توقيت القاهرة المحلي 07:02:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفاجآت نهاية عام

  مصر اليوم -

مفاجآت نهاية عام

بقلم : بكر عويضة

ترافق نهايات كل سنة، تقريباً، مفاجآت منها المثير للاستغراب، وفيها ما يكاد يُبكي الحجر لهول مأساة أصابت أناساً لم يتوقع أي منهم أن يودع العام بحزن يغتسل بالدموع، وبينها ما يفجّر ضحكات ذهول يصحبها، غالباً، التساؤل بدهشة: أمعقول هذا الذي نرى ونسمع؟ سياسياً، من أبرز مفاجآت نهاية العام المثيرة للاستغراب، قرار سيد البيت الأبيض، بشأن سحب قوات أميركية من سوريا تعدادها ألفا جندي، معظمهم من العناصر الخاصة. ذاك قرار يجوز أن يُضرب به المثلُ؛ خصوصاً من قِبل حلفاء أميركا وأصدقائها، على اختيار أسوأ الأوقات للتصرف بلا تشاور مع آخرين تعنيهم مباشرة تبعات ذلك الإجراء. بمفاجأته تلك، لم يثر الرئيس ترمب فقط استغراب الحلفاء والأصدقاء، بل أثار الاعتراض بين بعض كبار ساستها، ومنهم من فضل الانسحاب من إدارة يبدو أن شطط مفاجآتها لم يعد يُحتمل، وفي مقدمهم جيمس ماتيس، وزير الدفاع المشهود له ليس بالكفاءة العسكرية فحسب، بل كذلك بالثقافة وسعة المعرفة.
بيد أن المفاجأة الترمبية لم تكتف بمجرد الانسحاب من سوريا، إذ في حال صح ما أوردته «سي إن إن» عما سمته «تفاصيل» حديث هاتفي بين الرئيسين الأميركي والتركي، رجب طيب إردوغان، تضمنت تسليم الأول للثاني بأن «سوريا مِلكٌ لك»، إذا اتضح أن هذا الزعم صحيح، فسوف يكون من المثير للاهتمام معرفة ماذا سيكون رد الفعل الإيراني، وتأثير الخروج الأميركي؛ خصوصاً في منطقة منبج، على ميزان القوى عموماً، وتداعيات كل هذا الخلط في الأوراق، لاحقاً، على ما سينتهي إليه وضع سوريا، مأساة المآسي العربية في العشر سنوات الأخيرة. 
ثم إن مسلسل مفاجآت نهاية العام الترمبي تتواصل على نحو لافت للنظر. خذ، مثلاً، تقرير «نيويورك تايمز» الزاعم أن شكوك ترمب أوصلته إلى نوع من الاقتناع بأن الجميع من حوله «خانوه، وتخلوا عنه، ولديهم أجندة خفية». مؤلم، حقاً، على الأقل من جانب إنساني، الزعم أن تلك الشكوك تتجاوز الساسة والمستشارين، لتصل إلى الدائرة الأقرب للرئيس ترمب من غيرها، ومن ضمنها ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر. إذا صح هكذا ادعاء، وهو بالفعل مُستغرب، فإن في ذلك ما هو غير مريح لكل من لم يزل يستثمر بعضاً من رأسمال سياسي في سياسات الرئيس ترمب، سواء داخل أميركا، أو خارجها.
على المستوى الإنساني، رغم أن إندونيسيا وبعض دول جوارها معتادة على أعاصير الطبيعة وكوارثها، إلا أن تعرض سواحل مضيق سوندا لتسونامي أدى إلى مئات القتلى وآلاف الجرحى، كان بمثابة مفاجأة مؤلمة أتت بها نهاية العام فأثارت الفزع، وأبكت ذوي الضحايا، وخلّفت إحساس ألم حيثما يوجد شعور إنساني. أما القتل المروّع للسائحتين النرويجية لويسا فستراجر، والدنماركية مارين يولاند، في جبال الأطلسي، قرب إمليل في المغرب، فقد حمل مفاجأة توديع عام ميلادي بجبل حزن غير متوقع جثم على قلوب أفراد أسرتي السائحتين وأحبائهما، وكل ذي حِس إنساني. 
في المقابل، لم يكن غريباً أن يختلط إحساس الذهول بشيء من الضحك في بريطانيا إزاء تعرض مطار غاتويك للشلل بسبب عبث أناس استهواهم اللعب بتحليق طائرات «الدرون» فوق المجال الجوي لثاني أهم مطار بريطاني، ولم يجر القبض عليهم فوراً، وإزاحة شر عبثهم من طريق مسافرين أرادوا الالتحاق بأهليهم في الأعياد، أو قضاء إجازاتهم في أجواء دافئة.
ورغم أن مظاهرات السودان بدت مفاجأة؛ خصوصاً بعدما فاجأ الرئيس عمر البشير كثيرين بزيارته دمشق، لكن ليس مفاجئاً أن ينتفض غضب السودانيين بعد طول صبر على نكد الأوضاع ومصاعب الحياة اليومية للناس. معروف لكل متابع أن السوداني إذا راح يردد في المجالس أن «الحالة بطالة خلاص»، يكون استنفد كل إمكانات السكوت على وضع مُرٍّ ليس يلوح في الأفق حلوٌ آتٍ بعده. سمعتُ هكذا توصيفاً للأوضاع السودانية قبل انتفاضة سادس أبريل (نيسان) 1985 - عندما كنت موفداً من فؤاد مطر، أحد أوائل الكُتاب والصحافيين العرب الذين أولوا الشأن السوداني خاص الاهتمام، عندما كان ناشر مجلة «التضامن» ورئيس تحريرها - وهي انتفاضة أطاحت حكم المشير الرئيس جعفر نميري. ليس واضحاً، حتى الآن، إلى أين تمضي هذه الانتفاضة، لكن الرسالة شديدة الوضوح، ومهم أن يدركها كل من تعنيه. 
واضح كذلك أن نهايات الأعوام، كما البدايات، تحمل دائماً من المفاجآت كل ما هو غير متوقع. ترى ما المفاجئ المقبل مع عام 2019 المقبل؟

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاجآت نهاية عام مفاجآت نهاية عام



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon