توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جون بولتون وسياسة الارتباك

  مصر اليوم -

جون بولتون وسياسة الارتباك

بقلم : لينا الخطيب

  جاء تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي الأميركي، من قبل الرئيس دونالد ترمب، كصدمة لكثير من المراقبين، مما أدى إلى انتشار التعليقات من قِبل خصومه، التي تقول إن إعادة بولتون إلى السلطة تهدد بدفع الولايات المتحدة في اتجاه الحرب.

لا يبدو أن هناك إجماعاً حول إن كان الأمر يتعلق بالحرب مع كوريا الشمالية أو الحرب في الشرق الأوسط، ولكن هناك بالتأكيد في كثير من تلك التعليقات أصداء لحرب العراق التي قادتها إدارة جورج بوش في عام 2003. حتى توقيت إعلان ترمب عن تعيين بولتون جاء في غضون يومين من الذكرى الخامسة عشرة للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.

مراجعة تصريحات بولتون على مر السنين، تستذكر مواقفه المتشددة والمحافظة تجاه عدد من القضايا. ومع ذلك، عند النظر إلى أداء إدارة ترمب حتى الآن، يبدو من غير المرجح أن تترجم كلمات بولتون حرفياً إلى أفعال؛ ولكن وجود بولتون في الإدارة يؤدي دور التهديد المبطن في حالات معينة، كقضيتي كوريا الشمالية وإيران. إن فهم هذا الدور يتطلب نظرة شاملة إلى أداء ترمب في السلطة.

تتسم رئاسة ترمب بعدم القدرة على التنبؤ، سواء من ناحية من هم في الواقع الأشخاص في دائرته الداخلية (كما يتبين من إقالة معظم الأشخاص الذين كان عينهم أصلاً في مناصب رئيسية)، أم من ناحية ما يمكن أن يفعله تجاه البلدان الأخرى. كثير من الغموض بالنسبة لموقفه من تلك البلدان ينبع مما يبدو كانفصال بين كلماته وأفعاله. فالنسبة لكوريا الشمالية، كان ترمب قد أدلى بتصريحات علنية شديدة اللهجة عن زعيمها كيم جونغ أون؛ لكنه فاجأ العالم بإعلانه أنه سيعقد اجتماعاً وجهاً لوجه مع الزعيم الكوري الشمالي.

يرى ناقدو ترمب في هذا السلوك للإدارة الأميركية مؤشراً سلبياً، وهم يبنون استنتاجهم على كون الغموض في العلاقات الدولية مدمراً للغاية في بعض الأحيان، إذ يمكنه أن يدفع صانعي السياسات إلى اتخاذ القرارات بناء على حقائق غير كاملة. ويمكن للغموض أيضاً أن يسهل التلاعب في الحقائق. في حرب العراق عام 2003.. استخدم الغموض للدفع باتجاه غزو غير شرعي، لا يزال العراق يدفع ثمنه حتى اليوم.

لكن كما تشير حالة كوريا الشمالية، يلعب الغموض وعدم القدرة على التنبؤ لمصلحة ترمب. إن الإقالات المتنوعة ضمن إدارته تبعث برسالة واضحة، مفادها أنه لا يوجد أحد محصن، في حين أن تحديه العلني لكيم جونغ أون كان حاداً؛ لدرجة أنه ربما تسبب في أن يصبح الأخير غير متأكد مما إذا كان ترمب جاداً بشأن احتواء كوريا الشمالية، أو أنه يبالغ فقط من أجل الإثارة والتأثير.

ويأتي تعيين بولتون، مع دعوته الوثيقة لمهاجمة كوريا الشمالية، في وقت حساس بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، بسبب الاجتماع التاريخي المعلن بين قادة البلدين. لا يمكن لتنصيب بولتون إلا أن يزيد من الارتباك لدى الزعيم الكوري بشأن نوايا ترمب تجاه كوريا الشمالية: هل يريد الحرب أم السلام؟ وهذا يعطي ترمب اليد العليا في هذه العلاقة.

تصبح الأمور أقل غموضاً بالنسبة لترمب عندما تتعلق بإيران. لقد كان ترمب ثابتاً في موقفه ضد الاتفاق النووي لعام 2015، وبولتون هو صوت آخر في التشكيلة الجديدة للإدارة يدعم موقف ترمب.

إن تعيين مايك بومبيو، وهو أيضاً ناقد لإيران، وزيراً للخارجية، مؤشر آخر على وجود تناغم متزايد فيما يتعلق بإيران داخل الإدارة الأميركية الحالية.

بالطبع، لا تقتصر مخاوف الولايات المتحدة حول إيران على الاتفاق النووي. إن تصرفات إيران في الشرق الأوسط الأوسع تثير غضب إسرائيل، وكذلك حلفاء الولايات المتحدة العرب، وتتكرر الدعوات لاحتواء إيران بصوت أعلى داخل الولايات المتحدة وخارجها. ويبدو أن إدارة ترمب تتجه نحو السعي لإلغاء الصفقة النووية؛ لكنها أيضاً تود أن تحد من نفوذ إيران في المواقع الاستراتيجية في الشرق الأوسط، مثل شمال شرقي وجنوب سوريا.

لكن السؤال هو: كيف ستقوم الولايات المتحدة بتنفيذ هذا الاحتواء؟ إذا اتبعت كلمات بولتون منذ ثلاث سنوات مضت بحذافيرها، فإن الولايات المتحدة ستحل محل الاتفاق النووي حملة قصف تستهدف البنية التحتية النووية لإيران.

في هذا الصدد، هل يمكن لتعيين جون بولتون أن يحقق للعلاقات الأميركية الإيرانية ما يبدو أن ترمب حتى الآن هو في طريق تحقيقه مع كوريا الشمالية؟ بمعنى آخر: هل يمكن أن يؤدي وجود مؤشر متشدد في الولايات المتحدة، كشخص مثل جون بولتون، إلى زيادة القلق وعدم اليقين داخل إيران، وبالتالي إلى دفعها للموافقة على نوع من التسوية في اليمن على سبيل المثال أو في سوريا؟

بولتون لن يتولى منصبه حتى شهر أبريل (نيسان)، لذلك من السابق لأوانه معرفة أين قد تذهب الولايات المتحدة بعد ذلك. ولكن بتعيينه وتعيين بومبيو توجد فرصة لإدارة ترمب لتغيير مسار السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط، بعيداً عن الخط الذي كان وضعه الرئيس السابق باراك أوباما؛ خاصة أن الأخير للأسف لم يستفد من فرصة الارتباك الذي كان أحدثه داخل النظام السوري، بإعلانه عن الخط الأحمر بالنسبة لاستخدام الأسلحة الكيماوية عام 2013. الانفصال بين القول والفعل تسبب في فقدان مصداقية أوباما لدى خصومه وحلفائه على السواء. ورغم ما قد يبدو للوهلة الأولى كتشابه بين ذلك الانفصال وما نراه لدى الإدارة الأميركية الحالية، فإن الفرق الجذري بين الإدارتين يكمن في إمكانية استخدام إحداث الارتباك تكتيكياً.

فليس بالضرورة أن تؤدي الكلمات القوية إلى اتخاذ إجراءات عسكرية قوية. في كثير من الأحيان، مجرد وضع احتمال جدي للإجراءات القاسية، توازياً مع العمل على خلق درجة من الارتباك لدى الطرف الآخر، قد يحقق النتائج المرجوة.

نقلاً عن الشرق الاوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جون بولتون وسياسة الارتباك جون بولتون وسياسة الارتباك



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon