توقيت القاهرة المحلي 07:22:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إرهاب فاجر ومغتصب جائر

  مصر اليوم -

إرهاب فاجر ومغتصب جائر

بقلم : بكر عويضة

 قبل تصفح أي منبر إخباري صباح أول من أمس، كان بالوسع تخيل ما سيقول الذين سارعوا للربط بين فجور جرائم تفجير ثلاث كنائس نهار اليوم السابق (الأحد) بمدينة سورابايا في إندونيسيا، وبين تسارع أحداث وضع متفجر في القدس نشأ عن ضرب الرئيس دونالد ترمب رأس كل منطق، عرض حائط العِناد، إذ أصر على تنفيذ قرار نقل السفارة الأميركية، رغم اعتراض أغلب حكومات الأرض، إلى مدينة يخضع الشرق منها لاحتلال إسرائيل الظالم منذ أكثر من خمسين عاماً، وها هو جيش الاحتلال المغتصب حقوق أجيال رحلت تحمل حسرة أرض ضاعت، وأجيال تتطلع لغد أفضل، يتمادى في جور سحق إنسانية الفلسطيني لمجرد الحلم بحق العودة.

هل ثمة ما يُدهش في الربط بين خطأين فإذا الحاصل خطيئة يمكن لكل عقل مبصر أن يراها بلا عناء يُذكر. ولئن كان لا بدّ من التذكير، فيمكن فتح أولى صفحات كارثة غزو الكويت (2 - 8 - 1990) عندما أوحى بعض ممن حملوا في رقابهم أمانة قضية فلسطين، للرئيس العراقي زمنذاك، صدام حسين، كي يعلن ما سماه «مبادرة الربط»، يومذاك، شهدت أوساط تبرير كارثة الغزو، تصفيق كثيرين زعق أغلبهم بأن تلك كانت «ضربة معلم»، وانساق وراءهم مغلوبون على أمرهم، يسارعون إلى التعلق بقش الوهم لمجرد أنهم يصدقون ما يسمعون، فيغشاهم أملٌ بقرب تحقق ما يتطلعون إليه بصدق. لم يسأل البسطاء أنفسهم، ماذا لو قيل لحاكم العراق، يومها، ما معناه: حسناً، يهمنا النفط أولاً، ابق في الكويت، ونبقى نحن في الضفة وغزة، ثم اربط ما شاء لك الربط سنين أمداً؟

ليس من العدل لوم مَنْ يعيش الظلم سنين تطول حتى تبدو الحياة معها كما ليل تسرمد، وإذ ذاك هو الحال، فأنى يتلو الظلامَ فجرٌ تشرق معه شمس نهار جديد. إنما اللوم يحق، قولاً وفعلاً، على كل مُزيّن للناس سوء أفعال ليس يُقدم عليها سوى مَنْ ركب الرأسَ منه الغُرور، فمشى في طريق الغَرور. إن إزهاق أنفس مصلين داخل كنائس، أو مسجد، أو كنيس، فعلٌ لن يسرّ إلا الشيطان، العدو الأول لخالق الكون، للأنبياء والرسل أجمعين، وللعباد المُخلصين دينهم لله وحده، لا لجماعة، ولا لحزب، ولا لحركة، ولا حتى لأي طائفة. الله هو ربُّ العباد كلهم، إله الناس جميعهم، من كل جنس ولون وعرق ودين، فمم إذن أتى شر إبليس وذريته، المُبرِر ارتكاب جرائم إرهاب البشر باسم أي كتاب سماوي، وفي زماننا هذا، على وجه التحديد، باسم القرآن الكريم، ونبيّه الأمين؟

أتى من ذوي هوى سياسي أو عقائدي. يجترئ أحدهم، أو كثير منهم، فلا يخشى أن يستخدم القول الحق في أي شأن يخدم أهواءً تميزهم عن غيرهم من الناس، سواء كانت سياسية، أو حزبية، أو وظيفية، أو اجتماعية، أو مصلحية، أو حتى دينية. أولئك، في زمان تناسل الفتن هذا، هم، على الأرجح، الذين قال فيهم أصدق القائلين بوضوح صاعق: «أرأيت من اتخذ إلهَهُ هواهُ أفأنت تكون عليه وكيلا». (43 الفرقان). في كل مرة يصدم قبح الإرهاب المتلفح بدين الإسلام مجتمعات الكوكب كلها، وفي مقدمها كل مجتمع مسلم، يقول أغلب المصدومين ما معناه، إن الكيل قد طفح. نعم، صحيح، إنما ما القول الآن وأنت ترى فجور مزيّني الفعل الإرهابي يصل إلى حد فحش تجنيد أسرة من أب وأم وأطفالهما لارتكاب جُرم تفجير أنفسهم في ثلاث كنائس، وقبل أيام من بدء شهر رمضان الخير والتراحم بين الناس؟ هل الحوقلة، مع ضرورتها بالتأكيد، كافية في حد ذاتها؟ كلا، ذلك أن وصول جرائم التفجير الانتحارية باسم الدين الحنيف إلى هذا المستوى هو فجور فاق كل تصوّر حقاً. تُرى، أيقترب حال رسالة الحق المحمدية، من نبوءة نبيها الكريم: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء»؟ الله وحده الأعلم، لكن نعلم أيضاً أن النبي ما نطق عن الهوى، وأن يوماً عند الخالق بألف سنة مما يعد البشر. حقاً، ما أبشع فجور إرهاب قتل الأبرياء في معابدهم، وما أفظع جور محتل يرفض الإقرار بحق الفلسطينيين في أرض أجدادهم.

 نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب فاجر ومغتصب جائر إرهاب فاجر ومغتصب جائر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon