توقيت القاهرة المحلي 22:45:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إطلالة رمضان على جياع غزة

  مصر اليوم -

إطلالة رمضان على جياع غزة

بقلم - بكر عويضة

ليس بالأمر المخالف للناموس، أن تطل مناسبة تتكرر مواعيد الناس معها مرة، أو اثنتين، كل عام، فإذا الإطلالة غير التي سبقتها؛ إذ هي إما أسطع بهاءً، أو أنها تتضور من جوع لنسمة فرح، بعدما أخذ وجعُ قرح ترافق مع حلولها، ينهك أفئدة أصابها الضمور في صدور آباء وأمهات نسوا جوعهم بعدما لم يعد بوسع الحجر أن يُسكت أنين جوع أطفالهم. يمكن القول إن ما سبق من كلمات ينطبق تماماً على إطلالة شهر رمضان الفلسطينية هذا العام، وقد أتى يحمل من الآلام والأحزان، أقسى مما يُطاق، بفعل ما يجري على أرض قطاع غزة، جراء همجية غير مسبوقة تمارسها إسرائيل بلا خجل، ناهيك عن وازع الضمير، بقيادة الثلاثي المتطرف بنيامين نتنياهو، وإيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش. أما ثالثهم فهو زعيم حركة «الصهيونية الدينية»، وثانيهم هو أحد أهم أتباع الحاخام مائير كاهانا، الداعي إلى محو الوجود الفلسطيني نهائياً، فيما بات أولهم أشهر سياسي معاصر سوف تُضرب به أبشع أمثال التنطع، خصوصاً إزاء إزهاق أنفس الأطفال والنساء.

تُرى، لماذا اتخذ جوع أهل قطاع غزة، سواء الطفل منهم، أو صبايا النساء والعجائز، الشباب بين الرجال، أو الطاعنين في السن، هذا الذي نرى من سباق دولي غير مسبوق لوقف نزف الألم في الأمعاء الخاوية؟ هو بالفعل نوع من الهرع العالمي المتميز إذا قورن بحالات مماثلة مرت على العالم من قبل، وربما الأصح القول إنها حالات مجاعة كانت أشد قسوة اجتاحت أجزاء عدة من القارات الخمس، طوال الخمسين عاماً الماضية، وحصدت ملايين الأرواح. الإجابة عن السؤال ليست بحاجة إلى عبقرية ذات تميز ساطع عن غيرها. كلا، إطلاقاً، هي إجابة تكمن في تميز الحالة الفلسطينية ذاتها. يلفت النظر، في هذا السياق، أن عدداً من كبار الكتاب والمفكرين، إضافة إلى لامعين في الاجتهاد بشأن اقتراح حلول للمستعصي من أزمات العالم، طفقوا خلال بضع سنين مضت يطلقون مصطلح «المسألة الفلسطينية» عند طرح قضية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي كموضوع بحث أكاديمي، أو دراسة، أو مقالة. معروف أن التوصيف مستنسخ من تعبير «المسألة اليهودية»، الذي أطْلِق على أزمة التعامل الغربي مع اليهود عبر التاريخ الحديث.

هل منبع الاهتمام العالمي، إذنْ، بجوع أهل قطاع غزة هو لأنهم يعيشون فوق أرض هي جزء من صراع تعني تحولات مساره صنّاع كل القرارات التي تخص الأمن العالمي؟ نعم، ذلك استخلاص صحيح على الأرجح. ففلسطين الأرض، من جهة، والبشر الذين هم أطراف الحروب التي شهدتها طوال مئات السنين، من جهة ثانية، هي بحق قضية، وليست مجرد «مسألة»؛ وإذ ذاك فهي لا تشبهها أي من قضايا الاحتلال والتحرر باختلاف أماكنها وتباين مناهجها.

القول بما تقدم نابع من الواقع الماثل كحدث أمام الأعين، والواضح أنه حلقة في مسلسل ماضٍ قريب، نشأ هو الآخر على أنقاض الماضي الأبعد منه بقرون، هو قول ليس فقط من منطلق المبالغة في التضخيم، أو البلاغة في إنشاء الحديث، بل تؤكده تحولات عدة شهدها إقليم الشرق الأوسط وكان لها تأثيرها البعيد المدى عالمياً؛ لكونه المنطقة التي يعدّها كثيرون «صُرّة» العالم، جغرافياً وتاريخياً من جهة، وإمكاناتٍ اقتصادية، وثروات من جهة ثانية. أمِن عجب إذن، إذا سارع الرئيس جو بايدن ينشئ رصيف الميناء المؤقت على شاطئ غزة، بعدما رأى غيره يبادر إلى محاولة كسر عظم الحصار الإسرائيلي الظالم، بإلقاء المساعدات للجوعى من الجو؟ كلا، بل العجب أن يطغى نتنياهو إلى المدى الذي أجبر الآخرين على ابتكار ما يبدو نوعاً من العجائب لمساعدة ضحاياه على النجاة من طغيانه المتواصل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إطلالة رمضان على جياع غزة إطلالة رمضان على جياع غزة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon