توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أحلام ترامب وكوابيسنا

  مصر اليوم -

أحلام ترامب وكوابيسنا

بقلم - فاتنة الدجاني

«يروق لي حلُّ الدولتين. هذا ما أعتقد أنه الأفضل... أحلم بأن يحدث هذا قبل نهاية فترتي الأولى».

يحلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وبأنه سيفوز بولاية ثانية. ويرى، ولا ندري هل هذا استمرار في الحلم أم تلمس للحقائق، أن الفلسطينيين سيعودون إلى المفاوضات، وأنه متأكد من ذلك مئة في المئة.

الرد الفلسطيني، على لسان أكثر من ناطق، جاء مشبعاً بالأسى، وربما اليأس. فكيف يُصدق الفلسطينيون الإدارة الأميركية التي يرأسها ترامب؟ كيف يصدقون إدارة تشارك في تعزيز الاحتلال ومنحه الضوء الأخضر ليفجُرَ في تعسفه، وليتوسع في استيطانه، وفي إرساء قواعد صفقة سياسية تتوافق بالمطلق مع طموحات إسرائيل واحتلالها الدموي؟ وكيف يمكن أن يصدقوا هذا التوافق في الرأي بين ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو حين ينادي كلاهما بحل الدولتين، ما لم يكن لهما تعريفٌ خاص بالدولة الفلسطينية لا يتجاوز منح صفة «الدولة» للمتبقي من الضفة، بعد أن تجرّدها إسرائيل من المنطقة «ج» التي تشكل 60 في المئة أو يزيد من مساحة الضفة، وبعدما منح ترامب إسرائيل اعترافاً أميركياً بالقدس «عاصمة» لها، وأشار إلى الفلسطينيين بأن عاصمتهم هي «أبو ديس» وأن لهم أن يُسموها القدس؟ هذا ما نبّه إليه الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الأمم المتحدة حين قال إن الفلسطينيين يرفضون محاولات التذاكي والقول بإعطائهم «عاصمة في القدس»، بل يريدون «القدس الشرقية عاصمة». أما مصطلح «إزاحة» القدس عن الطاولة، فهو من قاموس ترامب، ومعها أزاح ملف «الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا)، أي ببساطة حذف من الوجود شعب فلسطين، أي ٦ ملايين لاجئ موزعين على الدول المحيطة بفلسطين.

نُقل عن نتانياهو أنه «لم يُفاجأ» بتفضيل ترامب حلّ الدولتين، ووزراء اليمين الإسرائيلي ثارت ثائرتهم ضد حلم ترامب، ما يضع سؤالاً سياسياً في شأن المعلومات والإشاعات عن تعديلات في «صفقة القرن» بفعل ضغوط دولية وتحفظات إقليمية، تسمح بإقامة دولة فلسطينية. والتخوف عند اليمين الإسرائيلي مرده قول ترامب إنه أعطى الإسرائيليين ما أرادوا (القدس)، وعليهم أن يعطوا مقابلاً. تبع ذلك حلمه بحل الدولتين، وأعقبته تسريبات تطاول مكان انعقاد المؤتمر الذي سيُعلن فيه ترامب صفقته، والمقصود مصر، وهذا يعني أن مصر لم تعد تتحفظ عن محتوى الصفقة بعد تعديلها. المؤشر الآخر هو ثقة ترامب بعودة الفلسطينيين إلى المفاوضات.

سواء عاد الفلسطينيون أم لم يعودوا إلى المفاوضات- والمرجح أن يعودوا لأن عباس كان واضحاً حين أعلن أن السلطة تؤمن بالمفاوضات والسلام- واضح أن مثل هذه العودة، إن حصل، سيكون على أرضية مغايرة ومرجعيات مختلفة. وإلا ما معنى إصرار عباس على رعاية دولية للسلام، وما معنى إعلان محكمة العدل الدولية تلقيها شكوى من «دولة فلسطين» تتهم الولايات المتحدة بانتهاك اتفاقية دولية بنقل سفارتها لدى إسرائيل إلى القدس؟ والمقصود اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية لعام 1961، التي تلزم أي دولة وضع سفارتها على أرض دولة مستضيفة.

ترامب يحلم. والفلسطينيون لا يشترون الأحلام. فلا متسع لهم للتأمل، ناهيك عن النوم والأحلام، أمام نزفهم اليومي بمن يموت منهم أو يُجرح على الأسلاك أو في «مسيرات العودة» على حدود غزة، أو بمن يُعتقل ويُسجن ويُهدم بيته في الضفة الغربية، وبكل ما يرونه من حقائق على الأرض تقلب كل الأحلام إلى كوابيس... من محاولة الاستفراد بغزة في حل يجتزئ المسألة الفلسطينية وينهيها، إلى كوابيس غياب المصالحة والتهدئة بين حركتي «فتح» و «حماس»، وما أنذر به عباس علناً في الأمم المتحدة، ثم الوضع الاقتصادي المتدهور يومياً في غزة والضفة.

بين أحلام ترامب وكوابيس الفلسطينيين، «تُحشر» القضية هذا الشهر.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحلام ترامب وكوابيسنا أحلام ترامب وكوابيسنا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon