توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تسوية «غزة أولاً»... ثم المنطقة

  مصر اليوم -

تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة

بقلم - بكر عويضة

 

استبق ياسر عرفات، إشهار «اتفاق غزة-أريحا»، ثم التوقيع عليه في القاهرة (4-5-1994)، فراح يمهد الطريق له بإطلاق عبارة «أريحا أولاً». سبب ذلك أن أحاديث وراء الكواليس، التي سبقت التوصل لاتفاق أوسلو (13-9-1993)، كانت تدور حول اقتصار تطبيق الحكم الذاتي على منطقة أريحا، بقصد ملاحظة هل سيتمكن أبو عمار من إحكام قبضة سلطته في تلك المنطقة أولاً، قبل الإقدام على توسيع دائرة نفوذها لتشمل قطاع غزة، ثم باقي مناطق الضفة الغربية. مبتسماً، كان أبو عمار، سيد التكتيك الفلسطيني بلا منازع، يردد أمام كاميرات الإعلام ما مضمونه أن الرجل أقام دولة في منطقة الفاكهاني ببيروت، فما المانع أن يُجرَّب أسلوبه في أريحا أولاً.

قياساً على مقولة «أريحا أولاً»، ربما يمكن القول إن تسوية قطاع غزة، بذريعة الرد على «طوفان الأقصى»، صارت المبرر القابل لأن يُسوَّق للعواصم المتحالفة مع تل أبيب أولاً، وللرأي العام العالمي ثانياً. المقصود بالتسوية هنا هو تسوية مدن القطاع بالتراب تماماً، بمعنى «FLATTENING IT»، حتى تصبح صعيداً جُرُزاً، ثم تُقطع أوصالها فتمسي جُزراً متناثرة. التعبير ليس من عندي، بل ردده غير مراقب ومتابع عن كثب لما وقع في القطاع من قصف ممنهج، وتدمير متواصل للمباني والأبراج. من هؤلاء، مثلاً، الصحافي والكاتب الأميركي كريس هيدجز، الذي نشر في الثالث من الشهر الحالي تقريراً تضمن ما خلاصته التالي: «عندما يقول غلاة المتطرفين الصهاينة إنهم يريدون مسح غزة عن سطح الأرض صدقوهم». وهناك أيضاً جوديث بتلر، اليهودية الأميركية، التي تُعد بين أبرز الفلاسفة المعاصرين، والتي حذرت في مقابلة مع «ديموكراسي ناو» من وجود «مخططات تهجير إسرائيلية للسكان ومسح غزة بأكملها»، وفقاً لما أورد موقع «بي بي سي» العربي.

حسناً، إذا تحقق ما سبق، عندئذ يمكن تصوّر أن يتوقف إطلاق النار، ويصمت دوي المدافع، ثم تُشرع النوافذ، وتُمهد الطريق، فتفتح الأبواب على مصاريعها لكي تولد تسوية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ومعه العربي طبعاً. تسوية من نوع التسويات السياسية الحاسم بشكل نهائي -كما في المصطلح الغربي «Once And For All»، على غرار اتفاق وقف الحرب العالمية الأولى (11-11-1918)، المحتفى به يوم الأحد الماضي. الأرجح أن تسوية كهذه لن يقف أمامها عائق يمكنه إحباطها، وسوف تسمح بإعادة رسم خرائط منطقة شرق أوسط جديدة، كما تراها أطراف دولية تقبض على مفاتيح اتخاذ القرار الدولي. بالطبع، كي يكتمل المشهد لحظة العرض أمام الجماهير، سوف تؤخذ في الاعتبار بضع نقاط قيل إنها «شروط» بعض الأطراف لإتمام الصفقة، فيما يدرك كثيرون أنها فقط تريد إنقاذ ماء الوجه. ساعتها، سوف تُطلق إشارات الانطلاق في إعادة إعمار قطاع غزة، ويبدأ إنفاق مليارات، كي تنهض العمارات، من جديد، وتخضر الحدائق، كما لو أنها لم تُحرق أساساً.

واضح أن مخططاً ما سبق الذي وقع مساء السابع من الشهر الماضي. والأرجح أن خللاً ما أوقع ارتباكاً في التفاصيل والعواقب. سوف يمضي وقت طويل جداً قبل أن تتضح حقائق كاشفة لأسرار مخيفة لم تزل وراء الستار. يبقى القول إن مفاجأة التعديل الوزاري في حكومة ريشي سوناك الاثنين الماضي، ليست بعيدة كثيراً عن هذا السياق. المفاجأة الكبرى هي تعيين ديفيد كاميرون في موقع وزير الخارجية. صحيح أن قبول رئيس وزراء سابق منصب وزير في حكومة لاحقة ليس غريباً على الديمقراطيات الغربية عموماً، لكن تسلم كاميرون حقيبة الخارجية تحديداً، وهو الخبير في المنطقة العربية عموماً، وفي هذه المرحلة غير العادية إطلاقاً، ينبئ بأكثر من تطور مهم مقبل. عما قريب يتضح الجواب عن أكثر من سؤال، أو الأصح أن هذا هو الذي نأمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon