توقيت القاهرة المحلي 08:32:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شكراً ناتالي بورتمان

  مصر اليوم -

شكراً ناتالي بورتمان

بقلم - بكر عويضة

أنْ تقرر أي شخصية لها حضور فاعل في المحافل الدولية اتخاذ موقف يقول لدولة إسرائيل ما معناه: «شكراً، ولكن لا»، ليس بالأمر السهل. الشكر مقابل التكريم تصرّف ينم - وفق كل الثقافات والأعراف - عن خلق قويم. وإذ ذاك، هو سلوك مطلوب. لذا، تجدني أتوقف، أحياناً، أمام عبارة «لا شكرَ على واجبٍ» رداً على شخص يشكر من أدى عملاً. الحق أن الشكر واجبٌ، وورد في أثر السلف ما مضمونه، أن المستكبر عن شكر المخلوق، إنما يستكبر عن شكر الخالق. أما إرفاق تقدير التكريم بموقف يعبِّر عن رفض سلوك المُكرِّم في ميدان ما، ففيه إقدامٌ ليس يقدر عليه سوى مَن امتلك شجاعة الفرسان في إحقاق ما هو حق، والقول «لا»، لكل ما بُني على باطل. بالطبع، يتوقف الأمر على مفهوم الحق والباطل عند الأمم. تراث البشرية زاخر بالتباين إزاء ذلك الفهم. لكن المهم أن فضاء الحوار بين البشر يتسع لتحاور الأطراف المختلفة حول مساحات التباين، بقصد تقريب المسافات، والاتفاق على حد أدنى يحترم، في أول المطاف وآخره، آدمية الإنسان.

ضمن هذا السياق، أول ما يجب أن يقال من قِبل العرب للشابة الأميركية ناتالي بورتمان هو «شكراً». قرار الممثلة المعروفة دولياً، والفائزة بأوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «البجعة السوداء»، رفض حضور حفل توزيع جوائز «غينيسيس برايز» في إسرائيل، وتسلم جائزة قيمتها مليون دولار، احتجاجاً على إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على الفلسطينيين، هو موقف يستحق أكثر من مجرد ملايين كلمات الشكر. الحق أنه جدير بفهم فلسطيني أولاً، وعربي - إسلامي ثانياً، لأهمية وقوف شخصيات عالمية، خارج الميدان السياسي، ضد تمادي إسرائيل الدولة، حكومةً وساسةً وأحزاباً، ومن ثم مؤسستها العسكرية، في ممارسة ظلم ما عاد ممكناً - في عالم متغيّر بسرعة ذبذبات أمواج الإنترنت - أن يمر بلا محاسبة، حتى لو أتت العواقب ضارة بمن جرؤ على قولٍ يحاسِب ويسأل.

وهل من عواقب؟ بالتأكيد، خصوصاً إذ يتعلق الأمر بإسرائيل وسطوة ما تملك من «جماعات ضغط» لكل منها نفوذ مؤثر في مجال تخصصها. معروف لكل متابع حجم تأثير العلاقات العامة في مجالات الإبداع كلها، وخصوصاً في الوسط الهوليوودي. الأرجح، إذن، أنه ليس من مبالغة في القول إن موقف ناتالي بورتمان الرافض للسلوك الإسرائيلي سوف تكون له توابع قد تؤذي عملها، وتحول بينها وبين عروض جديدة، أو ربما تأدية أدوار رئيسية أمام ممثلين لهم مكانة متميزة عالمياً. المفارقة في هذا السياق هي أن كونها إسرائيلية الأصل لن يشفع لها، بل الأرجح أن يؤجج الغضب تجاهها على نحو يؤدي إلى تردد أي منتج أو مخرج في التعامل معها، تجنباً لردود فعل «اللوبي» المتعاطف مع إسرائيل.

تستحق ناتالي بورتمان التقدير أيضاً، ليس فحسب لأنها رفضت الجائزة الإسرائيلية، بل لمواقف تُحسب لها في المواجهة مع وحوش داء التحرش بالنساء، الذي أعطته، بحق، صفة «إرهاب جنسي». ولافت للنظر أن يصدر عن شابة تنتمي للثقافة الغربية كلام من قبيل أن النظرة الجنسية لها عندما كانت تمر بمرحلة المراهقة، جعلتها تفكر جيداً قبل الموافقة على أي دور يُعرض عليها، ثم إن النظر إليها بشهوانية من قبل بعض الرجال، جعلها تشعر بضرورة ستر جسدها والتحكم في مسار عملها.

يبقى التمني أن ينتبه ممارسو الرفض الخطابي بالعالم العربي، إلى أن مواقف ناتالي بورتمان، وغيرها من شخصيات لها أدوارها الفاعلة على المسرح العالمي، تظل أهم بكثير وأجدى عندما يتعلق الأمر بكشف سوء التصرفات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين. وبقدر ما أن خطاب ممارسي الزعيق عبر منصات الإعلام العربي مكرر، وليس من صدى له، بقدر ما أن كل صرخة ضمير لكل شخصية عالمية سوف تلفت النظر، وتشد الاهتمام، وتستحق، بالتأكيد، كل احترام وتقدير.

نقلا عن اشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكراً ناتالي بورتمان شكراً ناتالي بورتمان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon