توقيت القاهرة المحلي 22:32:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة... «أم أبطال» عربية

  مصر اليوم -

غزة «أم أبطال» عربية

بقلم - بكر عويضة

 

تختلف الرؤى حول شأنين، أسباب اندلاع حرب غزة، ثم المآل الذي سوف تنتهي إليه. في المقابل، يتفق المختلفون، على أمرين، أولهما أن أهوال هذه الحرب لم يسبق لها مثيل فعلاً. وثانيهما أنها ستتوقف ذات يوم، إذ لن تشذ عن غيرها من كل حرب شهدها كوكب الأرض، بين بني البشر من مختلف الأجناس والأعراق والثقافات، منذ عرف الإنسان صراع البقاء، فخاض مُرَّ الحروب ضد أشرس الحيوانات في أدغال الغابات، إلى أن تفتق الذهن البشري ذاته عن اختراع السلاح النووي. بكل تأكيد، حرب غزة مآلها أن تتوقف، سواء بقنبلة المتطرف عميحاي إلياهو النووية، أو بغيرها.

وافق أمس مرور أول شهر على زلزال السابع من الشهر الماضي. وفيما كنت أكتب، مساء الاثنين، التزاماً بموعد تسليم المقال للصحيفة، رحتُ أستحضر ما تبث قنوات التلفزيون العالمية عن استكمال تحضيرات الالتفاف التام حول مدينة غزة، وفصل جنوب القطاع تماماً عن الشمال، إضافة إلى كلام عميحاي إلياهو، الواضح أنه أحد مجانين التطرف، فوجدتني أخشى، فعلاً، ألا يكون ذلك الجنون مجرد عبث، وأن غزة قد تمسي، أو ربما هي مع نشر المقال، تكون أصبحت بالفعل، هيروشيما فلسطينية، يختم بها بنيامين نتنياهو، حياته السياسية منفذاً «الخيار الشمشوني» الوارد في أسفارهم القديمة؛ «عليَّ وعلى أعدائي يا رب». عجباً، أترانا أمام مشهد يستحضر انتقام شمشون الجبار، الذي زُعِم أنه مدفون في غزة، من «دليلة»، التي يُقال إنها من غزة أيضاً، والتي احتالت على ذلك المتجبّر، فقصت شعره، مكمن قوته، ولما نبت شعر رأسه من جديد، سارع إلى هدم المعبد على نفسه، وعلى أعدائه من قدماء الفلسطينيين؟

كل شيء ممكن. ليس من منطلق التسليم بما هو أقرب إلى الخيال، ويستعصي على الخضوع لأي منطق، كلا، وإنما انطلاقاً من حقيقة أننا أمام واقع متغير على نحو متسارع، يصعب معه على أكثر المحللين اجتهاداً توقع التطور المقبل، في واقع يتغير كل لحظة. أمام حال كهذا، ما المانع أن أرجع إلى ماضٍ ليس بعيداً بُعد أسطورة «شمشون ودليلة»، بل إلى أيام صباي في قطاع غزة. كنت ابن تسع سنين، عندما وقع كل القطاع تحت الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب أزمة السويس عام 1956. رغم صغر السن، لم يكن صعباً عليَّ، وكذلك أترابي في العمر، إدراك أن الاحتلال إلى زوال. كنا ندرك أن العمق العربي كله معنا. راجت بيننا أهزوجة آنذاك تعبر عن ذلك الإحساس جيداً. رحنا نردد: «غزة يا عربية يا أم الأبطال، ما تخافي مهما عذابك يا روحي طال، وراكِ سعود والقوتلي وحسين وجمال». أنظر، كيف تجمع أهزوجة عفوية زعماء السعودية وسوريا والأردن ومصر، رغم ما بينهم من اختلافات، يومذاك، كي يقفوا مع غزة وشعبها.

ذات فجر من أيام الاحتلال، صحا الناس على مآذن الجوامع تكبر تكبيرات ابتهال أن ينتقم الله من الظالم المعتدي، بعدما سُمع بكاء ونحيب طفلين في أحد البيوت، فلما هرع الجيران إلى منزل صلاح اللبابيدي، وجدوا طفليه عوني وتحفة، مضرجين بدماء والديهما. كان صلاح شاباً من شبان مقاومة الاحتلال، اقتحموا بيته، ثم حاولوا اغتصاب زوجته، فصدهم عنها بذراعيه، وكل ما أوتي من قوة، قتلوه، ثم كرروا إثم محاولتهم معها، فقاتلتهم بأظافيرها، حتى قتلوها. لستُ أدري أين هما، عوني وتحفة، الآن، لكنني أعلم أن والديهما الشهيدين لم يكونا منتميين لأي تنظيم، ولا كان أطفال مجزرة «قانا» في لبنان، أو «بحر البقر» في مصر، منتمين لأي فصيل يهدد أمن إسرائيل. الخلاصة، يبدو أن «حق الدفاع عن النفس»، يمنح إسرائيل صك القتل بلا تفريق بين مقاتل وطفل أو عجوز.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة «أم أبطال» عربية غزة «أم أبطال» عربية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon