلى رغم ما يتردد عن تعديلات عليها، دائماً ما تنتهي إلى أن تكون على مقاس إسرائيل. على الأقل، هذا ما تذهب إليه التسريبات الأخيرة حول الصفقة.

تستدعي هذه التسريبات وقفة، خصوصاً التهديد بفصل غزة عن الضفة و «إغراء» الحوافز الاقتصادية وتوسيع الانسحاب الإسرائيلي من الضواحي العربية في القدس. لكنّ أخطر ما في هذه التسريبات الممنهجة أن لا وظيفة لها سوى «تطبيع» فكرة التنازلات. يُلحق بذلك تضخيمُ أي تنازل إسرائيلي يُسوَّق على أنه تقدُّم ينتصر للحق الفلسطيني.

مثلاً، في آخر نسخة من التسريبات، تردَّد أن إسرائيل ستنفصل عن 3-5 بلدات في ضواحي القدس لإلحاقها بالسلطة الفلسطينية. ولكن، أيُ متابعٍ للاحتلال وسياساته يُدرك أن إسرائيل كانت تسعى دوماً إلى التخلص من الأكثرية العربية في القدس، وطَرحت في هذا السبيل خططاً قبل ثلاث سنوات وبدأت بتنفيذها، قبل تولّي ترامب الحكم والتفكير بـ «صفقة القرن». ليس من الحكمة النظر إلى «التنازلات» خارج المصلحة الإسرائيلية، فما هي سوى واحدٍ من بنود الاحتلال أو مرحلة من مراحله. أما ما يتبقى من «صفقة القرن» فهو أيضاً لمصلحة الاحتلال، وإلا ما معنى أن يُبقي سيطرته على البلدة القديمة في القدس، وعلى المستوطنات في المدينة والضفة، وعلى الأغوار؟ وما معنى أن يحاول الوفد الأميركي أن يطرح خلال جولته إلغاء دور وكالة «أونروا» لتصفية قضية اللاجئين؟ لا ننسى أيضاً قرار الاعتراف الأميركي بالقدس «عاصمة» للدولة العبرية. فماذا يتبقى للتفاوض عليه؟

يكفي ما رشح إسرائيلياً عن الاجتماع الذي دام أربع ساعات بين نتانياهو وكوشنير ومبعوث عملية السلام جيسون غرينبلات: نتانياهو يُشجع الإدارة على إعلان الصفقة، وموقفه سيكون «القبول المبدئي، لكن مع التحفظ على بعض البنود». بمعنى آخر: «نعم للصفقة، بمفعول لا كبيرة». هل تذكرون التحفظات الـ14 التي وضعها آرييل شارون على «خريطة الطريق» في عهد جورج بوش الابن، ثم التفاوض على كل بند، ما أفرغها من مضمونها، وانتهت إلى حفظها في دُرج مغلق. نحن أمام تكرار مُمج للتحايل الإسرائيلي الذي دام نحو ربع قرن من المفاوضات.

ليس هذا للقول إن جولة كوشنير لا تعني أن واشنطن ليست جدية إزاء الصفقة، على رغم أن في الإدارة رأييْن تجاه إعلانها قريباً أو التأني. لكن التحليل الواقعي يشير إلى أن الجولة أكدت حقيقة مهمة، هي أن الصفقة لن تتم ما لم يوافق عليها الطرف الفلسطيني، وأن الدول العربية المعنية، ومعها معظم القوى الدولية الوازنة، تمضي ولو ببطء وهدوء، في إقناع إدارة ترامب بإعادة صوغ الصفقة بحيث يمكن إقناع الفلسطينيين بها، بعد أن أصبحت هذه الدول المفاوض البديل نسبياً، والأصح شريان التواصل بعد أن انقطع كلياً بين السلطة الفلسطينية وأميركا.

وهذا حتماً يشير إلى الدور الأردني في الحوار الدائر لإقناع أميركا بتعديل الصفقة، أي بما يشبه التفويض الإقليمي لعمان، خصوصاً مع زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لواشنطن ولقائه المرتقب مع ترامب، وما سبق ذلك من زيارات لعمان قام بها نتانياهو، وكوشنير، ثم كبير المفاوضين صائب عريقات ومدير المخابرات ماجد فرج. أما تأكيد العاهل الأردني أن الحل هو في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وإعلان مصر دعمها عملية سلام وفقاً للمرجعيات الدولية، فيعنيان أن ما قدمه كوشنير أقل من هذا بكثير.

الموقف العربي متماسك في دعم الحقِ الفلسطيني وتسويةٍ وفق المبادرة العربية للسلام. «صفقة القرن» الأميركية أصبحت إسرائيلية، والتباطؤ في إعلانها صار الأفق السياسي الوحيد، أقلُّه حتى نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، الموعد المرجح لإعلان الصفقة.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«صفقة القرن»  الإسرائيلية «صفقة القرن»  الإسرائيلية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon