توقيت القاهرة المحلي 07:22:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مال ليبيا لغير صحافتها

  مصر اليوم -

مال ليبيا لغير صحافتها

بقلم: بكر عويضة

نهاية الأسبوع الماضي، انشغل إعلام بريطانيا بكتاب ديفيد كاميرون، الذي يتناول سيرته الذاتية، قبل الحكم، وخلاله، ثم خارجه. بعد ثلاث سنوات من الصمت، طبيعي أن يهتم الناس بما ضمّن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق كتابه من آراء، خصوصاً بشأن دوامة «بريكست»، التي أقر أن نسبة معتبرة بين مواطني هذا البلد لن تغفر أنه المسؤول عن كارثة استفتاء 2016، لأن الكتاب لم يكن توفر في المكتبات بعد، لم يتضح، حتى كتابة هذه الكلمات، ما أورده كاميرون فيما يخص الشأن الليبي، وهل أبدى بعض ندمٍ عما آل إليه وضع ليبيا، لأن غارات حلف «ناتو»، أثناء تنفيذ القرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن (17 - 3 -2011)، لم تكتف بفرض حظر جوي على طائرات نظام القذافي، لغرض حماية المدنيين؛ خصوصاً بمدينة بنغازي، بل ذهبت إلى حد التدمير التام، تقريباً، لمنشآت الجيش الليبي كافة، الأمر الذي أسهم مباشرة في فتح أبواب ليبيا أمام انفلات السلاح، وسيطرة الميليشيات، وصولاً إلى الوضع المأساوي الحاصل الآن، والمتواصل، على الأرجح، حتى أمد مجهول.
لكن، أليس السؤال الأوْلى، قبل مساءلة ديفيد كاميرون ومعه نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي الأسبق، هو: من المسؤول، أساساً، عن وصول ليبيا إلى الوقوع تحت حمم قصف غارات حلف «ناتو»؟ بالطبع، الذي يتحمل المسؤولية الأولى، هو القذافي ذاته، الرجل الذي لو كانت ليبيا، بحق، هي أول همّه، والليبيون والليبيات، يتقدمون، بصدق على نفسه، لما أصابه سرطان تقديس الذات في صميم العقل منه. ولأن وهم التمدد عالمياً سيطر على تفكيره، لم يكن صعباً أن يمد معمر القذافي اليد في كل اتجاه فيجد من يلبي، ما دام أنها محشوة بأموال الليبيين. في سوق تمجيد «العظمة» القذافية، وإعانتها على تصديق كذبة اختراعها لما تصورته «عظمتها»، انساق صحافيون عرب كثيرون، قلت في مقال سابق، ضمن هذه السلسلة، إنني أحدهم، لكني، وآخرين غيري، أدركنا، على الأقل، مبكراً كم أخطأنا.
مع انقضاء العام الأول لحكم معمر القذافي، صارت ليبيا قِبلة لكل صحافي عروبي التوجه في العالم العربي. آنذاك، لم يكن في الأمر ما يثير الدهشة، إذ طبيعي أن يرى المصدومون، حينها، بكارثة يونيو (حزيران) 1967، أملاً يلوح عبر ما يصدر عن قائد «ثورة الفاتح» بشأن توجهه الوحدوي. تلك كانت فرصة لنا، أيضاً، الجيل الشاب، يومذاك، من صحافيي ليبيا، وزملائهم العرب، العاملين في الصحف الليبية، كي نلتقي صحافيين عرباً كانوا بالنسبة لنا نجوماً في فضاء الصحافة العربية. ما أثار الدهشة، لاحقاً، والامتعاض بين عدد من صحافيي ليبيا الناجحين فعلاً، هو أن القذافي مضى في انتقامه من صحافة ليبيا أبعد من مجرد إهمالها، وشن الحرب عليها حتى في حقها من الإعلانات الحكومية، إلى حد فتح خزائن البلد أمام صحافيين عرب طموحين، ويتوق بعض منهم إلى تأسيس وإصدار صحفهم أو مجلاتهم. وهكذا كان، فصدرت صحف ومجلات في بيروت وفي غيرها. ليس ضرورياً ذكر أسماء أشخاص، أو عناوين إصدارات، هم وهي أشهر من التعريف بها وبهم. بينها من أغلق الأبواب مبكراً، وبينها من أغلقها أخيراً. المهم في الأمر، هو أن القذافي حرَّم مال ليبيا على صحافتها ضاربة الجذور في العمق الليبي، وأغدق الكثير منه على صحافة عربية خارجها بغرض تمجيد «عظمة» العقيد.
يطول الحديث وتضيق المساحة. لكنني أختم بتعليق وصلني عبر الإيميل من السيد هشام بن غلبون، جاء فيه ما يلي: «روايتك الأربعاء الماضي عن تعارض كاريكاتير محمد الزواوي في الصفحة الأخيرة من جريدة (الحقيقة)، مع الخبر الرئيس على الصفحة الأولى من العدد نفسه، قبل أيام من انقلاب القذافي، تكفي لأن يقيم الليبيون مراسم عزاء على الملك إدريس السنوسي، الذي فرطوا فيه بعدما ضللهم المضللون. ثم إن الزواوي، الذي وصفته بالعملاق، وأضيف أنه عبقري، رغم أنه كان من أبرز الساخطين على العهد الملكي، ورحّب من خلال رسوماته بالانقلاب، لم ينجُ من بطش القذافي، فقُتل ابنه في مجزرة سجن أبي سليم، التي راح ضحيتها سنة 1996 أكثر من 1260 مواطناً في ليلة واحدة. وقضى هو شخصياً في السجون التونسية أكثر من سنتين بعدما ورطته السفارة الليبية في تونس، من دون درايته، في نقل قنبلة كان يراد بها تفجير اجتماع في مقر جامعة الدول العربية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مال ليبيا لغير صحافتها مال ليبيا لغير صحافتها



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان
  مصر اليوم - مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon