توقيت القاهرة المحلي 06:41:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وعد بريطاني ينصف الفلسطيني

  مصر اليوم -

وعد بريطاني ينصف الفلسطيني

بقلم - بكر عويضة

يهل نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 شاسع الاختلاف عن سميه في عام 1917، بالطبع، وهل يتوقف الزمان كي يطلع الزمنان على الناس وكأن شيئاً لم يكن؟ كلا، من المستحيل حدوث ذلك. الدليل ساطع أمام أعين جميع البشر، بالمشارق والمغارب، وهو حاضر في غير مَثل. هذه بريطانيا، مثلاً، المُوقِع مُواطنها آرثر بلفور في مِثل هذا اليوم، قبل قرن وخمس سنوات، على إعلان يحمل اسمه، إذ هو زمنذاك وزير خارجيتها، يتضمن وعداً بتسهيل قيام «وطن قومي لليهود» في فلسطين، بريطانيا تلك تراها اليوم تمر بأحداث جسام، بدءاً من رحيل ملكتها إليزابيث الثانية، وتولي المُلك بعدها الملك تشارلز الثالث، مروراً بتقلب زعامة حزب «المحافظين»، وبالتالي رئاسة حكومتها، بين أيدي أكثر من سياسي خلال بضع سنوات، وصولاً إلى إثارتها الجدل بشأن مستوى مشاركتها في قمة المناخ المنعقدة في شرم الشيخ بدءاً من الأحد المقبل.
كم مِن مرة جرى فيها استحضار التساؤل الشائع عما إذا كان «التاريخ يكرر نفسه»، لأن الحدث استدعى تقليب صفحات مما مضى من أحداث متشابهات؟ كثيراً، ولئن استعصى التوصل إلى الجواب الحاسم، فإن الحل التوافقي تمثل في القبول بأن التاريخ إن لم يكرر ذاته، فإن استنساخ شخوص الماضي، أو وقائع منه، أو نفض الغبار عن سحيق القِدم من نصوص وثائق، بغرض إعادة صياغتها في قالب جديد ومقبول، ممكن الحدوث، إما إرادياً، أو إجباراً، وإما فرضاً، بحكم أمر واقع مُتوارَث، أو افتراضياً للانسجام مع متطلبات عالم افتراضي يصنع المستقبل. حسناً، ما دام أن هكذا توافق قائم، ما الذي يمنع صدور إعلان بريطاني على غرار «إعلان بلفور»، يكون اسمه «إعلان تشارلز»، ويستعير من الصيغة البلفورية ما مضمونه؛ أن حكومته تنظر بعين العطف إلى أماني الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، فوق أرض فلسطين، وأنها سوف تبذل أقصى جهدها لمساعدته في تحقيق أمانيه تلك؟
المنطق يفترض ألا يكون هناك مانع يحول دون صدور إعلان بريطاني يعيد تذكير إسرائيل وغيرها، بالتزام المملكة المتحدة ضمان حقوق الفلسطينيين، وهو التزام ورد في صيغة إعلان بلفور كما يلي: «على أن يُفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين». عن قصد، اكتنف الغموض النص البلفوري بشأن حقوق غير اليهود، فسماهم «الطوائف غير اليهودية»، في حين أنهم مواطنون في أرض وطنهم فلسطين. معروف أن هذا التلاعب فن اشتهر بإجادته ساسة بريطانيون كثر، من أشهرهم اللورد كارادون، واضع نص قرار مجلس الأمن 242 الذي اشتُهر بتضمين النص الإنجليزي دعوة إسرائيل إلى الانسحاب مما احتلت من «أراض» عربية، عوض «الأراضي» العربية التي احتلتها.
ثمة عوامل ثلاثة قد تمهد الطريق أمام صدور وعد بريطاني منصف للحق الفلسطيني. أولها أن اعتلاء الملك تشارلز الثالث عرش مملكته، يشكل في حد ذاته مناسبة ليس فقط لتصحيح مسار تنفيذ «وعد بلفور» على الأرض الفلسطينية، بل أيضاً بغرض التراجع عن خطيئة الانسحاب الذي أنهى الانتداب البريطاني على فلسطين وفق شروط كانت كلها تصب في صالح منظمات صهيونية أصاب إرهابها المسلح الجنود البريطانيين أنفسهم، وبالتالي سهل ذلك الانسحاب الأحادي، بل سرع إعلان إنشاء إسرائيل كدولة. ثاني العوامل يتمثل في أن أفراد آل وندسور، احتفظوا دائماً بمسافة تفصل بينهم وبين صريح الاعتراف بالأمر الواقع على أرض فلسطين. الدليل الأهم على ما سبق يتمثل في امتناع الملكة إليزابيث الثانية عن زيارة إسرائيل. صحيح أن عدداً من أفراد الأسرة أقدموا على الزيارة، لكن تلك الزيارات لم تبدد واقع التردد بشأن علاقات آل وندسور مع إسرائيل الدولة.
ثالث العوامل المشار إليها أعلاه، يتمثل في حقيقة أن إيقاع التغير الواقع في العالم يمضي بأسرع مما توقع كثيرون، وفي مقدمهم صناع القرار في كبريات الدول، ومنها بريطانيا. هذا التغيير سوف يشمل، عاجلاً أو آجلاً، إعادة نظر عواصم اتخاذ القرارات الدولية في أساليب تعاملها مع شعوب الدول الأضعف إمكانات، والأقل حظاً في الثروات، وتلك التي ظُلمت بحرمانها من حقوقها في حياة طبيعية كغيرها من البشر، كما الظلم الواقع على الفلسطيني منذ صدر وعد بلفور، ولم يزل واقعاً، ولو بدرجات متفاوتة، حتى الآن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وعد بريطاني ينصف الفلسطيني وعد بريطاني ينصف الفلسطيني



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon