توقيت القاهرة المحلي 02:23:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أكتوبر مصري... وآخر ليبي

  مصر اليوم -

أكتوبر مصري وآخر ليبي

بقلم:بكر عويضة

منذ عام، انطلق دونالد ترمب يضع خطط خوض معركة البقاء في البيت الأبيض أربع سنوات إضافية، هي فترة ولايته الثانية، فهل توقع أحد، آنذاك، أن رئيس الدولة الأقوى على سطح الأرض، سوف يقع في مصيدة فيروس «كورونا» فتنطلق التساؤلات بشأن مدى قدرته، صحياً، على مواصلة حملته الانتخابية؟ المفاجآت جزء أساس من قواميس ساسة كل زمان، وأي مكان. إذا لم يضع السياسي احتمال وقوع مفاجأة تفسد كل ما بنى من حسابات، فيستعد بتحضير بدائل، يكون أقرب إلى مغامر مبتدئ، وربما مقامر غبي، منه إلى صانع قرار يعمل وفق ما ينبئ به العقل الذكي. بيد أن ثمة مفاجآت تصعق، أحياناً، بفعل شدة صدمتها، حتى الجمع القريب من شخص صاحبها. شاءت لي أقدار تجربتي الصحافية أن أشهد واحدة من تلك الحالات. حدث ذلك يوم السابع من أكتوبر (تشرين أول) 1973. كنت مع عدد من الزملاء والزميلات بمقر جريدة «البلاغ» في طرابلس، نستمع إلى خطاب للعقيد معمر القذافي. فوجئ الجميع، وربما فوجئت أكثر من غيري، أن العقيد بدأ الخطاب غاضباً، بل بدا كأنه في حالة غضب مع نفسه، إذ طفق يصرخ موجهاً الكلام للضباط والجنود المصريين زاعماً أنهم وقعوا في فخ «مؤامرة»، وأنهم يخوضون «حرب تحريك» هدفها بدء عملية استسلام لإسرائيل.
ليس من السهل أن أنسى وقع ما كنت أسمع، وتأثير صدمة صراخ القذافي يومذاك على جميع الذين كانوا حولي، إذ كانت «البلاغ»، منذ أصدرها علي عبد الله وريث (1963) منبراً للتيار العروبي، وبعد رحيله في حادث سير (14/8/1970) واصل أصدقاؤه الذين تولوا شأنها، من بعده، يتقدمهم المحامي إبراهيم بشير الغويل، السير على النهج ذاته، وبالتالي، بدا واضحاً للجميع أن كلام القذافي الصاعق إحباط فظيع لكل ضباط الجيش المصري وجنوده، ولمصر كلها، ثم أبعد منها، إذ أن انتصار السادس من أكتوبر 1973 كان يوم فخر في مختلف أنحاء العالم العربي، بل بين العرب عموماً، بكل ديار اغتراب وجدوا فيها على سطح الأرض يومذاك، بعدما ساد من إحساس تشاؤم ويأس سكن نفوس العرب المنكسرة بأحزان هزيمة خامس يونيو (حزيران) 1967.
لم يمض طويل زمن حتى بدأ يتضح لي، عبر ما سمعت بعيداً عن دار «البلاغ»، وليس في داخلها، سبب ما اجتاح العقيد القذافي من غضب إزاء شخص الرئيس أنور السادات، أولاً، ثم كبار ضباط الجيش المصري، ثانياً. منشأ الغضب أساساً أن الرئيس السادات لم يطلع القذافي على ساعة الصفر قبل أن توجه مصر ضربة العبور المفاجئة. عاتب القذافي الرئيس السادات في اتصال هاتفي سريع يوم توجيه الضربة، ثم طلب أن يجري ربط إذاعة ليبيا مع الإذاعات المصرية كافةً في اليوم التالي، حتى تنقل خطاب تهنئة بالانتصار. السادات الواثق، والمنتصر، وافق. العقيد الغاضب خادع. أراد الانتقام. مع ذلك، ترفع الرئيس المصري عن النزول إلى ميدان منازلة في غير موقعها، فلم يصدر عنه كثير كلام رداً على تهجم العقيد، بل لم يمنع طائرته من الهبوط في مطار ألماظة العسكري بعد أيام، وتوجهه مباشرة إلى غرفة العمليات، إنما حال المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية المصري آنذاك، بينه وبين دخولها.
سادس أكتوبر 1973 المصري، كان بالفعل فخراً لكل العرب. وخطاب العقيد القذافي يوم سابع أكتوبر من العام ذاته، كان صاعقاً لكل من انتظر لحظة انتصار عربية. لكن أكتوبر الليبي مليء بتواريخ تشد الأنظار. يوم العاشر من الشهر والعام نفسه (10/10/1973) جرى تأميم كل صحف القطاع الخاص في ليبيا، فسلم المحامي إبراهيم الغويل مفاتيح «البلاغ» إلى المؤسسة العامة للصحافة، وتسلم سالم والي رئاسة التحرير من عبد اللطيف بوشويرف. إن ترجع بالسنين أكثر، سوف يظهر لك سابع أكتوبر من عام 1951، الذي كان يوم إعلان الدستور الليبي. إذا مشيت إلى الأمام ثلاثين عاماً، من ذلك اليوم، تطلع على سابع أكتوبر 1981 عندما أعلن محمد بن غلبون تأسيس الاتحاد الدستوري، بقصد تشكيل نواة عمل سياسي مستقل، لكن مجرد التثبث باستقلالية العمل وضع الكثير من العقبات على الطريق. حين تصل إلى العشرين من أكتوبر 2011 سوف تتذكر، مذهولاً، كيف انتهى معمر القذافي إلى بئس المصير. صواب أم خطأ؟ ذلك موضوع يحتاج إلى مقال آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكتوبر مصري وآخر ليبي أكتوبر مصري وآخر ليبي



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon