توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التأثير الطويل المدى للعقوبات الأميركية على إيران

  مصر اليوم -

التأثير الطويل المدى للعقوبات الأميركية على إيران

بقلم-لينا الخطيب

في الأسبوع الماضي، انقضى الموعد الأول الذي قدمته الولايات المتحدة لإعادة فرض العقوبات على إيران. على الرغم من أن إعادة تطبيق العقوبات لن تُترجم إلى انهيار في الاقتصاد الإيراني على المدى القصير، فمن المرجح أن تجد إيران نفسها تحت ضغط مالي كبير على المدى الطويل.
لقد أعطى إعلان الولايات المتحدة في مايو (أيار)، أنها تنسحب من الاتفاقية النووية مع إيران، ثلاث مهل زمنية لإعادة فرض العقوبات الأميركية. كان الأولى في السادس من أغسطس (آب)، والثانية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، والموعد النهائي هو 180 يوماً منذ إعلان الانسحاب الأميركي من الاتفاقية النووية. يمكن أن يُنظر إلى اختيار الولايات المتحدة إعطاء إيران إخطاراً نهائياً مدته ستة أشهر لإعادة تطبيق المجموعة الكاملة من العقوبات على أنه وسيلة للولايات المتحدة لمنح إيران فرصة لتعديل سلوكها. ولكن مع اهتمام إيران بصورتها الذاتية تقريباً بقدر ما تهتم بسياساتها الفعلية، فهي لن تقبل أن يُنظر إلى أنها تنحني أمام الضغط الأميركي.
كان رد الفعل الرسمي من إيران على إعادة فرض العقوبات في 6 أغسطس هو تصويرها كحالة «حرب نفسية» من قبل الولايات المتحدة. تستهدف هذه المجموعة الأولى من العقوبات قدرة إيران على شراء الأوراق النقدية الأميركية وإجراء المعاملات بالريال الإيراني، وتجارتها في المعادن الثمينة وغيرها من المعادن بالإضافة إلى قطاعي السيارات والطيران. وكان رد الرئيس روحاني اتهام إدارة ترمب بإعادة فرض العقوبات لمناشدة الناخبين المحليين الأميركيين في الانتخابات النصفية المقبلة في نوفمبر. وقال أيضاً إن هذا الإجراء العقابي من جانب الولايات المتحدة هو محاولة لتقسيم الشعب الإيراني.
المفارقة في رد روحاني أنه موجّه إلى جمهوره المحلي أكثر من الجمهور الدولي. إن تصريحه بأن إيران «دائماً إلى جانب الدبلوماسية والمحادثات... لكن المحادثات تحتاج إلى الصدق» يهدف مباشرةً إلى مخاطبة الجمهور الإيراني ليوضح أن الولايات المتحدة لم تكن صادقة أبداً عندما توسطت في الاتفاق النووي بينما كانت إيران ملتزمة بشروط الاتفاق.
في الفترة التي سبقت المهلة المحددة في 6 أغسطس، أكد الرئيس ترمب أن الولايات المتحدة ما زالت «منفتحة على التوصل إلى اتفاق أكثر شمولية يتناول المجموعة الكاملة من الأنشطة الخبيثة للنظام، بما في ذلك برنامج القذائف التسيارية ودعمه للإرهاب». وكان رد روحاني هو اتهام الولايات المتحدة بإدارة ظهرها للدبلوماسية، قائلاً إن «المفاوضات مع العقوبات ليست منطقية». ومع ذلك، مع عدم اعتراف إيران أبداً بأن تصرفاتها في أماكن مثل سوريا واليمن تصل إلى مستوى الإرهاب، فإنه من المستحيل أن نتصور سيناريو تقبل فيه إيران وصفها بأنها راعية للإرهاب. لذا فمن المرجح أنه في الوقت الذي تنتهي فيه المهلة النهائية التي تبلغ 180 يوماً، لن يتم تحقيق أي تقدم بين الولايات المتحدة وإيران.
تمتد مجموعتا الجزاءات التاليتان لتشمل المؤسسات المالية والنفطية الإيرانية وفي ما بعد الأفراد الذين كانوا مدرجين في قائمة العقوبات الأميركية قبل الاتفاق النووي. وهذا من شأنه أن يعيد إيران إلى الضغوط الاقتصادية التي كانت قد تحمّلتها قبل أن يتم التوصل إلى الاتفاق النووي. تظهر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي لجمهورية إيران الإسلامية أن إنتاج البلاد من النفط انخفض بشكل حاد عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات في عام 2012، والتي تبعها حظر الاتحاد الأوروبي على الواردات النفطية، حيث انخفض بنحو 10 ملايين برميل. بعد أن تم رفع العقوبات الأميركية في عام 2016، تعافى إنتاج إيران من النفط إلى مستوياته قبل عام 2012.
كما عانى الناتج المحلي الإجمالي لإيران نتيجة للعقوبات، ودخل في حالة ركود في عام 2012 و2013 و2015، حيث تعافى فقط مع رفع العقوبات في عام 2016، الأمر الذي أخذ النمو الاقتصادي الإيراني إلى مستوى أعلى من أي نمو في العقد السابق. وهذا يعني أن الانخفاض المستقبلي في الناتج المحلي الإجمالي سيشعر محلياً بقسوة أكبر من ذي قبل.
أعلن الاتحاد الأوروبي عن تطبيق «قانون عرقلة» مماثل لذاك الذي كان قد وضعه خلال فترة العقوبات الأميركية على كوبا، من أجل حماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأميركية في تعاملاتها مع إيران. ومع ذلك، على الرغم من هذا الإجراء من قبل أوروبا، كان أداء الاقتصاد الكوبي ضعيفاً عندما كانت العقوبات الأميركية سارية المفعول. ولذا من غير المحتمل أن يكون قانون العرقلة الأوروبي كافياً لطمأنة الشركات متعددة الجنسيات حول إدارة الأعمال مع إيران. وقد انخفض سعر الريال بالفعل، وبدأ بعض الشركات الدولية في الانسحاب من صفقات إيران حتى قبل إعلان الولايات المتحدة عن انسحابها من الاتفاق النووي في مايو (أيار).
روحاني على حق في ربط إعادة فرض العقوبات بتقسيم المجتمع في إيران. كانت التوقعات المحلية عالية بعد توقيع الاتفاقية النووية، مع توقع اتفاقيات التجارة والاستثمار الدولية التي كانت ستخلق فرص عمل وتحسن الاقتصاد بشكل كبير. هذه التوقعات لم يتم تلبيتها بالكامل في حين كانت الاتفاقية النووية قائمة، واليوم أصبح من المؤكد أنها لن تتحقق على الإطلاق ما دامت العقوبات الأميركية نشطة.
وتشهد إيران سلسلة من الاحتجاجات حول التظلمات الاقتصادية، ومع وجود مزيد من العقوبات في الأفق، من المرجح أن تصبح هذه التظلمات أسوأ. في المستقبل، هذا يعني دقّ إسفين ليس فقط بين الشرائح الضعيفة من المجتمع والحكومة، ولكن أيضاً بين الحكومة وطبقة رجال الأعمال النافذين في إيران الذين ستكون خيبة أملهم أكبر من غيرهم.
طبعاً لا يزال لدى إيران شركاء تجاريون دوليون نشطون مثل الصين والهند، الذين من المحتمل أن يستمروا في دعمها كما فعلوا قبل عام 2012. ولكن مع ارتفاع توقعات الشعب الإيراني إلى مستوى جديد مع الاتفاق النووي، فإنه من غير المحتمل أن يكون الدعم الهندي والصيني للاقتصاد الإيراني كافياً لإشباع الشهية المحلية.
وبهذا ستكون إيران قادرة على ركوب موجة العقوبات على المدى القصير والمتوسط، لكن التوقعات طويلة الأجل للازدهار الاقتصادي تبدو قاتمة.

 

نقلا عن الشرق الاوسط 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأثير الطويل المدى للعقوبات الأميركية على إيران التأثير الطويل المدى للعقوبات الأميركية على إيران



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon