توقيت القاهرة المحلي 10:32:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أشواك على طريق الحرير

  مصر اليوم -

أشواك على طريق الحرير

بقلم - فاتنة الدجاني

قبل سنة، وصف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو العلاقة مع الصين بأنها «زواج صنع في الجنة». يومها، دعا بكين الى أخذ موقعها الصحيح على المسرح الدولي، واقترح أن تكون إسرائيل شريكها الصغير. واليوم، يستعجل نتانياهو تمتين العلاقات مع بكين، وعينه على المستقبل والمكاسب التجارية. لكنه ينسى، وعلى الأرجح يتناسى، طرفاً آخر مهماً في هذه المعادلة.

يتناسى نتانياهو أميركا. وهي ليست أي أميركا. إنها أميركا الرئيس دونالد ترامب. لا بد أن يكون نتانياهو سمع بالحرب التجارية المستعرة التي أعلنها ترامب على الصين، وجعلها على رأس أولوياته، باعتبارها تهديداً خطيراً لبلده. ولا بد أن نتانياهو يدرك تماماً أن ترامب لا يمزح، ويأخذ بجدية سياسة «مَن ليس معنا هو ضدنا».

العلاقة بين إسرائيل وأميركا تجاوزت، بالضرورة، هذا النوع من الاصطفافات. إنها من نوع «العلاقات الاستراتيجية» التي لا تنفصم عراها، ولا ينفك الجانبان يذكّران العالم بها. على الأقل، هي بالنسبة الى الولايات المتحدة من النوع الذي يكلّفها ٣,٨ بليون دولار من المساعدات السنوية للدولة العبرية، يما يشمل مشاريع عسكرية وتكنولوجية ومناورات مشتركة، وتبادل معلومات وتنسيقاً أمنياً.

هنا بيت القصيد. كيف ستُوفِق إسرائيل بين علاقتها مع الأضداد، أميركا والصين؟ كيف ستُقنع حليفها الأميركي بأن أسراره العسكرية والتكنولوجية، في مأمن، وهل ستكون التبريرات الإسرائيلية كافية ومقنعة؟ كيف ستتعامل أميركا مع تحدي إسرائيل وطموحاتها، وهذا الاندفاع نحو الصين الطامحة الى تعزيز قدراتها العسكرية، وموقعها الإستراتيجي، ومكاسبها الاقتصادية؟ الواقع الجديد يفيد بأن الصين أكبر شريك تجاري لإسرائيل في آسيا، وثالث أكبر شريك تجاري لها في العالم. الاستثمارات الصينية في الدولة العبرية تتجاوز 18 بليون دولار، وهو رقم يكاد أن يقارب حجم الإستثمارات الأميركية.

المخاوف الأميركية، ومعها التحذيرات، بلغت مسامع إسرائيل. وتنبيه جديد وصلها من مسؤولين أميركيين بارزين. سبقه كشفٌ عن غضب جنرالات في سلاح البحرية الأميركية من منح الصين امتياز تطوير ميناء حيفا، ما قد يؤثر في تموضع الأسطول السادس الأميركي هناك. وهي مخاوف لا تلقى صدى في البنتاغون فحسب، بل أيضاً في أروقة البيت البيض.

أكثر ما يثير الأميركيين هو القلق من تعاون تكنولوجي متقدم بين تل أبيب وبكين يضر بالأمن الأميركي. فهذا التعاون سيمس ثلاث ركائز أساسية في علاقة أميركا بإسرائيل. الأولى أن هذا التعاون يتعارض جوهرياً مع الحصار التجاري الأميركي للصين، والتكنولوجيا المتقدمة هي المقصودة أساساً. والثانية أن لهذه التكنولوجيا صلة مباشرة بتطوير القدرات العسكرية الصينية. والثالثة أن التعاون الصيني - الإسرائيلي يتجاوز، بالتكنولوجيا وحاجاتها وتموضعها، ترتيبات جيوسياسية راسخة نسبياً في الشرق الأوسط، خصوصاً الإقليم العربي.

إسرائيل تملك جزءاً من أسرار التكنولوجيا الأميركية المتقدمة بفضل التعاون الوثيق بين الجانبين. الأخطر، من وجهة النظر الأميركية، هو تكنولوجيا الأمن. فالدور الإسرائيلي في تطوير السلاح الصيني قديم يعود الى السبعينات. وسبق أن منعت أميركا الدولة العبرية من استكمال صفقات أمنية كثيرة، بينها واحدة لأنظمة الإنذار المبكر المنافس لـ «أواكس» والمركب على طائرات «فالكون»، تحسباً لأن تشكل خطراً على القوات الأميركية إذا نشبت حرب بين الصين وتايوان‏. وهذا الرادار هو أصلاً تكنولوجيا أميركية. كذلك منعت واشنطن إسرائيل من تطوير صواريخ «هاربي» إلى الجيل المتقدم، وكانت الصين اشترتها منذ سنين من تل أبيب. لكن هذا التدخل الأميركي لم يمنع أكاديمية التعاون الصيني - الإسرائيلي «سيغال» من تطوير مقاتلات إسرائيلية لمصلحة الصين.

هناك أيضاً الحذر الأميركي من ضم إسرائيل الى مبادرة «طريق الحرير» (حزام واحد طريق واحد) الصينية، عبر تطوير موانئ إيلات وأسدود وحيفا لنقل البضائع الصينية، كما أن أي ترتيبات أمنية في ميناء حيفا سيؤثر في حركة الأسطول السادس. وهذا ما تعتبره أميركا انتقالاً في العلاقة الصينية - الإسرائيلية إلى مجال إعادة تشكيل المنطقة.

الأزمة بين أميركا وإسرائيل مسألة وقت. فهل ستنجو الدولة العبرية منها، كما العادة؟ أين العرب من كل ذلك حين لا يعني هذا التغيير لمصلحة إسرائيل سوى زرع الأشواك في طريق الحرير.

نقلا عن الحياة

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشواك على طريق الحرير أشواك على طريق الحرير



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon