توقيت القاهرة المحلي 10:24:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علامات أمل للتغيير الإيجابي في العراق

  مصر اليوم -

علامات أمل للتغيير الإيجابي في العراق

بقلم - لينا الخطيب

مر العراق بأوقات عصيبة على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية. انتصار الحكومة العراقية عسكرياً على «داعش» لم يترجم بعد إلى فرص عمل لأولئك الذين فقدوا سبل معيشتهم في المناطق التي كان يحكمها التنظيم سابقاً والتي تم تدميرها في الحملة العسكرية الدولية ضد «داعش»، كما هو الحال في الموصل. تحسن الوضع الأمني في البلاد لكن هجمات الإرهابيين مستمرة، خصوصاً أن «داعش» يحاول تأكيد نفسه في أعقاب فقدان معظم سيطرته الإقليمية في العراق وسوريا. لا يزال الفساد مشكلة مستوطنة، حيث صنفت منظمة الشفافية الدولية العراق الدولة الـ 169 من أصل 180 دولة على مؤشر الفساد الخاص بها. ويلقى باللوم على الفساد كسبب لمشكلة تلوث المياه في البصرة التي أصابت سفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق، الذي شرب من مياه البصرة الأسبوع الماضي، وأصيب بالتسمم لتلوثها. ومع ذلك، ورغم كل هذه القضايا السلبية والخطيرة، هناك بصيص من الأمل في العراق.

أحد التطورات الإيجابية في البلاد هو تزايد البراغماتية السياسية التي تتخطى الخطوط الطائفية. في الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو (أيار) الماضي، شهد العراق لأول مرة تحالفاً بين الحزب الشيوعي والحزب الذي يقوده رجل الدين الشيعي السيد مقتدى الصدر، والذي قدم نفسه إلى الناخبين ليس على أسس دينية ولكن قومية إصلاحية. هذا الائتلاف، المسمى «سائرون»، حصل على مقاعد أكثر من أي حزب آخر في انتخابات هذا العام.

بعد ما يقرب من أربعة أشهر من النقاش حول تشكيل الحكومة، تم تعيين رئيس وزراء توافقي الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى رئيس جمهورية معروف بقيمه المنفتحة، وهو أول رئيس من نوعه للعراق. كانت عملية انتخاب الرئيس في العراق في عام 2018 هي أيضاً الأولى من نوعها في البلد حيث لم تكن موجهة من قبل الأحزاب السياسية التي ينتمي إليها مختلف أعضاء البرلمان. كان هناك عدم توافق في الآراء داخل الكثير من الأحزاب حول من الذي يجب أن يتم انتخابه رئيساً، الأمر الذي ترك أعضاء البرلمان يصوتون للمرشح الذي اعتقدوا أنه كان أكثر ملاءمة. لذا كانت انتخابات عام 2018 هي أول انتخابات رئاسية مفتوحة في العراق. هناك أمل في ألا يكون هذا التطور استثنائياً بالنسبة للبلاد وأنه يمكن للعراق أن يستمر على طريق الانفتاح السياسي. إن السلوك السلس الذي أبداه رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي نحو خليفته عادل عبد المهدي تمت الإشادة به كمثال على البراغماتية السياسية القائمة على قبول الهزيمة كجزء من أي عملية سياسية، وهو ما يخالف الاتجاه المألوف في الشرق الأوسط في النظر إلى الانتخابات باعتبارها لعبة غالب أو مغلوب محصلتها صفر.

إن الاحتجاجات التي تجري في جميع أنحاء البلاد حالياً بما في ذلك البصرة هي بالطبع مصدر للقلق لأنها تؤكد خطورة مشكلة الفساد في العراق. لكن كما علق زميلي ريناد منصور، في هذه الاحتجاجات، ينادي الناس بمحاسبة قادتهم، بما في ذلك المتظاهرون الشيعة الذين ينتقدون زعماء الشيعة والمحتجون السنة الذين ينتقدون الزعماء السنة. هذا الاتجاه نحو السياسة القائمة على القضايا لا يعني أن الطائفية في العراق قد اختفت، ولكن هذا يعني أن هناك وعياً متزايداً بأهمية قضايا مثل الشفافية والمساءلة. هذه لحظة محورية للعراق، تأتي بعد وقت قصير من تحرير معظم المناطق التي كان يحتلها «داعش»، وتشير إلى أن الانتصارات العسكرية بالنسبة إلى الناس العاديين في العراق ليست كافية. الاحتجاجات هي صرخة من قبل أفراد الشعب العراقي أنهم يدركون تماماً حقوقهم كمواطنين ومسؤوليات الدولة تجاههم. ويقع العبء الآن على عاتق السلطات العراقية لإظهار أنها تستمع لمطالب العراقيين.

في الأسبوع الماضي، منحت لجنة جائزة نوبل للسلام جائزة عام 2018 إلى نادية مراد، وهي ناشطة عراقية إيزيدية نجت من قبضة «داعش» لتصبح سفيرة ضد الاتجار بالبشر والعنف الجنسي وناشطة من أجل حقوق الإيزيديين. هذا إنجاز مهم لأنه أول جائزة نوبل على الإطلاق للعراقيين.
وقد كانت الحكومة العراقية نفسها هي التي رشحت نادية مراد لجائزة نوبل للسلام عام 2016. والحكومة تحتفل بجائزتها التي تستحقها عن جدارة كإنجاز للعراق. ولكن تأتي جائزة مراد في فترة شهد خلالها العراق سلسلة من جرائم القتل التي تستهدف النساء. عملت امرأتان مقتولتان في مجال التجميل، وأخرى كانت عارضة في وسائل التواصل الاجتماعي، والرابعة كانت ناشطة في الخطوط الأمامية في احتجاجات مكافحة الفساد الجارية في البصرة.

تتكهن السلطات العراقية بأن بعض جرائم القتل هذه هي جرائم ذات طبيعة شخصية، وتقول ببساطة إن التحقيقات فيها مستمرة. ولكن يقول بعض المراقبين في البصرة إن قتل الناشطة الحقوقية، الدكتورة سعاد العلي، من المرجح أن يكون ذا دوافع سياسية، وإن الجناة يبدو أنهم ميليشيات تحاول سحق الاحتجاجات. ورغم أن العلاقة بين النساء اللاتي قُتلن للوهلة الأولى يبدو أنها تقتصر على جنسهن، فإنهن كنّ جميعهن يتحدثن بصراحة عن حقوق المرأة.

لذلك لا يمكن للحكومة العراقية أن تشيد بفوز نادية مراد بمصداقية من دون إيلاء اهتمام جاد لمسألة حقوق المرأة في العراق بشكل أعم، ولمسألة قتل النساء الأربع. يمثل منح جائزة نوبل للسلام لنادية مراد رصيداً مهماً للإصلاحيين العراقيين الذين يتمتعون بنفوذ سياسي، مثل الرئيس الجديد. لقد حان الوقت الآن لتحويل قيمهم إلى سياسات. ومن دون تكريس جهود جادة لأمور مثل حقوق المرأة، فإن أمثال مراد نفسها سيصبحون أهدافاً لأولئك الذين يريدون إسكات أصوات النساء.
هذه فترة مهمة في تاريخ العراق الحديث. على المستوى الشعبي، سواء من خلال حركة الاحتجاج أو نشاط المطالبين بحقوق المرأة، هناك مؤشرات على أن التغيير الإيجابي ممكن. على المستوى السياسي، هناك أيضاً لمحات من نفس الطينة. ويحدونا الأمل في أن يبذل قادة العراق الجدد الجهود اللازمة للعمل مع القواعد الشعبية في برنامج الإصلاح في البلد.

نقلا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علامات أمل للتغيير الإيجابي في العراق علامات أمل للتغيير الإيجابي في العراق



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس
  مصر اليوم - فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon