توقيت القاهرة المحلي 03:23:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وعد بريطاني ينصف الفلسطيني

  مصر اليوم -

وعد بريطاني ينصف الفلسطيني

بقلم - بكر عويضة

يهل نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 شاسع الاختلاف عن سميه في عام 1917، بالطبع، وهل يتوقف الزمان كي يطلع الزمنان على الناس وكأن شيئاً لم يكن؟ كلا، من المستحيل حدوث ذلك. الدليل ساطع أمام أعين جميع البشر، بالمشارق والمغارب، وهو حاضر في غير مَثل. هذه بريطانيا، مثلاً، المُوقِع مُواطنها آرثر بلفور في مِثل هذا اليوم، قبل قرن وخمس سنوات، على إعلان يحمل اسمه، إذ هو زمنذاك وزير خارجيتها، يتضمن وعداً بتسهيل قيام «وطن قومي لليهود» في فلسطين، بريطانيا تلك تراها اليوم تمر بأحداث جسام، بدءاً من رحيل ملكتها إليزابيث الثانية، وتولي المُلك بعدها الملك تشارلز الثالث، مروراً بتقلب زعامة حزب «المحافظين»، وبالتالي رئاسة حكومتها، بين أيدي أكثر من سياسي خلال بضع سنوات، وصولاً إلى إثارتها الجدل بشأن مستوى مشاركتها في قمة المناخ المنعقدة في شرم الشيخ بدءاً من الأحد المقبل.
كم مِن مرة جرى فيها استحضار التساؤل الشائع عما إذا كان «التاريخ يكرر نفسه»، لأن الحدث استدعى تقليب صفحات مما مضى من أحداث متشابهات؟ كثيراً، ولئن استعصى التوصل إلى الجواب الحاسم، فإن الحل التوافقي تمثل في القبول بأن التاريخ إن لم يكرر ذاته، فإن استنساخ شخوص الماضي، أو وقائع منه، أو نفض الغبار عن سحيق القِدم من نصوص وثائق، بغرض إعادة صياغتها في قالب جديد ومقبول، ممكن الحدوث، إما إرادياً، أو إجباراً، وإما فرضاً، بحكم أمر واقع مُتوارَث، أو افتراضياً للانسجام مع متطلبات عالم افتراضي يصنع المستقبل. حسناً، ما دام أن هكذا توافق قائم، ما الذي يمنع صدور إعلان بريطاني على غرار «إعلان بلفور»، يكون اسمه «إعلان تشارلز»، ويستعير من الصيغة البلفورية ما مضمونه؛ أن حكومته تنظر بعين العطف إلى أماني الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، فوق أرض فلسطين، وأنها سوف تبذل أقصى جهدها لمساعدته في تحقيق أمانيه تلك؟
المنطق يفترض ألا يكون هناك مانع يحول دون صدور إعلان بريطاني يعيد تذكير إسرائيل وغيرها، بالتزام المملكة المتحدة ضمان حقوق الفلسطينيين، وهو التزام ورد في صيغة إعلان بلفور كما يلي: «على أن يُفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين». عن قصد، اكتنف الغموض النص البلفوري بشأن حقوق غير اليهود، فسماهم «الطوائف غير اليهودية»، في حين أنهم مواطنون في أرض وطنهم فلسطين. معروف أن هذا التلاعب فن اشتهر بإجادته ساسة بريطانيون كثر، من أشهرهم اللورد كارادون، واضع نص قرار مجلس الأمن 242 الذي اشتُهر بتضمين النص الإنجليزي دعوة إسرائيل إلى الانسحاب مما احتلت من «أراض» عربية، عوض «الأراضي» العربية التي احتلتها.
ثمة عوامل ثلاثة قد تمهد الطريق أمام صدور وعد بريطاني منصف للحق الفلسطيني. أولها أن اعتلاء الملك تشارلز الثالث عرش مملكته، يشكل في حد ذاته مناسبة ليس فقط لتصحيح مسار تنفيذ «وعد بلفور» على الأرض الفلسطينية، بل أيضاً بغرض التراجع عن خطيئة الانسحاب الذي أنهى الانتداب البريطاني على فلسطين وفق شروط كانت كلها تصب في صالح منظمات صهيونية أصاب إرهابها المسلح الجنود البريطانيين أنفسهم، وبالتالي سهل ذلك الانسحاب الأحادي، بل سرع إعلان إنشاء إسرائيل كدولة. ثاني العوامل يتمثل في أن أفراد آل وندسور، احتفظوا دائماً بمسافة تفصل بينهم وبين صريح الاعتراف بالأمر الواقع على أرض فلسطين. الدليل الأهم على ما سبق يتمثل في امتناع الملكة إليزابيث الثانية عن زيارة إسرائيل. صحيح أن عدداً من أفراد الأسرة أقدموا على الزيارة، لكن تلك الزيارات لم تبدد واقع التردد بشأن علاقات آل وندسور مع إسرائيل الدولة.
ثالث العوامل المشار إليها أعلاه، يتمثل في حقيقة أن إيقاع التغير الواقع في العالم يمضي بأسرع مما توقع كثيرون، وفي مقدمهم صناع القرار في كبريات الدول، ومنها بريطانيا. هذا التغيير سوف يشمل، عاجلاً أو آجلاً، إعادة نظر عواصم اتخاذ القرارات الدولية في أساليب تعاملها مع شعوب الدول الأضعف إمكانات، والأقل حظاً في الثروات، وتلك التي ظُلمت بحرمانها من حقوقها في حياة طبيعية كغيرها من البشر، كما الظلم الواقع على الفلسطيني منذ صدر وعد بلفور، ولم يزل واقعاً، ولو بدرجات متفاوتة، حتى الآن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وعد بريطاني ينصف الفلسطيني وعد بريطاني ينصف الفلسطيني



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon