توقيت القاهرة المحلي 04:38:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من بيروت وبغداد إلى غزة

  مصر اليوم -

من بيروت وبغداد إلى غزة

بقلم: بكر عويضة

صيحة «كلهم تعني كلهم» تبدو الهتاف الأهم بين ما رددته جموع الشباب الغاضب في لبنان. الأرجح أن يتفق مع هذا التقييم لجوهر أزمة نُظم عدة في ديار العرب، كل من ينظر إلى أساس الخلل، ولا يكتفي بمعاينة ما يطفو على السطح، فيرى بثاقب بصر، كما لو أنه ينظر من خلال عين مجهر، أن جمع الساسة المُصرّين على رفض منطق التغيير، هم في واقع الأمر السبب الرئيس وراء كل ما أصاب بعض بلاد العالم العربي، من فوضى واضطراب في المشارق كما المغارب. في هذا السياق يروق لأناس استحضار مثلٍ سائر على ألسنة كثير من الناس يقول إن «دود الخلّ منه وفيه». أكيد.
يجوز ما سبق على ما شهد لبنان والعراق طوال أيامٍ وليالٍ لأسبوعين مضيا، ومن الجائز تخيّل أنه مستمر حتى يحقق المُستَغضَبون، جراء ما لحق بهم من مظالم نكد العيش ما لم يعد يُطاق. مَن شاء أن يعتبر يمكنه أن يجد الاعتبار، إذا أراد، فيما حصل من قبل، عما قريب، في السودان والجزائر. ثم، من بيروت ومن بغداد، وقبلهما الخرطوم والعاصمة الجزائرية، ربما يصح افتراض أن توجّه أحداث الغضب الشبابي هذه، رسالة إلى بعض النُّخب السياسية في أكثر من منطقة، علّها تفيق قبل فوات الأوان، وتقرأ بوضوح دلالات ما يجري غير بعيد عنها، ثم تتأمل ما تفصح عنه حكمة ترددت منذ قديم الزمان، وتنصح من ينسى أن «إياكم وثورة الحليم إذا غضب». تُرى، هل ثمة جنوح، أو تجنٍّ، في ترشيح صفوة قيادات حركة «حماس»، سواء التي تحكم قطاع غزة، أو المقيمة خارجه، كي تكون أول المتلقين للرسالة؟
كلا، لستُ أظن ذلك. فرغم الإبقاء على هامش الخطأ فيما أزعم، ومن ثم الاستعداد لتقبّل أي تصحيح، تمكن الاستعانة بمثل مستوحى من قصة وردت في كتاب «العهد القديم»، ويردده قوم شكسبير عندما يضجر أحدهم من الصبر على مَن لا يستطيع رؤية الأشياء بوضوح، فيزعق قائلاً:
THE WRITINGS ON THE WALL
بمعنى، ألا تستطيع أن تدرك الشواهد المكتوبة على كل جدار من حولك؟ كما أمثولة الجدار في المثل الإنجليزي، يمكن القول إن ما ينبئ عن تنامي غضب الناس، وارتفاع مؤشر قياس الضغط على الأعصاب، بفعل تكرار تشدد «حماس» في شروط التصالح مع «الإخوة الأعداء» في حركة «فتح»، يوشك أن يملأ جدران القطاع، حتى إنها تكاد تنهار فوق كل الرؤوس، وبلا سابق إنذار.
نعم، صحيح أن ما ينشأ عن ارتفاع تكاليف العيش يتربع على رأس قائمة المشكلات في أي مجتمع. وصحيح أن الجائع قد يقدم على أي فعل طائش، لكنّ آلام الجوع حين يبطش بالعقول، ربما تخفف العقاب في حكم القاضي المنصف. كل ذلك يصح حيثما حل الفقر، فشاع خراب البيوت، واتسع تفشي البطالة بين الشباب، إنما الأرجح ألا يجنح أحد عن الصواب، أو يظلم قيادات عدة داخل «حماس»، إذا رأى أنها مضت بعيداً في تجويع الفلسطينيين سياسياً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بإتمام المصالحة بحق، والتئام قطاع غزة بالضفة الغربية، تماماً كما كان الوضع قبل انتزاع الحكم بقوة السلاح صيف 2007. أما آن لأصحاب القرار الأفاضل في «حماس»، إطفاء عطش الناس للوحدة، قبل الاتفاق على كيفية إجراء انتخابات ليس من معنى لها في ظل الانقسام؟
لكن، ما علاقة ذلك بما يجري في بيروت وبغداد، وأين الرسالة؟ إنها في صيحة اللبنانيين: «كلهم تعني كلهم»، وفي انتفاضة العراقيين ضد هيمنة الحكم الإيراني على الحاكمين بلدهم. بيد أن المسألة، كما أراها، ليست في التخلص من شخص هذا أو ذاك. الأرجح أن «كلهم» تخص كل معرقلي الإصلاح، وكل مؤدلجي ما يعيق التغيير نحو الأفضل. ضمن هكذا فهم، يمكن القول إن ما ينطبق على قيادات في «حماس»، في شأن عرقلة التصالح الفلسطيني، يحق كذلك على زعامات داخل حركة «فتح»، وعلى آخرين في فصائل وأحزاب فلسطينية عدة. بل أبعد من الهمّ الفلسطيني، ربما يصح القول إن صيحة «كلهم تعني كلهم»، يجب أن يصل صداها إلى كل من يعرقل التصالح بين أبناء ليبيا، التي حلّ فيها أيضاً خراب اقتتال الآخرين فوق أرضها، وعلى حساب مصالح أبنائها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من بيروت وبغداد إلى غزة من بيروت وبغداد إلى غزة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon