توقيت القاهرة المحلي 07:22:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دولة في غزة كُبرى؟

  مصر اليوم -

دولة في غزة كُبرى

بقلم - بكر عويضة

عتبَ صديقٌ أقدِّر رأيه، فقال إن مقال الأربعاء الماضي ذهب بعيداً، فاهتم بجديد أحوال أميركا، وترك جانباً تجدد قديم أهوال ما يعاني أهل قطاع غزة، في ضوء ما اشتعل من مواجهات بين جُند حركة «حماس»، وجيش دولة إسرائيل. عتبٌ مقبول، لكن الواقع يقول إن معاناة بسطاء ناس غزة مع بقايا الاحتلال الإسرائيلي، تُضاف إليها إحباطات الحصار المفروض على القطاع، لن تختفي من «رادارات» الأخبار على مدار الأربع والعشرين ساعة بمختلف أنحاء الأرض، على الأقل إلى أن يتم التوافق على حلٍ ما.

بيد أن التساؤل، الذي لن يختفي هو الآخر، يخص تحديد المعنيين بالتوصل إلى تفاهم بشأن ما يُمكن عدّه أعقد ما شهدته صراعات البشر وحروبهم بعضهم ضد بعض. يكفي التوقف قليلاً أمام الاختلاف حتى فيما يتعلق بالتسميات. مثلاً؛ إذا قال فريق إنه فقط صراع فلسطيني - إسرائيلي بوسع الشعبين، إذا أخلص الجميع النِيّات، التوصل إلى سلام بينهما ينهيه، سارع الناطقون بمنطق قومي إلى القول بغضب ساطع إنه صراع عربي - صهيوني يخص العرب من المحيط إلى الخليج. في المقابل، سوف ينهض آخرون بصيحة رفض للطرفين؛ إذ تراهم يصرّون، وفق منهج يؤمنون به، على أن كل فلسطين «أرض المَحشر والرباط»، وإلى ذلك فهي «وقف إسلامي»، وبالتالي فالصراع بين مجمل العالم الإسلامي وبين كل بني إسرائيل، مما يعني أن أي مساس بذلك الفهم مرفوض، لأنه يعني المس بما هو مقدس، وفق منهجهم ذاك.

معروف أن اختلاف الرؤى هذا بشأن وضع فلسطين قائم بين القوى والأحزاب والمنظمات؛ فلسطينياً وعربياً وإسلامياً، منذ زمن بعيد. في الضفة الإسرائيلية أيضاً، هناك اختلافات عدة في الشأن ذاته، تتراوح بين أقصى اليمين المتطرف واليمين المعتدل، وبينهما تيارات الوسط الليبرالي أو العِلماني. الأرجح أن كل هذا الاختلاف القائم، على الضفتين، باقٍ إلى قيام الساعة. ثمة تساؤل بسيط يُثار هنا: هل من الضروري أن تعاني الغالبية العظمى من الناس فقط بسبب اختلاف الرؤى ذاك؟ كما قيل من قبل، غالباً ما يُرمى كل من يثير تساؤلاً كهذا بشتى أنواع الاتهامات الجاهزة، من نوع «التفريط»، و«الاستسلام»، و«التطبيع»، وربما يصل الأمر إلى الرمي بحجر «الخيانة»، لمجرد أن من اجتهد فسأل أراد وضع كل اختلافات التنظير المنهجية جانباً، بقصد تقديم المسُتطاع إنجازه راهناً على ما يبدو أنه أقرب إلى المستحيل في المدى القريب، بل والبعيد أيضاً.
في هذا السياق، بدا مُحَيراً لمُتابعين كُثر، يمكنني القول إنني أحدهم، الانتقاد اللاذع الذي تعرضت له حركة «حماس» منذ أسابيع، لأنها رحبت بذراع مصرية مُدَت تجاهها، وبمساعٍ من جانب القاهرة مع تل أبيب، بقصد تحقيق تهدئة بين كلا الطرفين، تخفف معاناة أهل القطاع وتفتح الطريق لتفاهم أوسع بشأن مستقبل وضع غزة ككل. بالطبع، أكثر النقد شدة صدر عن ساسة متنفذين في قيادات حركة «فتح»، ومعهم مَن يواليهم. هذا أمر مُتوقّع، بل هو مفهوم لكل من يفهم سمات التنافر المزمن الذي يحكم علاقات الساسة الفلسطينيين، والذي يبدو أحياناً على طريقة النفور بين «الضراير» داخل البيت. لكن غير المفهوم، خصوصاً للمراقب المحايد، هو التسرّع الذي عمد إلى ضرب «حماس» بطوب التورط في تنفيذ ما تسمى «صفقة القرن»، من منطلق تخيّل أن أول طريق ذلك المخطط هو توسيع مساحة القطاع بغرض إنشاء «غزة الكبرى»، التي سوف تتمدد داخل أرضٍ مصرية. وهناك من شطح في الخيال فذهب إلى الزعم بأن خطط الفصل النهائي بين رام الله وغزة جاهزة، في انتظار إعلان قيام «دولة غزة الكبرى». الحق أنني أغبط البعض على ما يمتلك من «شجاعة» تأكيد ما سيقع على أرض الواقع في ضوء ما يتصوّر.

من منظور شخصي، لست أتفق مع سياسات «حماس» الراهنة، أو مواقف حركة «الجهاد»، ولا مع أجندة أي منهما بعيدة المدى، بل اعتقدت دائماً أن أفضل موقع لهما، هو البقاء ضمن صفوف معارضة تراقب برويّة، وتنصح بتعقل، وتستنكف عن طموح الحكم وبريق التحكّم. لكن، ما دام أن ما حصل قد حصل، ولأن «فتح» رضيت من الأساس بالتعامل مع «حماس» كشريك، فأقل المطلوب هو التروّي قبل إطلاق صفارات إنذار تتخيل غارات وهمية على وشك الوقوع، مثل قرب قيام دولة «غزة الكبرى». يبقى أن الموضوع ربما يستحق عودة ثانية في أسبوع مقبل.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة في غزة كُبرى دولة في غزة كُبرى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon