توقيت القاهرة المحلي 06:40:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إرهاب فاجر ومغتصب جائر

  مصر اليوم -

إرهاب فاجر ومغتصب جائر

بقلم : بكر عويضة

 قبل تصفح أي منبر إخباري صباح أول من أمس، كان بالوسع تخيل ما سيقول الذين سارعوا للربط بين فجور جرائم تفجير ثلاث كنائس نهار اليوم السابق (الأحد) بمدينة سورابايا في إندونيسيا، وبين تسارع أحداث وضع متفجر في القدس نشأ عن ضرب الرئيس دونالد ترمب رأس كل منطق، عرض حائط العِناد، إذ أصر على تنفيذ قرار نقل السفارة الأميركية، رغم اعتراض أغلب حكومات الأرض، إلى مدينة يخضع الشرق منها لاحتلال إسرائيل الظالم منذ أكثر من خمسين عاماً، وها هو جيش الاحتلال المغتصب حقوق أجيال رحلت تحمل حسرة أرض ضاعت، وأجيال تتطلع لغد أفضل، يتمادى في جور سحق إنسانية الفلسطيني لمجرد الحلم بحق العودة.

هل ثمة ما يُدهش في الربط بين خطأين فإذا الحاصل خطيئة يمكن لكل عقل مبصر أن يراها بلا عناء يُذكر. ولئن كان لا بدّ من التذكير، فيمكن فتح أولى صفحات كارثة غزو الكويت (2 - 8 - 1990) عندما أوحى بعض ممن حملوا في رقابهم أمانة قضية فلسطين، للرئيس العراقي زمنذاك، صدام حسين، كي يعلن ما سماه «مبادرة الربط»، يومذاك، شهدت أوساط تبرير كارثة الغزو، تصفيق كثيرين زعق أغلبهم بأن تلك كانت «ضربة معلم»، وانساق وراءهم مغلوبون على أمرهم، يسارعون إلى التعلق بقش الوهم لمجرد أنهم يصدقون ما يسمعون، فيغشاهم أملٌ بقرب تحقق ما يتطلعون إليه بصدق. لم يسأل البسطاء أنفسهم، ماذا لو قيل لحاكم العراق، يومها، ما معناه: حسناً، يهمنا النفط أولاً، ابق في الكويت، ونبقى نحن في الضفة وغزة، ثم اربط ما شاء لك الربط سنين أمداً؟

ليس من العدل لوم مَنْ يعيش الظلم سنين تطول حتى تبدو الحياة معها كما ليل تسرمد، وإذ ذاك هو الحال، فأنى يتلو الظلامَ فجرٌ تشرق معه شمس نهار جديد. إنما اللوم يحق، قولاً وفعلاً، على كل مُزيّن للناس سوء أفعال ليس يُقدم عليها سوى مَنْ ركب الرأسَ منه الغُرور، فمشى في طريق الغَرور. إن إزهاق أنفس مصلين داخل كنائس، أو مسجد، أو كنيس، فعلٌ لن يسرّ إلا الشيطان، العدو الأول لخالق الكون، للأنبياء والرسل أجمعين، وللعباد المُخلصين دينهم لله وحده، لا لجماعة، ولا لحزب، ولا لحركة، ولا حتى لأي طائفة. الله هو ربُّ العباد كلهم، إله الناس جميعهم، من كل جنس ولون وعرق ودين، فمم إذن أتى شر إبليس وذريته، المُبرِر ارتكاب جرائم إرهاب البشر باسم أي كتاب سماوي، وفي زماننا هذا، على وجه التحديد، باسم القرآن الكريم، ونبيّه الأمين؟

أتى من ذوي هوى سياسي أو عقائدي. يجترئ أحدهم، أو كثير منهم، فلا يخشى أن يستخدم القول الحق في أي شأن يخدم أهواءً تميزهم عن غيرهم من الناس، سواء كانت سياسية، أو حزبية، أو وظيفية، أو اجتماعية، أو مصلحية، أو حتى دينية. أولئك، في زمان تناسل الفتن هذا، هم، على الأرجح، الذين قال فيهم أصدق القائلين بوضوح صاعق: «أرأيت من اتخذ إلهَهُ هواهُ أفأنت تكون عليه وكيلا». (43 الفرقان). في كل مرة يصدم قبح الإرهاب المتلفح بدين الإسلام مجتمعات الكوكب كلها، وفي مقدمها كل مجتمع مسلم، يقول أغلب المصدومين ما معناه، إن الكيل قد طفح. نعم، صحيح، إنما ما القول الآن وأنت ترى فجور مزيّني الفعل الإرهابي يصل إلى حد فحش تجنيد أسرة من أب وأم وأطفالهما لارتكاب جُرم تفجير أنفسهم في ثلاث كنائس، وقبل أيام من بدء شهر رمضان الخير والتراحم بين الناس؟ هل الحوقلة، مع ضرورتها بالتأكيد، كافية في حد ذاتها؟ كلا، ذلك أن وصول جرائم التفجير الانتحارية باسم الدين الحنيف إلى هذا المستوى هو فجور فاق كل تصوّر حقاً. تُرى، أيقترب حال رسالة الحق المحمدية، من نبوءة نبيها الكريم: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء»؟ الله وحده الأعلم، لكن نعلم أيضاً أن النبي ما نطق عن الهوى، وأن يوماً عند الخالق بألف سنة مما يعد البشر. حقاً، ما أبشع فجور إرهاب قتل الأبرياء في معابدهم، وما أفظع جور محتل يرفض الإقرار بحق الفلسطينيين في أرض أجدادهم.

 نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب فاجر ومغتصب جائر إرهاب فاجر ومغتصب جائر



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon