توقيت القاهرة المحلي 04:08:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوسلو... الزلزال والإعصار

  مصر اليوم -

أوسلو الزلزال والإعصار

بقلم - بكر عويضة

ليل الجمعة الماضي أفاق الناس في أنحاء عدة من المغرب على وقع زلزال مدمر أوقع، في البدء، عشرات الضحايا، ثم أخذت الأعداد ترتفع، فإذا الألف الأولى تليها الثانية ما بين طرفة عين وانتباهتها. غير بعيد، فوجئ أهل شرق ليبيا بإعصار يحمل اسم «دانيال» يفجر فيضانات تُغرق قرى بأكملها وتبتلع آلاف القتلى، فيُحدِث من الهلع في النفوس ما يفوق الذي يسببه اقتتال الميليشيات الليبية. في الآن نفسه، راحت نواقيس الخطر تدق في مصر، بعدما تردد أن الإعصار ذاته في الطريق إليها أيضاً. أمام تتابع هذه الأحداث قد تبدو العودة إلى حدث وقع قبل ثلاثين عاماً غير مِهنية صحافياً. أتفهم ذلك وأتقبله. إنما يمكن القول أيضاً إن الذي حدث في مثل هذا اليوم منذ ثلاثة عقود (13-9-1993) في حديقة البيت الأبيض بواشنطن، يستحق أن يُعطى، سياسياً، وصف زلزال وإعصار معاً.

الواقع أن «اتفاق أوسلو» كان كذلك على أكثر من صعيد، ومن ثم فإن الرجوع إلى مشهد ذلك الحدث لا يبتعد، مجازاً، عما يشهد العالم من كوارث طبيعية تشمل الأعاصير، والزلازل، والفيضانات، وحرائق الغابات. حقاً، لقد زلزل توقيع «اتفاق أوسلو» أرض أكثر من اقتناع على ثلاثة مستويات؛ فلسطينياً، وعربياً، وإسرائيلياً. وهو كان بمثابة إعصار سياسي نسف أكثر من مبدأ اعتقد كثيرون، طوال عقود، أنه عصيٌّ على الزوال. بدءاً، أطاح «اتفاق أوسلو» الوهم الإسرائيلي الزاعم أن إسرائيل دولة كان يجب أن تقوم فوق «أرض بلا شعب» لأجل ضمان مستقبل وأمن «شعب بلا وطن». كذبة خرقاء أطلقها عتاة الحركة الصهيونية، من جيل وزمن غولدا مائير، وبن غوريون، ثم صدقها زعماء التطرف الصهيوني الحاليون، مثل الوزير في حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، إيتمار بن غفير، وآخرين غيره، لذا لم يكن مستغرباً أن يسارع هذا التيار إلى اغتيال إسحاق رابين (4-11-1995) انتقاماً من إقدامه على القبول بمبدأ التفاوض مع الفلسطينيين.

في المقابل، أزاح الاتفاق ذاته أيضاً مبدأ إصرار فلسطيني، مدعوم عربياً وإسلامياً بقي منذ العام 1948 قائماً على رفض التفاوض مع إسرائيل بقصد إبرام صلح معها والاعتراف بها. معروف أن قمة الخرطوم العربية (29-8-1967) أطلقت تلك اللاءات الثلاث رداً على هزيمة حرب الستة أيام سنة 1967. صحيح أن التخلي عن هذه اللاءات سبق توقيع «اتفاق أوسلو» بسنوات عدة، خصوصاً بعدما عقدت مصر أول اتفاق سلام عربي - إسرائيلي عُرف باتفاقية كامب ديفيد (17-9-1978)، لكن «اتفاق أوسلو» بدا بمثابة أول إقرار فلسطيني بإمكانية سلوك طريق كامب ديفيد، بعدما كان مرفوضاً بإصرار.

حسناً، ها قد مرت السنون سريعاً، فأين صار «اتفاق أوسلو»، وماذا حقق للجانبين؟ ربما السؤال الأصح والأهم هو ماذا تحقق للطرف الفلسطيني كونه الأحق من الطرف الإسرائيلي كثيراً في أن يلمس واقعياً ثمرة الإقدام على «مقامرة أوسلو»؟ واضح أن الإجابة ليست في صالح الجانب الفلسطيني تحديداً. باستثناء بعض المكاسب الرمزية، مثل تلك التي اتخذت شكل اعتراف معظم دول العالم بالسلطة الوطنية الفلسطينية كياناً يمثل الفلسطينيين، وبدء التعامل مع مكاتب منظمة التحرير كسفارات، أو بعثات دبلوماسية، عدا ذلك، ما تحقق على صعيد الممارسة الفلسطينية المستقلة فعلاً على الأرض قليل جداً، بل إن بعض المناطق التي وردت في اتفاق غزة - أريحا أولاً، مثل المنطقة جيم، لا تزال خارج نطاق السيطرة الفلسطينية. صحيح أن مقاومة «اتفاق أوسلو» بغرض نسفه كلياً فشلت، لكن الأرجح أيضاً أن أغلب شرائح جيل فلسطيني نشأ وشبّ في أجواء الاتفاق، خلال الثلاثين عاماً الماضية، لا تشعر بأمان تام في حاضرها، ولا بتفاؤل مضمون إزاء مستقبلها. حصاد مؤسف؟ نعم، بكل تأكيد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوسلو الزلزال والإعصار أوسلو الزلزال والإعصار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon